يا أهل مصر لا تحسبوه شرا لكم
إلياس الهاني
هوية بريس – الثلاثاء 16 يوليوز 2013م
ما حدث لمصر في هذه الأيام من انقلاب عسكري على الرئيس المنتخب محمد مرسي أصبح حديث الساعة، الكل أصبح يتداول هذا الحد ث بدءا من السياسي الحذق إلى العامي الجاهل، وهذا ليس عيبا في حد ذاته، ولكن أن تعطى لهذا الأمر آراء ومواقف تجعل كأنها عقائد لابد من الإيمان بها لهو أمر عجب، ولقد تحدثت الكثير من المنابر الإعلامية عن هذا الأمر كل منطلقا من عقيدته ومرجعيته؛ فالعلمانيون المصريون كانوا هم السبب المباشر لهذا الانقلاب، فما كان من علمانيي الخارج سوى استقبال هذا الخبر بفرح وسرور.
وكان على رأس المهنئين على ذلك الدول العربية بشكل رسمي وخاصة السعودية والإمارات اللتان ساعدتا بكل جهد في الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين، أما الإسلاميون بمختلف توجهاتهم فكان هذا الخبر صاعقة عليهم، ولا غرابة في ذلك فالعقيدة التي يحملونها في وجدانهم من وجوب النصرة والمحبة والموالاة تستلزم ذلك، قال تعالى: “إنما المؤمنون إخوة”، وفي الحديث: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.
هذا وقد نزل كل من الإخوان المسلمون وباقي التيارات الإسلامية الأخرى إلى ميادين الشوارع للتنديد بحكم العسكر وإرجاع الرئيس إلى منصبه الشرعي، وحق لهم ذلك وهو الرئيس المنتخب الذي شهد العالم كله بنزاهة الانتخابات، ولكن الغرب دائما بامتلاكه لأكبر ترسانة إعلامية على مستوى العالم لا يكاد يفوت أي فرصة لتشويه صورة حكم الإسلاميين بمصر، ودعمه اللامتناهي لشرذمة العلمانيين بمصر جعلت حكم الإخوان ومن ساندهم يصير إلى ما صار إليه من خيانة للعسكر وانقلاب على الشرعية وجر البلاد إلى ما لا تحمد عقباه إن لم يرجع الأمر إلى أهله.
وفي أتون هذه الأحداث تتناقل وسائل الإعلام أخبارا لاعتقالات نالت كبار قادة الإخوان من الرئيس إلى المرشد والنواب، ومن السلفيين حازم صلاح أبو إسماعيل وغيره، وغلق للقنوات الإسلامية (الحافظ، الناس، الخليجية، الرحمة،..) واعتقال أصحابها، وهجوم العسكر على المتظاهرين أمام الحرس الجمهوري وإعمال آلة القتل فيهم، وإصرار الانقلابيين على مواصلة طريقهم نحو ما يملى عليهم من الخارج، كل هذا وغيره نجد أن هناك أمورا استبانت حقيقتها لابد لأهل مصر خاصة، وأهل الإسلام عامة وعيها والوقوف عندها؛ فمن ذلك:
» لقد تبينت حقيقة الديمقراطية وأنها اسم لا حقيقة لها، وإنما فقط كلام لا أساس لها، فعندما دخل الإخوان والسلفيون في العملية الديمقراطية والتزموا بآلياتها؛ ما كان من العلمانيين سوى أن انقلبوا على ديمقراطيتهم وآلياتها، لذا كان لزاما على الإسلاميين مراجعة هذا الأمر والعمل بتحذير شديد وتنبيه رشيد حيال الديمقراطية».
» ما كان يتشدق به العلمانيون من وجوب الاحتكام إلى صناديق الاقتراع وتشبثهم بالديمقراطية، وعلى أنهم لا يرضون إلا بها، أصبح كلاما فارغا لا أساس له من الصحة، بل هو من نفاقهم وكذبهم المفضوح الذي ظهر أمره جليا من فرحهم بالانقلاب الذي حصل، فدعوى الوطنية والقومية لا يمكن أن تتجسد على الواقع لاختلاف المرجعيات وتحكيمها والتفكير على أساسها، لذا وجب التحذير من هذا الأمر».
» الإعلام وما لعبه من دور خطير من تضخيم واختلاق للأكاذيب، لهو أمر يدعوا إلى أهمية تجنيد فرسان لهذا الميدان، فلم يعد الوقت يسمح للتنظير لأهمية الإعلام وتعريفه وما يلعبه من دور -أهمية ذلك- ولكن الإنطلاق الإنطلاق إلى الميدان».
» نزول العلمانيين باختلافاتهم وتجاوزها إلى الميادين، ومطالبتهم للرئيس بالرحيل، وتجاوزهم للشرعية؛ أعطى الضوء الأخضر للعسكر للضغط على الزر إلى ما كان يملى عليه، وهذا يدعو كافة المصريين الشرفاء -و هو ما حدث ولله الحمد- إلى النزول بقوة، والمطالبة بإرجاع الشرعية، وإطلاق سراح المعتقلين، وإن الأعداد الغفيرة التي نزلت إلى ميدان رابعة العدوية وغيرها، لهو نور يسطع في أفق النصر، وإرجاع الأمور إلى أهلها».
» شهر رمضان المبارك شهر المعارك والانتصارات، وإيمان المصريين بهذا الأمر، واستحضارهم أن المعركة هي معركة عقيدة معركة بين من رضي بالوحي مرجعية وفكرا ونظرة للكون والحياة على أساسه، ومن رضي بالقيم الكونية والاتفاقيات الدولية مرجعية وأساسا للانطلاق؛ لابد منه حتى تصفو النية وتحتسب النفوس ويتحقق النصر».
» استعانة العلمانيين والانقلابيين بالغرب ومن معه، ومدّ هذا الأخير لهم لكل ما يحتاجونه من مال وإعلام وغيره، يدعوا الإسلاميين وكل المصريين إلى الاستعانة بربّ الكون ومليكه، فهو الذي يؤتي الملك لمن يشاء وينزعه ممن يشاء، فالدعاء والاستجابة لله والعمل بأمره والانتهاء عن نهيه والوقوف عند حدوده خصوصا في شهر الدعاء والاستجابة».
فيا أهل مصر لا تهنوا ولا تحزنوا ولا تحسبوه شرا لكم واستجيبوا لأمر ربكم ينصركم على عدوكم.
فالله أسأل أن يعيد الحق إلى أهله وأن يقي المسلمين في مصر من شر الويلات وصلى الله على محمد وآله وصحبه.