المقرئ أبو زيد: النكبة ذكرى لا تقطر دما وإنما تقطر خيانة

13 مايو 2015 23:47
المقرئ أبو زيد: النكبة ذكرى لا تقطر دما وإنما تقطر خيانة

المقرئ أبو زيد: النكبة ذكرى لا تقطر دما وإنما تقطر خيانة

هوية بريس – متابعة

الأربعاء 13 ماي 2015

صرح المقرئ أبو زيد الإدريسي، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والقيادي بحزب العدالة والتنمية، أن النكبة هي علامة على أن هذه الأمة لم تنهزم وإنما أرغمت على الهزيمة، إنها هزيمة مبيتة ومرتبة ومهندسة، ومازلنا نعيش آثارها ويؤدي الشعب الفلسطيني ثمنها غاليا، والأمة المكسورة المقهورة المظلومة تؤدي فاتورة غالية من كل دقيقة من عمرها الحضاري الأسود المنتكس، بسبب خيانة عظمى كانت من أغلب الأنظمة العربية.

وأضاف في حوار مع موقع pjd.ma بأن المقاومة الشعبية كانت منتصرة على اليهود قبل 48 في جميع المحاور، وكانت تحتاج فقط أن يساندها العرب بشيء من التسليح والحماية السياسية والدعم الدبلوماسي، أو أن يتركوها لشأنها، فإذا بهم يتآمرون عليها ويتواطئون ضدها.

وحول تأثير هذه القضية على مستقبل المدافعين عنها عموما والتيار الإسلامي بوجه خاص، أكد أبو زيد بأن الحركة الإسلامية تزعج في مختلف الواجهات والجبهات التي تتحرك فيها، ولكن الجبهة التي تؤدي إلى اتخاذ القرار بتصفيتها هي قضية فلسطين.

العرب يخلدون في هذا الشهر والشهر القادم ذكرى النكبة والنكسة، هل لكم من كلمة بهذه المناسبة؟

النكبة والنكسة متقاربتان كذكرى، فالأولى في شهر ماي والأخرى في شهر يونيو، وبينها أقل من 20 يوما، أنا هذه الأيام أقرأ مذكرات في القضية الفلسطينية في النصف الأول من القرن العشرين، بطل القضية وقائدها وصاحبها الذي لا يمكن أن يزايد عليه أحد، الحاج أمين الحسيني، وعنوان كتابه “أسرار تركة فلسطين”، في هذا الكتاب الذي يتكون من حوالي 200 صفحة، كل صفحة لا تقطر مدادا ولا دما ولا دموعا، وإنما تقطر خيانة، فهو يتحدث عن الخيانة التي حصلت للقضية، وملخص هذا الكتاب في جملة واحدة هي: إن المقاومة الشعبية كانت منتصرة على اليهود قبل 48 في جميع المحاور، وكانت تحتاج فقط أن يساندها العرب بشيء من التسليح، والحماية السياسية، والدعم الدبلوماسي، أو أن يتركوها لشأنها، فإذا بهم يتآمرون عليها ويتواطئون ضدها، وينفذون أجندة بريطانيا التي تنفذ أجندة الصهاينة، ويرغمون هذه المقاومة على التنحي ويحلونها قسرا وقهرا، ويأتون بجيوش قد أعدت سلفا لكي تهزم، إننا تعيش نكبة، هي علامة على أن هذه الأمة لم تنهزم وإنما أرغمت على الهزيمة، إنها هزيمة مبيتة ومرتبة ومهندسة، ومازلنا نعيش آثارها ويؤدي الشعب الفلسطيني ثمنها غاليا، والأمة المكسورة المقهورة المظلومة تؤدي فاتورة غالية من كل دقيقة من عمرها الحضاري الأسود المنتكس، بسبب خيانة عظمى كانت من أغلب الأنظمة العربية.

في الشهر المقبل نخلد ذرى النكسة، وهي ذكرى حزينة أيضا، هل لك تعليق؟

تقترب في هذه الأيام اليوم الذكرى 48 لسقوط القدس الشرقية وما تبقى من فلسطين، الضفة الغربية وقطاع غزة، وكل سيناء وأجزاء واسعة من سوريا وعلى رأسها الجولان، وأيضا أجزاء مهمة من الأردن على حدود مرتفعات جبال الناعور.

إن هذا الاكتساح الذي ثبت الآن للتاريخ أنه لم يكن حرب الستة أيام ولا حرب ساعات كما قيل، وإنما كان حرب الست دقائق الأولى، حيث حلقت ثلاث أسراب من الطائرات العسكرية “الإسرائيلية”، حيث دمر السرب الأول مدرجات مطارات النصر، والسرب الثاني دمر الطائرات التي بقيت جاثمة لأن المدرجات لم تعد صالحة للإقلاع، والسرب الثالث حدد لهم بنكا دقيقا من الأهداف العسكرية والمدنية، وقصفها من ارتفاعات منخفضة، لأن مصر لم تكن تملك دفاعات جوية قوية جدا.

ما دلالة هذه الهزيمة العسكرية حضاريا وثقافيا؟

ما سبق هو الواقعة من الناحية العسكرية، وهي رواية تقنية محضة، لكن متى كان التقني يغني عن الحضاري، متى كان المادي يغني عن المعنوي، متى كان الجزئي يغني عن الرؤية الكلية، هزيمة 1967، لم تكن أبدا، إلا نتيجة لأسباب متشابكة، منها حكم العسكر وما يجره من استبداد يلد الفساد، منها إقصاء القوى الوطنية والاجتماعية الفاعلة، التي يمكن أن تبث في الأمة روح المقاومة والوعي والتعبئة والصمود وعلى رأسها الحركة الإسلامية، ومن تجليات ذلك إعدام رجال كبار من قامة السيد قطب، وما أصدق الزعيم علال الفاسي عندما قال تعليقا على هزيمة 67 “ما كان للذي أعدم السيد قطب أن ينتصر في هذه الحرب”، لقد كانت نكسة 67 درسا قاسيا للأمة، كتب بعده رائد العسكرية الإسلامية اللواء الركن محمود شيت خطاب كتابه “الثأر والطريق إلى النصر”، كتب الشيخ والداعية والمفكر الإسلامي يوسف القرضاوي كتابه “لماذا انهزمنا وكيف ننتصر؟”.

لكن من يقرأ في أمة لا تقرأ، ومن يسمح لهؤلاء الزعماء أن يقودوا الأمة فكريا فالأحرى سياسيا وعسكريا، مازلنا نعيش حالة 76 بكل تجلياتها، أن نعيش انتكاسا أسودا بسبب تحويل الربيع العربي الى خريف، وما زالت الأمة تعيش حالة من الفصام بين نخبها الأصيلة ونخبها المهزومة المرتزقة، ما زال العسكر يتآمر ويتجذر ويدمر، كحالة مصر واليمن وسوريا، ويتحكم وينهب ويسلب كحالة باكستان والجزائر، ويقود الأمة إلى طموحات مهلكة كحالة إيران.

البرهان بالخلف بلغة الأصوليين، يقودنا إلى التجربة التركية، فعندما تراجع العسكر تقدمت تركيا إلى الأمام، تعود إلى موقع الريادة، تستعيد هويتها شيئا فشيئا، تركيا تطلق بحكمة العلمانية التي زوجتها قهرا وقسرا بمهر عسكرتاري استبدادي يزعم الحداثة ويمارس التغريب… فنحن ما زلنا نعيش حالة من الضياع، وأكبر دليل على أننا نعيش حالة 76 أننا زاهدون عنها، فذكريات 5 يونيو في السنوات السابقة لا يكاد يسمع لها أثر أو حس، في الإعلام ولا في الصحف ولا في الصدى العام الثقافي وفي الحراك الاجتماعي والنقابي والسياسي، وأين هي 5 يونيو من مقرراتنا الدراسية، حتى يعيش أبناؤنا درسا قاسيا ويحولوه إلى  نصر.

من جانب آخر، هناك من يربط الارتباط العاطفي والوجداني والوجودي بين الإسلاميين والقضية الفلسطينية، وبين منع هذا التيار من الوصول للحكم بعد الربيع العربي، هل هذا التحليل له منطقي؟

بل هذا واضح ومطرد، ويرقى إلى درجة القانون، إن الحركة الإسلامية تزعج في مختلف الواجهات والجبهات التي تتحرك فيها، ولكن الجبهة التي تؤدي إلى اتخاذ القرار بتصفيتها هي قضية فلسطين، النقطة الحارقة، دعني أذكرك ببعض هذه المحطات، لماذا اغتيل حسن البنا، اغتيل بسبب القضية الفلسطينية بامتياز، لماذا صفيت حماس بلا رحمة، ويحاصر قطاع غزة ويجوع داخله مليونا فلسطيني، بسبب القضية الفلسطينية بامتياز، لماذا سجن مرسي، بسبب موقفه من حرب 2012، وغيرها كثير.

الحركة الإسلامية يمكن أن تجد شيئا من الصبر وسعة الصدر لدى خصومها، ولكن عندما تتصدى للقضية الفلسطينية فإن الموضوع يصبح مستعجلا، لقد اتخذ قرار اغتيال الحسن البنا في الدوائر الاستخباراتية الكبرى، وتم تبليغ الملك فاروق به عن طريق السفارة البريطانية والفرنسية والأمريكية، استجابة من طلب للحركة الصهيونية، التي قالت إن الإخوان المسلمين، الذين أرسلهم حسن البنا إلى فلسطين يطلبون الموت ويسعون إلى الاستشهاد، في حين نحن جئنا لنحيا، فصدوهم عنا واكفونا شرهم، أما الجيوش العربية فنحن كفيلون بهم”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M