سفك الدماء المعنوية، من طرف مشايخ المدخلية مهيج للدماء الحسية، بدليل الملازمة الاعتيادية

هوية بريس – الشيخ الحسن الشنقيطي المغربي*

بسم الله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى

أما بعد:

فبعد مقتل الشهيد بإذن الله تعالى الشيخ الليبي نادر العمراني تقبله الله في مقعد صدق كريم ورفع درجته في عليين وإخوانه المشايخ ممن استشهد وقتل غدرا على يد هؤلاء العتاة الظالمين.

خرج علينا رأس المداخلة في مصر (رسلان) بتصريح مرئي ليبرئ نفسه مما نسبه اليه بعض تلامذته الليبيين في اشارة منه الى التنصل من دم الشيخ العمراني ومما يجري في ليبيا الجريحة مما أسهم فيه هو ورأس الفتنة الأكبر شيخه ربيع المدخلي بفتاويه المحرضة على قتل اهل السنة والجماعة في ليبيا وغيرها بدعوى انهم خوارج تكفيريون تحل دماؤهم، كما أسهم ثالثهم إمام الضلالة والحقد (الرضواني) الذي ما ترك عالما أو داعية على وجه الارض إلا طعنه ولمزه ومن دائرة أهل السنة أخرجه، أسهم في إذكاء وتنزيل فتاوى وفكر الشيخ الأكبر المجتهد إمام الجرح والتعديل زعموا، وصدق من قال: لقد هزلت حتى بدا من هزالها كلاها… حسبنا الله ونعم الوكيل…

أقول بعد هذا: بكل صراحة بعد طول نظر في كتب هذه الطائفة بجميع أنواعها وفصائلها حتى من يزعمون أنهم يخالفونها إلا أنهم في حقيقة الأمر لنفس التصورات يحملون، وعلى منهاجها يسيرون، ومن أثداء نفس الأم يرتضعون، وعلى تشابه في الأفراخ يفرخون وينجبون، لأنهم على اتفاق في الكليات الإقصائية، وإن اختلفوا في الجزئيات الشخصية طعنا وذما واخراجا من الدائرة السنية.

وبعد سماعي أيضا لكلامهم وتتبعي لأحوالهم منذ عقدين من الزمان، أقول لهم: إن من يبدع ويهجر ويخرج الخاصة قبل العامة من دائرة اهل السنة والجماعة ولا يعترف بالسواد الأعظم من الأمة بدعوى أنهم أشعرية أو اخوانية أو تبليغية أو غيرهم من الجماعات الاسلامية السنية ممن لم يخالفوا أصلا من أصول أهل السنة والجماعة تحقيقا لا تعليقا، قطعا لا ظنا، بعد ثبوت الحجج والبراهين وانتفاء الموانع، بارتفاع الجهالات وزوال الشبهات

من يصنع ذلك فقد ارتكب جرما أشد فداحة من سفك الدماء وقتل الأبرياء وازهاق أرواح العلماء، لأنه يلزم على مذهبكم لوازم عظيمة خطيرة، ذات مآلات عصيبة مريرة، على الأفراد والمجتمعات لو كنتم تدركون أيها الغارسون في قلوب أتباعكم الحقد والكراهية، والبراءة من كل عالم أو داعية، رسميين أو مستقلين، ما لم يدخلوا صندوق ثعبانيتكم، ويلجوا جيوب أفكاركم، ولو بتسخير أموالكم فحينئذ ترضون عنهم لأنهم قد حققوا البيعة والولاء، وجددوا الطاعة والوفاء، وما مؤتمر الكويت ببعيد، عن كل متأمل عاقل رشيد، أو لستم تربون الشباب على الجرأة على الفضلاء، وقلة الحياء مع الكبراء، وهجر العلماء والدعاة الصلحاء بدعوى نصرة سيد الأنبياء.

ألا ساء ما تعملون ولا حبذا ما تطرحون، وبئست الأجيال التي تنشئون وتخرجون، وأبشروا فأعداء الاسلام لمنهجكم ناصرون.. ولطرقكم السوداء معبدون، لأنكم قدمتم لهم ما هم عنه عاجزون..

فرقتم جماعة المسلمين.. وسفهتم أحلام العلماء الربانيين. ووقفتم في صفوف الحكام المستبدين المغتصبين ونصرتم في الانتخابات المصرية والليبية وغيرهما من الدول الإسلامية دعاة العلمنة والإباحية، رغبة منكم في مصالح متواضعة دينية، أو مقاصد زائفة دنيوية، فأين الموازنة الأصولية الشرعية؟؟؟ لقد ذهبت أدراج الرياح أمام العقلية المتحجرة النفعية، والنفسية المتسلطة الاقصائية، حسبنا الله ونعم الوكيل…

وعلى ضوء هذا التهييج منكم للشباب المتحمس بالتبرؤ من كل من ليس معكم أيها المتسلطون الأغمار، المبتدعون منهجا ما سبقكم إليه الصحابة الأخيار، ولا العلماء الربانيون الأبرار، (وحاشاهم من تبني النزق والعار) بل ما سبقكم إليه أحد من العالمين.. لا من الإنس ولا من الجن أجمعين.

