المختصر المفيد في شرح إصدار الصكوك السيادية الجديد
هوية بريس – فيصل اوعلي اوبها*
في إطار تفعيل وسائل جديدة لمد المنظومة المالية التشاركية بأدوات وقيم مالية منقولة متوافقة مع مبادىء الشرع الحنيف، تجربة جديدة يعيشها الاقتصاد المغربي، وتتمثل في قيام المملكة بأول إصدار للصكوك السيادية بقيمة مليار درهم (ما يناهز 106 مليون دولار) في الخامس من أكتوبر 2018، وسيتم هيكلة هذا الاصدار الأول من نوعه على هيئة صكوك الاجارة بعد إحالته إلى المجلس العلمي الأعلى وتأشيره عليه، باعتباره الجهة الوحيدة المكلفة بالمطابقة وابداء الرأي الشرعي في عمليات اصدار شهادات الصكوك طبقا للتشريع الجاري به العمل مع أحكام الشريعة الاسلامية ومقاصدها كيفما كانت الجهة المصدرة لها، وبعد موافقة الهيئة المغربية لسوق الرساميل، الجهة المنظمة للقطاع.
وقد حدد أجل الاصدار في خمس سنوات تبتدأ من شهر أكتوبر 2018 وتطفأ في نفس الشهر من سنة 2023، خاص بالمسستثمرين المؤسساتيين الداخليين نظرا لتواضع حجم التداول في المرحلة الأولى، في انتظار تقييم التجربة والوقوف على الايجابيات ودعمها ورصد المعوقات واصلاحها، ثم فتح المجال لمشاركة المستثمرين الخارجين وبقية الافراد والمؤسسات في عملية التداول الخاصة بالاصدارات المقبلة. وتبلغ قيمة الصك الاسمية 100.000,00 درهم للصك الواحد، وبمعدل تأجير سنوي ثابت مقداره 2,72% دون احتساب الرسوم، تدفع كل 15 أكتوبر من كل سنة.
أما بالنسبة لأطراف عملية التسنيد، فنجد المؤسسة المبادرة ممثلة في الدولة المغربية وبالضبط “مديرية أملاك الدولة” التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية التي تعنى بتدبير أملاك الدولة وتثمينها، والتي قامت بتفويت جزء من أصولها الكائنة بالعاصمة الاقتصادية للمملكة لفائدة صندوق التسنيد، الذي يتعهد باعادة تأجير ها للدولة بالقسط التأجيري الموضح في العقد.
أما المؤسسة المسؤولة عن تدبير صندوق التوظيف الجماعي للتسنيد، فتتمثل في شركة “المغربية للتسنيد” احدى فروع صندوق الايداع والتدبير، والتي تعد أول شركة تسنيد في شمال افريقيا ودول المغرب الكبير.
في حين تم تعيين “الأخضر بنك ” كوديع لعملية الاصدار وحافظاأمينا لأصوله ، تماشيا مع مقتضيات قانون تسنيد الأصول التي تشترط في مؤسسة الايداع أن تكون بنكا تشاركيا اذا تعلق الأمر بصناديق التسنيد المصدرة لشهادات الصكوك، وبناء على طلب عروض شاركت فيه ثلاث أبناك تشاركية.
أما صندوق التوظيف الجماعي للتسنيد، فهو عبارة عن ملكية مشتركة وكيانقانونيذو شخصية معنوية ، ينحصر دوره في تملك أصول المؤسسةالمبادرة وفقا للأحكام التشريعية التي تنظمها، يؤدى ثمنها بواسطة حصيلة إصدار الصكوك.
أما المتدخل الاخير في عملية التسنيد فهم المستثمرون الذين يقومون بشراء الصكوك من لدنالصندوق من أجل الاحتفاظ بها أو التصرف فيها بكافة أنواع التصرفات الشرعية، بيعا وهبة ووصية ونحو ذلك.
ورغم تأخر طرح هذا الإصدار السيادي وتم تأجيله مرات كثيرة لأسباب متعددةلعل أهمها حرص وزارة المالية على انجاز طرح مكتمل الأركان ضمانالنجاح عملية التصكيك الأولى من نوعها بالمملكة. وكتحفيز لهذه المبادرة، قامت الدولة بمنح ضمان لسداد المبالغ المستحقة لفائدة القسم الأول من الاصدار المسمى “FT IMPERIEUM SUKUK CI” في حدود مليار ومائة مليون درهم، رغم التحفظ الشرعي الذي أثارته مسألة التعهد بالضمان من طرف الدولة باعتبارها مؤسسة مبادرة وضامنة في نفس الوقت، علما أن بعض المستثمرين في استعداد تام لتحمل المخاطرة، لكن أصحاب الفضيلة أعضاء اللجنة الشرعية للمالية التشاركية صادقوا بالأغلبية على هذه المسألة.
ويتوقع العديد من المهنيين والأكاديميين أن يساهم هذا الاصدار في فتح شهية المستثمرين الراغبين في تنويع الأدوات والقيم المنقولة بما يتلائم وقناعتهم الخاصة، وفي احترام تام لمبادئ الشرع الحنيف، دون إغفال القيمة المضافة لمناخ الاستثمار في المجال وتحفيز تداول الصكوك في أسواق المال، بل وتحقيق نمو اقتصادي تشاركي ومستدام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* باحث في المالية التشاركية.