مقارنة بين الإعلام العَلماني والإعلام الإسلامي
بوجمعة حدوش
هوية بريس – الجمعة 14 مارس 2014
1 ــ الإعلام العلماني
لا يخفى على أحد أن معظم برامج الإعلام العلماني المغربي يخاطب بالخصوص شهوات المشاهد والقارئ، ويدعوهم إلى الرذيلة والفسق والفجور، بينما من الناحية الدينية فإنه يحاول التستر على كثير من الأمور وتأويل أخرى أو نفيها أو التشكيك فيها، فالإعلام العلماني لا علاقة له بصلاة المشاهد وصيامه ولا بحجاب المشاهدة وعفتها، ما يهمه هو الكسب المادي وإن كان سبيله الانحراف عن الفطرة والاهتمام بالشهوات والملذات فقط.
“لذلك فللإعلام العلماني الحرية المطلقة في عمله ولا خطوط حمراء له، سواء تعرض للمقدسات أو الأديان أو الرموز الدينية، ولا ضير في إجراء تحقيق مع الشواذ والعاهرات والإشادة بهم، وعقد جلسات حوارية معهم، وفسح المجال أمامهم للتعبير عن آرائهم، ولا ضير في عرض الأفلام الإباحية أو رجل يقبل المرأة أو يجامعها، فالتقزز من هذه المناظر إنما هو من رواسب المؤثرات الدينية، أما في دين العلمانية فتلك ممارسة للحرية الشخصية وإبداع فني لا علاقة له بالدين.
ولا مانع من إظهار الساقطين خلقيا كرموز وطنية وقادة وقدوة للجماهير ولا مانع من نقد الأحكام الشرعية، بل نقد القرآن والسنة والأنبياء، وربما الاستهزاء بهم، لأن كل هذا يعدو ممارسة للحرية الشخصية والدين مكانه المسجد، وحرية التعبير مكفولة للجميع”[1].
“فلا دخل للدين في الفن، فمشاركة المرأة في فلم شبه عارية يضاجعها رجل في الفراش ويقبلها لا تعدو أن تكون عروضا فنية من جهة، ومن جهة أخرى فالحرية الشخصية مكفولة للجميع والحديث عن أن هذا حرام أو تفسخ أخلاقي أو أفلام إباحية فحديث ديني بال، يعود للقرون الوسطى” [2].
“فالإعلام سواء عرض أفلام الجنس أم عروض نسائية عارية تماما فلا يحق للمسلم أن يعترض أو ينكر، وللإعلام الدفاع عن الدعارة باعتبارها نشاطا اقتصاديا مربحا، أو عرض أصناف الخمور والتحريض على شربها، أو بيان أصناف طهي الخنزير، وما على المسلم إلا الإذعان والاستسلام، وكل ما يمكنه فعله أن يردد، لا حول ولا قوة إلاّ بالله، إن تركت له العلمانية إيمانا يستطيع به فعل ذلك”[3].
2ــ الإعلام الإسلامي
ولا يخفى على أحد أيضا أن ما يطلبه الإسلام ويقرره هو أن يكون الإعلام محافظا هادفا لا يخدش كرامة المشاهد، ولا يجد حرجا من أي شيء يُعرض على التلفاز أو يُقرأ في الصحف.
فالإعلام الإسلامي يدعو إلى الطهارة والعفة ونقاء النفس وينبذ كل ما يدعو إلى الفحش والرذيلة. لذلك فإن الإسلام يريد “أن يكون الإعلام هادفا ومحافظا على السلم الاجتماعي وعلى الطابع الإسلامي للمجتمع. وأن ينضبط بضوابط الشريعة ومقاصدها، وأن يكون هدفه نشر الفضيلة والدعوة إلى الخير بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة. شعاره الصدق والصراحة والوضوح في نقل الخبر، بعيدا عن التزييف والتضليل الإعلامي الذي تمارسه أغلب المنابر العلمانية.
وما دام الإعلام من أساليب الدعوة إلى الله فهو ينفتح على الثقافات الأخرى ويحاور كل الآراء بشرط مراعاة ضوابط الشريعة. ولا بأس من عرض البرامج الترفيهية والرياضية والمسابقات التي لا تخرج عن حدود الشريعة”[4].
