الدرة المصونة في ردّ علماء المغرب على إمام الشيعة
الياس الهاني
هوية بريس – الجمعة 28 مارس 2014
الشيعة الامامية الاثني عشرية كانت فيما سبق في حكم النكرة بالنسبة للكثيرين منا خصوصا في المغرب الإسلامي الذي ما عرف قط سوى مذهب أهل السنة والجماعة عقيدة ومنهجا وتشريعا وتمثلا وسلوكا، وكان لكل من الثورتين الخمينية والإعلامية دور كبير في إلحاق ألف ولام التعريف بهذا الاسم “الشيعة” وذلك من خلال:
– “الخطة الخمسينية لآيات الشيعة في إيران“: وهي خطة سرية أعدها مجلس شورى الثورة الثقافية الإيرانية وقد استطاعت رابطة أهل السنة في إيران (مكتب لندن) الحصول على هذه الوثيقة الهامة وترجمها الدكتور عبد الرحيم البلوشي إلى العربية، وقد رسمت الخطة سياسة إيران لاختراق الدول المجاورة لخمسين عاما قادمة من أجل نشر وتمدد التشيع في البلدان العربية والإسلامية.
– “الخطة السرية الإعلامية الإيرانية“: وقد كشفت هذه الخطة سنة 2005م عندما أسرت المقاومة العراقية شخصا إيرانيا وعثرت معه على هذه الخطة المكتوبة بالفارسية، ولم تنشر كلها لان فيها معلومات بالغة الحساسية، وتمت ترجمتها ونشر قبس منها موقع البصرة؛ وهي تهدف إلى نشر التشيع بوسائل خداعة ملتوية ممتطية استراتيجيات خطيرة جدا.
وقد تحدث وكتب عن هذه الخطط التآمرية عدد من الكتاب والباحثين محذرين ومنذرين من خطورتها.
وإذا رجعنا إلى التاريخ نجد أن علماء المغرب كانوا من اشد الناس وقوفا في وجه الشيعة، وما تلك الدرة التي تلألأت في سجل حراسة الحدود إلا دليل على ذلك، اقصد فتوى علماء المغرب ردا على تصريحات الخميني، والتي نشرت في العدد الرابع من مجلة “دعوة الحق” الصادرة في شعبان-رمضان 1400هـ/يوليوز1980م عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب، وقد جاءت هذه الفتوى معبرة عن إجماع أعضاء المجالس العلمية في كافة البلاد على إدانة الخميني استنادا إلى الكتاب والسنة، وهذا نصها كاملة: « نشرت الصحافة الكويتية والسعودية أقوالا شنيعة ومزاعم فظيعة، منسوبة للإمام الشيعة الخميني، تنال من مقام النبوة والملائكة وتؤدي إلى الإشراك بالله عز وجل ورددت هذه الأقوال مع استنكارها بعض الصحف الوطنية، وقامت من اجلها ضجة كبرى في الأوساط الشعبية، فتوجه الجمهور إلينا بالسؤال عن موقف العلماء من هذه الأقوال النابية والمزاعم الباطلة التي تخالف ما علم من الدين بالضرورة، وتناقض أصول العقيدة الإسلامية، حتى أن بعض السائلين تساءل- وهو على حق- هل ألغى الخميني ما كان يعرف عند الشيعة بالتقية، حين استولى على الحكم ،و ظن انه قد حان الوقت ليجاهر بهذه العقيدة الفاسدة دون تستر ولا حذر؟
وقبل الجواب عن سؤال الجمهور المغربي المسلم من الواجب أولا أن ننقل كلام الخميني بنصه، كما نشرته الصحف وورد في كتابه: “الحكومة الإسلامية” ثم نعقب على ذلك ببيان الحكم الشرعي الذي يبطل مزاعمه وادعاءاته.
