إضاءاتٌ
هوية بريس – ربيع السملالي
* لا أحد يبهرني في العلماء الأقدمين من ناحية الإنصاف كالإمام الذّهبي، ومن طالع موسوعة سير أعلام النّبلاء سيرى ذلك بعينه… ولنأخذ على سبيل المثال ترجمةً من تراجمه ونحلّلها، ولتكن هذه التّرجمة للجاحظ..
يقول عنه: الجاحظ، العلاّمة، المُتبحّر، ذو الفنون… المعتزلي.
كان أحدَ الأذكياء.
كان ماجنًا قليل الدّين، وله نوادر.
كان من بحور العلم.
كان باقعةً في قوّة الحِفظ.
يظهر من شمائل الجاحظ أنّه كان يختلق.
وتلطّخه بغير بدعة أمر واضح.
ولكنّه أخباريّ علاّمة، صاحب فنون وأدب باهر، وذكاء بيّن، عفا الله عنه.
قال ربيع: انظر كيف أنصفَ الرّجل وذكر ما له وما عليه بحياد قلّ نظيره، فهل تجد بين المنتسبين إلى الدّين والعلم اليوم من يشبه هذا الرّجل في إنصافه؟ وها هي جماعة المدخلي لا تعترف لأحد بفضل إلا إذا كان من القطيع الربيعي التّائه الذين يعتقدون أنّ الجنّة تحت أقدامهم المُتّسخة.
فالجاحظ معتزلي قليل الدّين ويختلق الأحاديث والحكايات وربّما جازف وتلطّخه بغير بدعة أمر واضح، وربما لم يكن يصلي كما ذكر ابنُ حَجَر عن أحدهم في لسان الميزان. ومع ذلك فالذّهبي يصفه بالذّكاء وبالعلاّمة وبالأدب الباهر وفي آخر المطاف يدعو له.
وهذا غيض من فيض، وهو نموذج واحد وإلاّ فهناك آلاف التّراجم على هذا المنوال، فليتنا نتخذ هذا الكتاب قدوة لنا في الحكم على النّاس والجماعات.
ومن أراد أن يتأكّد من أنّ الذّهبيَّ نَسيجُ وَحْدِه في هذا الباب فليطالع (المنتظم لابن الجوزي) وسيرى بعينيه كيف كان يكثر من اللعن والسب ويكيل الشّتائم للشّعراء والأدباء كما فعل مع أبي العلاء المعري رحمه الله وغيره.
*****
* فالمرأة تتكلّم وتسمع في آن واحد، ولذا تجد أكثرَ من امرأة في مجلس واحد كلهنّ يتكلمن في وقت واحد، حتى ليُصبح المجلس وكأنّه شجرة تغرّد عليها عصافير.
(ثقافة تويتر؛ ص:57؛ للغذامي).
قال ربيع: كنت أظنّ أن هذه العادة عيبٌ في قبيلتنا، حتى قرأتها اليوم في كتاب هذا المفكر (السعودي) فانفرجت أسارير وجهي..
*****
* عَليّ نَحْتُ القَوَافي مِنْ مَقَاطِعِها….وَمَا عَليّ لَهُم أنْ تَفهَمَ البَقَر
(ديوان البُحتري ص:261).
قال ربيع: الظّاهر أنّ مولانا البُحتري ضاقَ ذرعًا بأصحاب التعليقات الفضولية في (فيسبوك) ذاك الزمان!.. فقصفهم بهذا البيت الذي يقع في قصيدته الماتعة التي يمدح فيها علي بن مر الأرمني..
*****
* أتركُ الكثيرَ من الكتب بأغلفتها، لكي أشعر دومًا بلذة الجديد في مكتبتي.
******
* نعوذ بالله من خِداع العناوين، وتبرّج أغلفة الكتب.
*******
* أخي الكاتب والأديب والشاعر: إذا قال لك أحد محبيك أو معجبيك: أحلم أن ألتقيك على أرض الواقع !..إيّاك أن تفعل فتفسد عليه حلمه وتجعله يردِّد بينه وبين نفسه: أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه.
*****
* أعجبتُ بكتابٍ كأشدّ ما يكون الإعجاب، فشرعت أبحث عن سيرة مؤلّفه بعدما انتهيت من قراءته كعادتي مع كلّ كتاب تشرق شمس روعته في أعماقي وجوارحي.. فوجدته يقول عن كتابه هذا: إنه لم يعد صَالِحًا للقراءة وإنّه ندم على تأليفه ندامةَ الكُسَعِي.. فأصبتُ بخيبة أمل كبيرة، وقررت أن أكتب مقالة أنتقد فيها الكاتب وأعنّفه وأسرف في ذلك.. وأدافع عن الكتاب ما وسعني الدّفاع.
لا تسألوني عن اسم الكاتب والكتاب لأَنَّنِي حين رأيتُ ذلك في المنام غابت عنّي الأسماء بعد الاستيقاظ من نومي.
******
* في رواية: الأشجار واغتيال مرزوق ص: 99-100 لمنيف:
الحياةُ هي المرأة، ولا يمكنُ للرّجل أن ينسى المرأةَ إلاّ وهو يغادر هذه الحياة. لم أنسَ يا صاحبي، ولكن كثيرًا ما تسدّ اللّقمة طريقَ المرأة، تجعل رؤيتها أمرًا مستحيلاً، ومع ذلك فقد ظلّت النّساء الدّودة التي تنخر قلبي دونَ توقّف.
كما قلتُ لك ، قلبُ الرّجل لا يخلو من امرأة، قد تكون امرأة حيّة أو ميّتة، قد تكون زوجة أو صديقة، وقد تكون شيئا آخرَ. دائما توجد امرأة. أمّا إذا رأيتَ رجلاً ليسَ في قلبه امرأة فتأكد أنّ ما تراه ليسَ رجلاً، إنّه جثّة تريد قبرًا !
قال ربيع: لذلك قال سيّد الرّجال صلّى الله عليه وسلّم: حبّب إليّ من دُنياكم الطّيب والنّساء، وجُعلت قرّة عيني في الصّلاة.
وقال تعالى: (زُيّن للناس حب الشهوات من النساء والبنين..).
*****
* لا أدري كيف يطيق النَّاس أنفسهم دون الاطّلاع على كتب الجاحظ، وابن قتيبة، والمُبرّد ، والأصفهاني، وياقوت الحموي، وَعَبَد الفتاح كيليطو.
*****
* لكِ وجه جميل وابتسامة ساحرة ونظرات خجلى تلامسُ البلدان المجهولة في أعماقي، لكن أجدني منصرفًا عن ذلك كلّه وأنا جالس مع كتب صديقي الرّائع: نيكوس كزانتزاكيس.
*****
* سأقول كلمتي وأمضي: تفجير الكنائس والأديرة فعل جبان لا يقدم عليه إلا أحمق أو مرتزق أو عدو للإسلام !.. ومن يدّعي أنّ هذا باب من أبواب الجهاد فهو جاهل أو أقلّ من جاهل بمراحل.. والله المستعان.
*****
* كم هو مقرف ومحزن ومخجِل أن يتاجر في الكتب من ليس لها بأهل..تسأله عن هُتاف المجد، فيحيلك على الحبّ في زمن الكوليرا.
******
* كثُرت الرّوايات المقرصنة والمزورة هذه الأيام، وبعض الجشعين من أصحاب المكتبات يستغلون جهل القارئ العادي فيبيعون له المزورة بثمن الأصلية.. في حين تجد كُتْبيًا فقيرًا ينشر كتبَه على الرّصيف أحسن أخلاقًا منهم، يبيع الرّوايات والكتب المزورة بثمن بخس.. فالحذر الحذر.
******
* بعضُ الكتب أقرأ مقدّماتها لآخذ فكرة قبل إدخالها في رفّها المناسب من المكتبة (كما أوصى بذلك الشيخ ابن عثيمين قديمًا رحمه الله)، فأجدني قد قرأت المقدّمة والمدخل والفصول والخاتمة وجريدة المراجع.. وما ذاك إلا لجودة الأسلوب وروعة الفكرة وجمالية الربط بين الأبواب والفصول.
*****
* أعرتُ جارنا رواية الموريسكي لحسن أوريد فقرأها في أسبوعين، ثم طلب المزيد من الكتب التي تتحدّث عن الأندلس، فأعطيته ثلاثية غرناطة، وسأعطيه بعدها كتاب: الأندلسيون وهجراتهم إلى المغرب، ولن أبخل عليه بشيء رغم موقفي المعروف من الإعارة، أتدرون ما هو السبب؟!.. لأنّه باختصار يدرّسني كلّ يوم جمعة اللغة الفرنسية وطريقة الكتابة بها مستقبلا إن شاء الله.. فهو رجل عاقل كبير في السّن، عانى التّدريس سنوات طويلة.. وأخلاقه في الذّروة جزاه الله خيرًا.
*****
* انتهيت من مطالعة كتاب (ثقافة تويتر) للمفكر السعودي عبد الله الغذامي، فأعجبني جدا الشطر الأول من الكتاب، ولم يرقني الشطر الثاني.. لكن في العموم يبقى كتابًا جيّدا في بابه ومفيدًا لمن يرتاد هذا الموقع الرائع الذي أحبه أكثر من الفيسبوك..
******
* بعضُ الشّبّاب يشترون سراويلَ ممزّقةً من جهة الرّكبتين بثمن باهظ ، ويجدون تشجيعًا على ذلك في مجتمعاتهم، وأنا تعاتبني قبيلتي البائسة وتهددني بسفك دمي= كلّما تناهى إلى مسامعها أنني اشتريتُ كتبًا لأدفع بها الجهل عن نفسي، وأقوّيَ بها قلبي وقلمي، وأدافعَ بها عن أمّتي..!