البنتاغون والسيسي والعلاقة المشبوهة
هوية بريس – مركز التأصيل للدراسات والبحوث
الثلاثاء 16 يوليوز 2013م
مع كل الاتهامات الباطلة التي تدعي وجود علاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والإخوان المسلمين بمصر، ومع الضخ الإعلامي المصري الهائل حول قوة هذه العلاقة ومتانتها، ودور الولايات المتحدة الأمريكية في وصول الدكتور محمد مرسي إلى الحكم، إلا أن الحقيقة والواقع تؤكد عكس ذلك تماما، وتبرهن بما لا يدع مجالا للشك، أنها وسيلة دنيئة ومكشوفة لتشويه سمعة التيار الإسلامي في الشارع المصري.
لقد دأب الإعلام العربي الموالي للأنظمة الديكتاتورية على مدى عقود من الزمان على اللعب على وتر معاداة إسرائيل وأمريكا والغرب في الظاهر، فيما هو في الحقيقة والباطن على صلة دائمة معهم، ينفذ أجندتهم دون أن يزيح عن تعليماتهم وأوامرهم قيد أنملة، وليس ذلك مقتصرا على مصر، بل في جميع الدول العربية المشابهة، ولعل الإعلام السوري أقرب مثال على ذلك.
ولم يكتف هذا الإعلام الخبيث بالترويج لمعاداة تلك الأنظمة العميلة للغرب، بل راح يتهم الأحزاب الإسلامية التي تعارضه بالاتصال بالغرب، ويصفهم بالعملاء والخونة والانتهازيين، وكأنه بذلك يحاول الهروب إلى الإمام، من خلال إلصاق التهمة بهذه الأحزاب، وإبعاد التهمة عن نفسه، إضافة للهدف الأخطر والأعظم، ألا وهو التقليل من رصيد التيار الإسلامي الضخم في الشارع العربي، خاصة مع ظهور ثورات الربيع العربي الأخيرة.
وفي مصر وبعد وصول الدكتور محمد مرسي إلى الحكم بانتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة -الأمر الذي لم يرق لإسرائيل وأمريكا ولم يعجبهما- بدأت الماكينة الإعلامية بالعمل على نفس النهج السابق، وبدأت حملات التشويه بالأحزاب الإسلامية بشكل عام، وبحزب الحرية والعدالة -الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين- من خلال اتهام الإخوان باتصالهم بالولايات المتحدة الأمريكية، وادعاء لقاء خيرت الشاطر -نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين- بالقيادات الأمريكية، ومزاعم دعمها الكامل للإخوان للوصول إلى السلطة، إلى آخر تلك الافتراءات التي ألصقت بالإخوان وهم منها براء.
ولعل أكبر دليل على ذلك تلك الحملة الشرسة التي قادها العلمانيون والأقباط واليساريون في مصر على الرئيس المنتخب منذ اليوم الأول من وصوله للسلطة، بدعم وتمويل عربي غربي واضح، بهدف إرباك الرئاسة وإظهارها بمظهر الفاشل والعاجز عن إدارة البلاد، بل والمتآمر والعميل للغرب لتنفيذ أجندتها وبرنامجها في المنطقة، الأمر الذي أدى لزعزة ثقة المواطنين العاديين بالتيارات الإسلامية، وزرع الشك والريبة من بعض تصرفاتهم وأفعالهم، التي لم تخل من أخطاء ومنزلقات رسخت من تلك الشكوك، وأدت في نهاية المطاف إلى فتح الطريق للعسكر للقيام بالانقلاب على السلطة الشرعية المنتخبة، في مشهد يذكرنا بأحداث الجزائر عام 1992، وبالانقلابات العسكرية التركية المتتالية على كل حكم أو مشهد إسلامي.
وبعد الانقلاب مباشرة ظهرت كثير من الحقائق التي تؤكد علاقة العسكر بالغرب وأمريكا، وبراءة التيار الإسلامي مما نسبه الإعلام المصري له زورا وبهتانا، من علاقة وطيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب.
فقد صرح قيادي بوزارة الدفاع الأمريكية بنتاغون للـCNN “أن كبار المسؤولين في الوزارة مازالوا على اتصال بوزير الدفاع المصري، عبد الفتاح السيسي، بعد أسبوع على عزله للرئيس محمد مرسي وتحوله إلى شخصية أساسية في المشهد السياسي، كما لم يتصلوا مطلقا بجماعة الإخوان المسلمين.
وأشار المصدر إلى أن وزير الدفاع “تشاك هاغل” تحدث إلى السيسي الأحد، لافتا إلى أنها المرة الرابعة على الأقل التي يتحدثان فيها خلال الأسبوع الماضي.
وذكر المصدر الذي طلب منCNN عدم كشف اسمه أن بعض تلك الاتصالات استمرت لأكثر من ساعتين، كما أن قائد الأركان الأمريكي، الجنرال “مارتن ديمبسي”، تحدث إلى نظيره المصري، صدقي صبحي.
من جانبه، وصف “جورج ليتل”، الناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية الاتصالات بأنها (مطولة وصريحة)، ولدى سؤاله عن سبب مواصلة المسؤولين العسكريين الأمريكيين الاتصال بنظرائهم في مصر بهذه الوتيرة قال “ليتل”: إن الوضع في مصر متحرك وغير ثابت.
وأضاف “ليتل”: إذا كانت هناك اتصالات أكثر من المعتاد فهذا يعود إلى الوضع الراهن، نواصل الدعوة إلى الحد من الاستقطاب في مصر، وكذلك العنف.
ورفض “ليتل” وصف الوضع الجاري في مصر بأنه (انقلاب) قائلا: “إن تقييم الولايات المتحدة ما زال مستمرا، ولكنه أقر بأن الجيش الأمريكي لم يتصل خلال الفترة الماضية بجماعة الإخوان المسلمين”، مضيفا أن اتصالات القوات المسلحة الأمريكية هو مع نظيرتها المصرية، وقال: “اتصالنا الرئيسي هو مع الجيش المصري، من المهم أن نحافظ على الحوار، خط الاتصال هذا مهم للغاية وخاصة في أوقات الأزمات”.
فمتى يستيقظ المسلمون من سكرة تأثرهم بالإعلام المصري الممول والمنحاز للمشروع الأمريكي الغربي؟؟!!