وفيما يلي نص كلام الخميني: “إن الأنبياء جميعا جاءوا من أجل إرساء قواعد العدالة في العالم، لكنهم لم ينجحوا وحتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء الذي لإصلاح البشرية وتنفيذ العدالة لم ينجح في ذلك، وأن الشخص الذي سينجح في ذلك، ويرسي قواعد العدالة في جميع أنحاء العالم ،و يقوم الانحرافات هو الإمام المهدي المنتظر”، ثم يقول الخميني: “إن مسالة غيبة الإمام المهدي هي مسالة هامة تعلمنا أشياء كثيرة، ومن بينها أنه لا يوجد في العالم أحد سواه من أجل تنفيذ العدالة بمعناها الحقيقي، وإن الله تعالى أبقاه ذخرا من اجل البشرية، وسيعمل على نشر العدالة في جميع أنحاء العالم، وسينجح فيما فشل في تحقيقه الأنبياء والأولياء”.
هذا كلامه الذي قاله بمناسبة عيد مولد المهدي المنتظر في منتصف شعبان المنصرم، اكتفينا بجوهره وفحواه.
ومن اجل مزيد التأكد من نسبته إليه رجعنا إلى ما جاء في كتابه: “الحكومة الإسلامية” (صفحة:، 52 طبعة بيروت)، فوجدناه يقول: “إن للإمام مقاما محمودا ودرجة سامية، وخلافة تكوينية تخضع لولايتها جميع ذرات الكون”، إلى أن يقول: “وإن من ضرورات مذهبنا أن لائمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل” فتبين بما لا مجال للشك فيه أن هذا الكلام صادر عن الخميني، وأن هذه العقيدة الفاسدة هي عقيدته، وأن الصحافة لم تتزيد عليه في شيء.
والجديد في الأمر هو أن الخميني تجاوز بهذه الادعاءات الفاسدة كل ما كان معروفا عن الشيعة، وتطاول حتى على مقام الملائكة والأنبياء والمرسلين، حيث جعل مكانة المهدي المنتظر في نظره فوق مكانة الجميع وزعم أن لا ملك مقربا ولا نبي مرسلا أفضل منه.
والأخطر من ذلك ما زعمه الخميني من أن: “خلافة المهدي المنتظر خلافة تكوينية تخضع لها جميع ذرات الكون” ومقتضى ذلك أن الخميني يعتبر المهدي المنتظر شريكا للخالق عز وجل في الربوبية والتكوين.
وهذا كلام مناقض لعقيدة التوحيد يستنكره كل مسلم ولا يقبله ولا يقره أي مذهب من المذاهب الإسلامية، ولا يبرئ قائله من الشرك والكفر بالله إلا التوبة والرجوع عنه صراحة وعلنا أو التبرؤ منه وإصدار بيان بذلك، ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيي عن بينة.
وعلى أئمة الشيعة الآخرين -لكي يطمئن المسلمون- أن يوضحوا موقفهم من هذه الأباطيل المخالفة للكتاب والسنة، وما عليه سلف هذه الأمة وخلفها، من توحيد الله عز وجل، وانفراده بالخلق والتكوين، وتصريف شؤون الحكم، وتعظيم مقام الأنبياء والرسل والملائكة وتفضيلهم على كافة المخلوقات ورفع مقام خاتم النبيئين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين، قال الله تعالى: “وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون“.
وقال تعالى: “وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين. فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون“.
هذا وإن علماء المغرب ليهيبون بإخوانهم العلماء في العالم الإسلامي أن يقفوا وقفة رجل واحد ضد هذا التيار الهدام ويذودوا كل شبهة عن عقيدة الإسلام، “والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم“.
لذا تبقى اليوم المهمة منوطة بمن جعل نفسه قيما على الشأن الديني بالمغرب كي يقوم بواجبه للتصدي لهذه الهجمة الشرسة التي تستهدف المغاربة في دينهم وعقيدتهم، حيث تكالب عليهم الأدعياء والمغرضون ممن ينتحلون محبة أهل البيت، وأهل البيت منهم براء.