الاختراق الأجنبي لمؤسسات «المجتمع المدني».. الخطر واللامبالاة
هوية بريس – ذ. إبراهيم الطالب
وفق تصريح سابق لعبد العزيز عماري الوزير المغربي المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني في شهر مارس المنصرم يبلغ عدد الجمعيات في المغرب 130 ألف جمعية، تشتغل في ميادين مختلفة ومتنوعة بتنوع واختلاف مناحي الحياة، الأمر الذي يجعل لهذه الجمعيات دورا حساسا وخطيرا على البنيات الاجتماعية والثقافية والعقدية والسياسية.
ويزيد من أهمية وخطورة مكانة النسيج الجمعوي بالمغرب، تلك القوة التي منحها له دستور 2011، وكذا ما أسفر عنه الحوار الوطني المتعلق بالمجتمع المدني الذي بلور قوانين يُجمع المتابعون ألا مثيل لها في الدول العربية.
لكن تبقى مكامن الخطورة التي يشكلها دور النسيج الجمعوي المغربي في سهولة اختراقه، واستغلاله من طرف الأجنبي.
صحيح أننا رأينا جدلا واسعا في سنة 2014 دار حول التمويلات الأجنبية للمجتمع المدني في المغرب، لكن هذا الجدل لم تكن وراءه إرادة سياسية لضبط المجال، كما لم يكن الباعث عليه الإحساس بالخطر، بل كل ما كان هو تصفية لحسابات سياسية، الأمر الذي يزيد من حجم المأساة ويضاعف الخطر.
خصوصا إذا علمنا أن الدول الغربية المهيمنة على اقتصاديات العالم تنفق مليارات الدولارات على المؤسسات الجمعوية في بلدان المسلمين حتى توجه المجتمعات وفق الاتجاه الذي يخدم مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية، فهي لا تتصدق علينا لوجه الله ولا لسواد عيوننا وشعورنا.
فإن كانت هذه هي الحقيقة، فأين هي استراتيجيتنا في صد هذا الاختراق؟
وهل يمكن الحديث عن وجود اهتمام لدى أحزابنا أو مراكز دراساتنا -على ندرتها- بهذه المعضلة التي تعتبر البوابة الرئيسية التي ينفذ منها كل الأعداء المتربصين بمستقبل البلاد والعباد؟؟؟
إن الاختراق الأجنبي الفعلي على أرض الواقع لمؤسسات المجتمع المدني يبقى من الطابوهات التي يتجنب السياسيون الحديث عنها، ويُكتفى فيها بمراقبة مصالح الاستخبارات والاستعلامات وتتبع عيون أعوان السلطة، في حين يجب أن يفتح هذا الملف على طاولة النقاش والدراسة، وهو جدير بأن يكون موضوع أطاريح تتناوله بالبحث الميداني، لتجمع شتات معلوماته الشحيحة.
قد يقلل البعض من أهمية هذا الاختراق الأجنبي وخصوصا ما تعلق منه بالجانب الاجتماعي والثقافي، ويعتبر هذا النوع من التفكير مجرد أثر لتضخم نظرية المؤامرة، لكن هذا الاستخفاف بهذا الخطر سببه انبهار السذج بالغطاء الذي يشتغل تحته المخترقون، وهو: مساندة الفقراء والمعوزين وتأهيل النساء في وضعية صعبة للخروج من فقرهن وجهلهن والتغلب على حاجتهن وعوزهن.
أما في الجانب الثقافي فيزين اختراقهم بزينة تشجيع الثقافة والفن وترسيخ قيم التسامح والتعايش، وتحت الغطاءين يتم إجراء أكبر عملية مسخ للمجتمع المغربي، حيث تستكمل الجيوش المدنية للحضارة الغربية مشروع العلمنة التي أرست قواعده الجيوش العسكرية.
فلئن كانت الجيوش العسكرية الغربية خلال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين قد استطاعت بالتدخل المباشر إلغاء الحكم بالشريعة الإسلامية وعلمنة دول المسلمين على مستوى الحكم والمؤسسات، فإن جيوشها المدنية في النصف الثاني من القرن العشرين وما انصرم من العقدين الأولين من القرن الحالي منهمكة في علمنة الشعوب، استكمالا لعملية الإلحاق الحضاري والثقافي لبلداننا بالحضارة الغربية العلمانية.
