جمعيات القرآن الكريم بين عهد الحماية ودولة وزير الأوقاف الحالي
ذ. إدريس كرم
هوية بريس – الجمعة 12 يوليوز 2013م
عاش المغاربة ليروا دور القرآن تغلق بالجملة في ربوع البلاد، ويحرم الناس من تعلم علومه وحفظ آياته، من طرف مؤسسة كافح المغاربة لجعلها وزارة مخصصة للمساعدة على تحقيق تلك الأهداف، وبلوغ تلك المرامي، بيد أن الإخفاقات التي عاناها الاستعمار قديما في تحقيق أهدافه، والصعوبات التي تعانيها العلمانية حاليا في مسخ هويته الدينية والوطنية، جعلتها تتجه إلى تلك الدور، والجمعيات التي تسهر عليها، لتناصبها العداء، وتبحث لها عن ذرائع لإغلاقها، وإنهاء أنشطتها، علها تجفف منابع حماية الأمة، وتزيل حصانتها، المتمثلة في كتاب الله وسنة رسوله، لدرجة أنك لم تعد تسمع ذكر السنة والجماعة، خوفا ورهبا من صفات قد يكون لها ما بعدها، مع العلم أن دعاء المغاربة الشهير في دبر كل صلاة كان “وأمتنا على السنة والجماعة”؛ لأن التوجه العلماني يفرض أن الدين شأن شخصي كما يقولون، وربطه بالجماعة تقوية له، وتعضيض لمعتنقه، وهو منحى غربي لا غبار عليه، ولا يمكث أن يستنبت في بلدنا التي تؤمن بقوله عليه السلام: “المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا”.
وقد سبق لنا أن أشرنا في أبحاث سابقة إلى تذمر ساسة الاستعمار مما يمثله جامع القروين، ومريديه من الطلاب والفقهاء، وأشكال الإصلاحات التي يستوجب إدخالها على برامجه ومناهجه، سواء في تلك الحقبة، أو ما تلاها من حقب ما بعد الاستقلال إلى اليوم، ليعطي منتوجا قابلا للاحتواء والتدجين، ولكن النتائج جاءت مخيبة لهم..
ذلك أن تعلق المغاربة بكتاب الله لا يخضع لرضا الراضين، ولا سخط الساخطين، لأنه حاجة متماهية مع الإنسان المغربي، خدمته شرف، والدفاع عنه عزة، من أجل نشره والمحافظة عليه يبذل الغالي والنفيس، لذلك لا تنقضي الجهود الرامية لتحفيظه، وتداوله، وتعليمه وتعلمه، وإعلاء تعاليمه.
ونقدم نموذجا لذلك ويتمثل في تأسيس جمعية للمحافظة عليه بفاس سنة 1933م نقلا عن جريد “البصائر” لسان حال جمعية العلماء المسلمين بالجزائر سنة 1936م.
جمعية المحافظة على القرآن الكريم
حكم القضاء والقدر، وأراد الله أن يمن على اللذين استضعفوا في الأرض، ويجعلهم أئمة، ويجعلهم الوارثين، فاصطفى من بين عباده أفرادا عاملين تمثلت فيهم الفضائل بأجمعها، فأسسوا جمعية دينية إصلاحية سموها “جمعية المحافظة على القرآن الكريم“.
مقصودها: خدمة كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والعمل بأوامره، واجتناب نواهيه، والذب عن آدابه وأخلاقه.
غايتها: رفع راية القرآن العظيم، والحث على تعليمه وحفظه، مع قراءته بصوت واحد في كل جمعة، وفي كل عيد ومناسبة.
وفي الجمعية نفسها لجنة تسمى “لجنة التلقين”؛ وظيفتها هي تلقين الأميين من الناس، الآية تلو الآية، فلا يمضي وقت عليهم من الزمان حتى يكون لهم قسط من القرآن.
وللجمعية خزانة تحتوي الآن على 2525 كتابا من الذكر الحكيم، وتقريرات الجمعية وبرامجها تدل لنا دلالة واضحة بأن الجمعية تسعى في إصلاح الإنسانية بالديانة الإسلامية.
ونريد أن يكون كتاب الله تعالى، هو الدستور الوحيد، الذي يتخطى المغرب خطى له، ويسير على منواله، وتعتقد -واعتقادها الحق- أنه لا نهوض لأهل الفرقان إلا بالقرآن.
وفي غرة محرم، عقدت اجتماعا رائعا، بمناسبة رأس السنة الهجرية، وبمناسبة مرور ثلاث سنوات على تأسيس الجمعية، ثم ابتدأت أعمال الانتخاب، فكانت النتيجة حسبما يأتي:
– عبد الحميد الصفريوي: رئيس.
-الحاج أحمد السقاط: خليفته.
– محمد الشرايبي: مراقب أول.
– إدريس الإدريسي: مراقب ثاني.
– محمد بن سالم بناني: مراقب ثالث.
– محمد عبد الهادي التازي: كاتب.
– عمر السودي: خليفته.
– إدريس بن عمر: أمين المال.
– حمدان التازي: خليفته.
– علال البدراوي: أمين الخزانة.
– محمد اربيحة: معينا له.
لجنة التلقين: محمد الفاسي، عبد الله العلاوي، محمد الحياني، أحمد المصمودي، علال الوزاني، أحمد الإدريسي، إدريس العلاوي، محمد حرزم.
الأعضاء: إدريس العلامي، محمد الجرواني، محمد الغريسي، محمد البدراوي، المهدي السلاوي، الطيب السبتي، عبد السلام الحريشي، محمد القباج، محمد المحمدي، الحسن الكغاط، الطيب الرمال، أحمد الريفي، عبد الرحمان مكوار، محمد محرز، عبد القادر الجرندي.
حقق الله آمال جمعيتنا، ووفقها لما فيه خير الإسلام وسؤدده، وهدانا جميعا إلى سبيل الرشاد.
فاس / الكاتب.