“ومن أصول الإعلام الإسلامي عدم الترويج للمحرمات الشرعية كإظهار مفاتن النساء أو نشر إشهارات للبنوك الربوية أو الميسر والقمار والمسابقات التي فيها شبهة قمار ونحو ذلك. ولأن إظهار المرأة لعورتها حرام في الشريعة والمذهب المالكي، فيجب على الإعلام الانضباط بهذا الضابط، والحرص على عدم نقل المسابقات والألعاب النسائية المختلفة ككرة المضرب وألعاب القوى والسباحة ونحوها التي فيها تفسخ سافر وعري مخز مناهض للقيم الإسلامية غارق في الثقافة الغربية المنحلة من القيم والأخلاق”[5].
و”يجب منع كل الأفلام والمسلسلات التي تظهر فيه عورة المرأة، أعني أن يظهر فيها شعرها أو أطرافها، وكل الأفلام التي يروج فيها لشرب الخمر أو القمار أو نحو ذلك كالأفلام المكسيكية أو المصرية، فيحرم على القنوات نشر كل ما يخالف شريعة الإسلام، ويجب على جميع المذيعات الالتزام بالحجاب الشرعي الذي أوجبه الله عليهن واتفقت عليه المذاهب الأربعة، ويحرم على منتجي التقارير تصوير المناظر المخلة بالحياء والمخالفة لأحكام الشريعة كعرض تقرير عن الشواطئ أو المسابح.
والأفلام والمسلسلات التي تذيعها القنوات المغربية مثلا تنشر التفسخ والرذيلة وتحارب الفضيلة وتحرض الفتيات على إقامة العلاقات الجنسية”[6].
“لذلك جاء في بيان المؤتمر الثاني لجمعية العلماء خريجي دار الحديث الحسنية المنعقد بمراكش أيام 14ــ15ــ16 جمادى الأول 1396هـ موافق 14ــ15 ــ16 ماي 1976م التأكيد على ضرورة مراقبة الإعلام المغربي مراقبة صارمة وخاصة الأفلام الخليعة التي تتنافى مع حشمة المسلم وتجرح كرامته ووقاره”[7].
وفي نفس السنة، “استمع لما قاله أعضاء المؤتمر العالمي لتوجيه الدعوة المنعقد في المدينة المنورة سنة 1396هـ، فقد قالوا في مناشدتهم المسلمين جميعا: ويندد المؤتمر بالهوة السحيقة التي تردى إليها إعلامنا ولا يزال إلى اليوم يتردى، فبدلا من أن يكون منبر دعوة إلى الحق ومنار إشعاع للخيرات، صار صوت إفساد وسوط عذاب، وخفت صوت الدعوة وسط ضجيج الإعلام الفاسد، وسكت القادة فأقروا بسكوتهم أو جاوزوا ذلك فشجعوا وحملوا وزلزل الناس في إيمانهم وقيمهم ومُثُلهم… ولم يعد الأمر يُحتمل السكوت عليه من الدعاة إلى الحق”[8].
فمتى يستيقظ التيار العلماني من سباته ليعلم أن المجتمع المغربي ساخط على كل البرامج التافهة والمنحرفة التي يعرضها عليه صباح مساء.
فللأسف لم يحسن التيار العلماني المغربي استعمال وسائل الإعلام المختلفة، فكل استعمالاته انصبت في اتجاه تحريف المجتمع وتمييع أخلاقه، حتى يتساءل المشاهد لهذا الإعلام العلماني، هل هؤلاء الساهرين على هذا الإعلام هم من أبناء هذا الوطن أم أنهم من غير أبنائه؟
وإن كانوا من أبنائه، فلماذا يعملون في إفساده ولا يعملون في إصلاحه؟
هل هناك عداوة قائمة من القائمين على هذا الإعلام اتجاه المشاهد، لذلك يَصبُّون عليه هذا العذاب صبا؟
هكذا تطرح الأسئلة من المشاهد وللأسف لا يجد لها جوابا!!
ـــــــــــــــــ
[1] العلمانية المفهوم والمظاهر والأسباب، ص:56ـ57.
[2] المصدر نفسه، ص:57.
[3] العلمانيون العرب وموقفهم من الإسلام، مصطفى باحو، ص:9، ط، الأولى 1433 ـ 2012
[4] العلمانية والمذهب المالكي، ص:145 ـ 146.
[5] المصدر نفسه، ص:146.
[6] المصدر نفسه، ص:147.
[7] المصدر نفسه، ص:147.
[8] المذاهب الفكرية المعاصرة، ج: الثاني، ص: 749ـ750.