أقول: بعد هذه الزلازل الفكرية الخطيرة التي غذيتموها والبراكين النفسية المتشنجة الملتهبة التي أشعلتموها.. والأصناف البشرية التي ربيتموها وشحنتموها، ماذا تريدون؟؟ وماذا عساكم تحصدون؟؟ إلا سفك الدماء الحسية البشرية، نتيجة لما سفكتموه طيلة أعوام من الدماء المعنوية، وما نهشتموه من الأعراض واللحوم الطاهرة النقية، بلا ورع ولا خوف من رب البرية…

وبناء عليه: فإن كثيرا من الشباب الذين نشأوا في جحوركم وتربوا في أحضان مدارسكم على السب والثلب؛ والجرح والقدح، والتنقيص والتنكيل، والتسلط والتدجيل، لو قيل لهم اضربوا أو اقتلوا هؤلاء المبتدعة الخوارج (كذبا وافتراء على الصالحين المصلحين) لما توقفوا إن سنحت لهم فرصة، ولا توانوا إن تأتى لهم موقف، لأنهم مارسوا ما دون ذلك في وجوه الصالحين بدماء باردة من تفل وبصاق، وتمعر وجوه وعبوسها وانقباض جباه وبسورها، ومارسوا قول الهجر والتطاول مع سوء الأدب والتهاجر، يفعلون ذلك تقربا لأن نفوسهم مهيأة من خلال الشحن الدائم والتحريض المتواصل على الحقد والكراهية والبراءة من المخالف، رغبة منهم في نصرة الكتاب والسنة، ومنهج سلف الأمة، كما خدعتموهم كثيرا بهذا الفكر الدخيل عبر مئات الدروس المقلقلة، والرسائل المدخولة المهلهلة…

وما فقدنا للشيخ العمراني… رحمه الله وأمثاله من المشايخ إلا بسبب هذا الشحن الخطير، والتنظير المدبر المبير، فلا داعي للتباكي الناشف البارد، والاعتذار المتهافت الشارد، عن دماء الشيخ الغالية بعد أن استنتجنا من خلال أصولكم المعوجة أن هذه الأحداث الأليمة نتائجها، واستبصرنا من خلال مناهجكم العقيمة أن الاعتداءات الحسية لوازمها!!!!

وأن العنف المعنوي يولد العنف المادي،

وأن الإجرام يصنع الإجرام،

و أن كثرة الضغط تولد الانفجار،

فأعدوا جوابا أمام الله العزيز الجبار…

فاعتبروا يا أولي الأبصار وكونوا على حذر من فكر هؤلاء الأغمار، وصونوا أولادكم وبلادكم، وحذروا أمتكم واخوانكم وأحبابكم، وحافظوا على منهج أجدادكم وأسلافكم، منهج الاعتدال والوسطية، المبني على التعاون على المتفق عليه بين أهل السنة في المسائل المرضية، والتحذير والتناصح بالحكمة في المسائل المحرمة الردية، ومراعاة آداب الخلاف في الامور الاجتهادية، والمجالسة للحوار مع سعة الصدور والرحابة النفسية، بدل التراشقات غير الرشيدة، والطعنات اللسانية الغادرة العنيدة.

وهذا النظر السديد هو مسلك علمائنا الكبار عبر الأزمنة والدهور، جمعا لكلمة الأمة وإبعادا لها عن المزالق والشرور، وسعيا منهم الى نبذ الفرقة والشتات، تحقيقا لأمر رب الأرض والسموات: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا..).

وخلاصة ما نريد إيصاله في هذا المقال هو أن الإجرام المعنوي بريد الإجرام المادي لو كانوا يعقلون وفقنا الله إلى العدل والإنصاف وأجارنا من الجور والاجحاف وختم لنا بالحسنى وزيادة، وجعلنا من أهل الشرف والسيادة، وحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من الفتن المادية والمعنوية إنه سبحانه ولي ذلك ومولاه، وصلى الله على محمد وءاله ومن اتبع هداه

أخوكم الحسن الشنقيطي المغربي عامله الله بعفوه وكرمه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* عضو مجلس إدارة ومدير لجنة الباحثين بمؤسسة ابن تاشفين للدراسات والأبحاث والإبداع.