والتاريخ ينبئنا أن عمليات الاختراق الثقافي والاجتماعي التي نتحدث عنها لم تكن يوما بعيدة عن استراتيجيات حكومات الدول الغربية، فقد بدأت مع حملات الاستشراق الذي كان دوما يمشي جنبا إلى جنب مع الجيوش العسكرية.
العلامة محمود شاكر في الرسالة الماتعة التي لا يسع كل مثقف مسلم ألا يقرأها، والموسومة بـ”الطريق إلى ثقافتنا” ص 124 يقول فيها حاكيا عن المؤرخ الجبرتي الذي عاصر حملة نابوليون على مصر:
(وفي خلال هذه الفترة أيضاً، تكاثر عدد “المستشرقين” حَمَلة همومِ المسيحية الشمالية، وتوافدوا على مصر في كل زيٍّ: زي طلبة العلم والمعرفة، وزي السائح المتجول في ربوعها شمالا وجنوبا، وأخطرهم شأنا مَن لَبس منهم زيَّ أهل الإسلام، وجاور في الأزهر، ولازم حضور دروس المشايخ الكبار، وصلى مع أهل الإسلام وصام بصيامهم، وخالط جماهير طلبة الأزهر مسلما لا يرتاب فيه أحد، ولا يعرف أحد حقيقتَه أو أصلَ بلاده التي جاء منها، وإنما هو مسلم كسائر المسلمين الذين يجاورون في الأزهر من كل جنس ولون. وكثير من هؤلاء من أقام في دار الإسلام إقامة طويلة متوازية، كالمستشرق الداهية المحنك الخفي الوطء “فانتور”، الذي قضى أربعين سنة يتجول في دار الإسلام، والتحق بعدئذ بالحملة الفرنسية، فكان شيطان نابليون ومستشاره وخليله ونَجِيَّه الذي لا يفارقه في الحل والترحال.
وكان كما قال الجبرتي: “لبيبا متبحرا يعرف اللغات العربية والتركية والرومية والطلياني والفرنسي”. ومع أن الجبرتي الصغير لم يحدثنا عنهم قط في تاريخه قبل الحملة الفرنسية، لأنه كان غافلا كل الغفلة، إلا أنه حدثنا عنهم زمن الحملة الفرنسية” اهـ.
فهكذا تمت عمليات الاختراق الثقافي والاجتماعي في القرون التي كان لا يزال فيها الحكم للشريعة الإسلامية، وهكذا كانت الغفلة في المسلمين متمكنة حتى وجدوا أنفسهم تحت نظم الاحتلال الغربي لعقود طويلة.
أما اليوم وقد هيمنت الشريعة العلمانية وَيَا للأسف الشديد، فلم تعد الجيوش المدنية الغربية تحتاج إلى أن تلبس لباس المسلمين لأن المسلمين لبسوا بأجمعهم لباس الغرب، ولم تعد تلك الجيوش في حاجة للتستر والاختباء لأنها تدخل من أوسع الأبواب وتسلَّم لها مفاتيح المؤسسات الاجتماعية والثقافية، لتربي الأجيال المسلمة على “قيم الديمقراطية” التي لا تفرق بين الإيمان والكفر ولا بين المعروف والمنكر، حيث يلقن فيها أبناء المسلمين قيم التسامح والتعايش، التي تعتبر اللواط حرية فردية تجب كفالتها وحماية ممارسيها، ولا دخل للدين أو المجتمع بها كما تعتبر الإلحاد اختيارا يندرج تحت حرية الاعتقاد التي لا يجب أن يتدخل في ممارستها المجتمع أو الدولة، وكذلك الإجهاض وشرب الخمر وممارسة الزنا.. فقيم التسامح والتعايش وقيم الديمقراطية تؤكد على هذا وتشدد على اعتقاده اعتقادا جازما لا ينحل.
فهل بعد هذا يمكن الحديث عن مجتمع مغربي مسلم؟
ثم إن هذه الجيوش المدنية التي تزداد أعدادها كل سنة، ويتعمق تغلغلها في الجسم المغربي كل يوم، لا تكتفي بنشر تلكم القيم، بل تدرب المغاربة على نشرها في أقاربهم وعوائلهم ومحيطهم الضيق والموسع.
ولئن كان هذا الاختراق السافر للجيوش المدنية الغربية لا تظهر خطورته في ساعة الأمن والاستقرار إلا على مستوى سلوكيات وقناعات المغاربة، فإن خطره الداهم في ساعة العنف والفوضى يتمظهر في شكل مليشيات عسكرية وفق اصطفافات فكرية وعقدية تشتد اليوم تنظيميا في الخفاء لتخرج لا قدر الله في وقتها تهلك الحرث والنسل.
فإلى متى يبقى هذا الملف من الطابوهات التي يتجنب الحديث عنها بشكل جدي وعملي؟؟
وإلى متى نبقى نحسب أننا نخادع الغرب وهو في الحقيقة الذي يخدعنا، ونوهمه بلعب دور المنفتح الليبرالي الذي لا يضطهد الأفكار ويسمح بترويج المعتقدات كيف ما كانت وأيا كان معتنقوها؟؟
لقد بات خطرُ هذا الاختراق مدمرا للمجتمع المغربي حيث أصبحت منظمات التنصير -كمثال فقط- تشتغل على الخروج إلى العلن، بعد اشتغالها في السر عقودا مديدة، فمنذ أكثر من أربع سنوات ومجموعة من المنصرين الأفارقة تدعمهم السفارات الأجنبية والكنائس النصرانية، يضغطون عَلى السلطات المحلية من أجل الترخيص لهم في جمعيات تؤطر أشغال التنصير بحيث تقيم قداسات تستدعي إليها المغاربة المرتدين عن الإسلام لتوسيع قاعدتهم.
فهل من استفاقة للباحثين والسياسيين الذين يهمهم استمرار الحضارة المغربية، ودين الإسلام بالمغرب المسلم؟؟
وهل من تدبير محكم لهذا الملف يمنع وقوع الكارثة؟؟
هذا ما نرجوه…
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
جازاك الله خيرا على ما طرحته من أفكار. ولنا في السودان نموذج للاختراق الصليبي الصهيوني الذي كان من نتائجه بروز حركة تحرير جنوب السودان المعادية للاسلام وما تلقته من دغم من الغرب واسراءيل نتج عنه تقسيم السودان إلى دولتين . إنني لا استبشر خيرا حينما أرى تلك الإعلام التي يحملها صنف من دعاة الأمازيغية وما يصرحون به من عنصرية تجاه العرب والإسلام حيث هدد أحدهم بطرد العرب بالبارود
يا شيخ التطرف يولد التطرف وتصبح الحركة جدلية فمبالغة الشيعة في تقديس الاضرحة ولد الحركة الوهابية المتطرفة وتطرف السلفيين عندنا ولد التطرف العلماني وهو تطرف لا يليق بنا من الجانبين فتجد السلفي عندنا لا يتفاهم حتى مع اسرته فاحرى المجتمع والحركات التي لم تاخذ من العلمانية الا الدفاع عن المثليين هي الاخرى منبوذة في مجتمعنا
من خدعنا بالله انخدعنا له وهذا حالنا مع حركاتنا الاسلامية فعملهم هو الكلام وبتشنج معتقدين انهم مبشرون وهم منفرون ومن ان يضع احدهم لحية ويقرا بعض الكتب التي غطاها غبار السنين حتى يصبح وصيا على الدين ورايتهم في المجالس لا يرتاحون حتى يخنقوا الحاضرين بكلماتهم المطولة والتي تقتل عقل المسلم قتلا وفي المقابل المتطفلين على العلمانية والتي لم ياخذوا منها الا المظاهرات للدفاع على الشواذ فمن اراد اتيان رجل مثله من مخرج الغاءط فاليستتر وهو مريض فالكارثة عندما تريد النخبة المثقفة السماح بذلك علانية ولكن اتا متفاءل بان التاريخ سيرمي الطرفين