مباراة في وقت الجمعة ووقف الكرة لأجل أعياد الميلاد.. أي تبليغ تنشده الأوقاف؟!

26 ديسمبر 2025 10:26

مباراة في وقت الجمعة ووقف الكرة لأجل أعياد الميلاد.. أي تبليغ تنشده الأوقاف؟!

هوية بريس – متابعات

في سياق الجدل الذي رافق برمجة بعض مباريات كأس إفريقيا للأمم المقامة بالمغرب في توقيت صلاة الجمعة، تساءل الدكتور البشير عصام المراكشي من خلال تدوينة له: “في إطار تسديد التبليغ، المرجو من علمائنا الرسميين “الأفاضل” (الذين ليسوا من الخوارج طبعا!) أن يبينوا لنا حكم إجراء مباراة كروية في المغرب وقت صلاة الجمعة بالضبط، مع وقف جميع المباريات استثناء يوم 25 دسمبر لأجل الميلاد؟”.

تدوينة الفقيه المغربي أعادت إلى الواجهة أسئلة مؤجلة حول حدود تسديد التبليغ، ودور وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في مواكبة حدث رياضي قاري ضخم، لا باعتباره مجرد تظاهرة كروية، بل باعتباره فضاء اجتماعيا وقيميا له امتداداته الدينية والأخلاقية.

ما طرحه الدكتور البشير لم يكن مجرد استفزاز عابر، بل إشكال حقيقي يتقاطع فيه الديني بالرياضي، والشرعي بالتنظيمي، والرمزي بالسيادي. فتنظيم أي مباراة، كما أشار، يقوم عليه مسلمون، سواء كانوا إداريين أو تقنيين أو عمالا، حتى وإن كان اللاعبون من دول غير مسلمة، ما يجعل مسألة التوقيت مرتبطة بشكل مباشر بحق فريضة الجمعة، لا من زاوية الوعظ والتوجيه بالخطبة فقط، بل من زاوية التدبير العمومي واحترام الشعائر الدينية في الفضاء العام.

تفاعلات المعلقين على التدوينة كشفت بدورها عمق الإشكال واتساعه. فمنهم من ربط المسألة بواقع عملي يعيشه عدد من الأساتذة في التعليم الابتدائي، الذين لا يؤدون صلاة الجمعة بسبب ضغط إداري واستفسارات مرتبطة بالخروج المبكر، معتبرا أن من لا يحترم الجمعة في المدرسة لن يستغرب منه أن يبرمج مباراة في وقتها. ومنهم من ذهب أبعد، بلغة ساخرة، متحدثا عن “الشطر الثاني من خطة تسديد التبليغ”، أي الانتقال من تسديد الخطاب إلى “تبليغ التسديد”، عبر تعليم الأئمة والخطباء وطلبة العلم طرائق تسديد الكرة، ومشاهدة مباريات كأس إفريقيا، في مفارقة تعكس شعورا متناميا بأن الخطة الدعوية الرسمية تحولت، في نظر فئات واسعة، إلى مادة للتندر بدل أن تكون إطارا للإقناع والتأطير.

هذا الجدل لا يمكن فصله عما سبق ونبهت إليه “هوية بريس” في مقالها الموسوم بـ”غياب الأوقاف عن الموعد الدعوي.. كأس إفريقيا اختبار ضائع للتبليغ الديني بالمغرب”، حيث تم تسجيل غياب لافت لوزارة الأوقاف عن هذه التظاهرة، في وقت استنفرت فيه باقي القطاعات مواردها وإمكانياتها. فهل تملك الوزارة تصورا دعويا مواكبا للأحداث الكبرى، أم أن تسديد التبليغ ظل محصورا في ضبط المنابر وإدارة الخطباء؟

كأس إفريقيا، كما سبق التأكيد، ليست مجرد مباريات ونتائج، بل حدث قاري ضخم يستقطب مئات الآلاف من الزوار من ثقافات وديانات متعددة، ويضع المغرب في واجهة إعلامية وإنسانية غير مسبوقة. وهو ما يفرض، منطقيا، حضورا دينيا مؤسساتيا يراعي حقوق المسلمين في أداء شعائرهم، ويستثمر المناسبة في تقديم صورة الإسلام بالمغرب المتسم بالوسطية والانفتاح.

غير أن برمجة مباريات في وقت صلاة الجمعة، في مقابل مراعاة أعياد غير المسلمين، أعادت طرح سؤال الأولويات والرسائل الرمزية التي تُبعث إلى الداخل والخارج. فالقضية هنا لا تتعلق بالمقارنة بين الإسلام وغيره، بقدر ما تتعلق بالانسجام بين الخطاب الرسمي حول مركزية الدين في الهوية المغربية، والممارسة التنظيمية التي قد تُفهم، عن قصد أو غير قصد، على أنها تهميش لرمزية ومركزية الجمعة.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
15°
15°
السبت
15°
أحد
15°
الإثنين
15°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة