الشيخ رشيد نافع: الكذب حرام ولوكان في أبريل
هوية بريس – د. رشيد نافع
يطلق البريطانيون على هذا اليوم يوم جميع الحمقى والمغفلين وذلك لما يختلقون فيه من أكاذيب حيث قد يصدقهم من يسمع فيصبح ضحية لكذبهم أو محطة سخرية يسخر الناس منه.
قال تعالى: «إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون» (النحل:105).
إنه من التبعية العمياء ما يظن بعض الناس أنه يحل له الكذب إذا كان مازحا، وهو العذر الذي يتعذرون به في كذبهم في جواز الكذب في الأيام الأولى من شهر أبريل ويسمونه «كذبة أبريل»، والصواب «خدعة أبريل» أو في غيرها من الأيام، وهذا خطأ، ولا أصل لذلك في الشرع المطهّر، والكذب حرام مازحا كان صاحبه أو جادا، فعن ابن عمر قال: قال صلى الله عليه وسلم: «إني لأمزح ولا أقول إلا حقّا» رواه الطبراني في المعجم الكبير وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الجامع، وفي حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان» متفق عليه.
قال النووي رحمه الله: «الذي قاله المحققون والأكثرون -وهو الصحيح المختار-: أن معناه: أن هذه الخصال خصال نفاق، وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال، ومتخلق بأخلاقهم، وقوله صلى الله عليه وسلم «كان منافقا خالصا»، معناه: شديد الشبه بالمنافقين بسبب هذه الخصال، قال بعض العلماء: وهذا فيمن كانت هذه الخصال غالبة عليه، فأما من يندر ذلك منه فليس داخلا فيه. فهذا هو المختار في معنى الحديث، وقد نقل الإمام أبو عيسى الترمذي رضي الله عنه معناه عن العلماء مطلقا، فقال: إنما معنى هذا عند أهل العلم نفاق العمل «شرح النووي على مسلم 2/46».
وأخرج الترمذي في جامعه من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ويل لمن يحدث فيكذب ليضحك القوم ويل له ويل له» والحديث حسنه الترمذي، وله شواهد وحسنه الألباني كما في غاية المرام برقم:376.
قال المناوي رحمه الله: «ويل للذي يحدث فيكذب في حديثه ليضحك به القوم ويل له ويل له»، كرره إيذاناً بشدة هلكته وذلك لأن الكذب وحده رأس كل مذموم وجماع كل فضيحة فإذا انضم إليه استجلاب الضحك الذي يميت القلب ويجلب النسيان ويورث الرعونة كان أقبح القبائح، ومن ثم قال الحكماء: «إيراد المضحكات على سبيل السخف نهاية القباحة».
وأما ما أجازه الشرع من الكذب فيكون في مواضع ثلاثة لا غير: الحرب، للإصلاح بين المتخاصمين، وكذب الزوج على زوجته والعكس لأجل المودة وعدم الشقاق، دل عليه حديث أم كلثوم بنت عقبة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا» متفق عليه.
ويزيد الأمر وضوحا حديث أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل الكذب إلا في ثلاث: يحدث الرجل امرأته ليرضيها، والكذب في الحرب، والكذب ليصلح بين الناس»، رواه الترمذي و حسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع.
وختاما أقول: ليس بالضرورة معرفة أصل هذه الكذبة بقدر ما يهمنا حكم الكذب في يومها، والذي نجزم به أنها لم تكن في عصور الإسلام الأولى، وليس منشؤها من المسلمين، بل هي من عادات غيرهم.
السلام كلما طل علينا الشيخ رشيد
نافع بمقالاته إلا سقانا علما والأهم انه يعاصرالاحداث والوقائع من جل جانب بارك الله في اخينا