الدكتور الصمدي يكتب: المال الخاص والميراث

02 أبريل 2024 10:42

هوية بريس-الدكتور خالد الصمدي

المال الخاص والميراث

في إطار سياسة الإلهاء والتضليل والتسويق لثقافة العجل ، يحرص السامري على أن يخلط في اذهان الناس في النقاش العمومي الدائر حول مدونة الأسرة بين التصرف في المال الخاص والميراث ، وأنه يحق للانسان التحكم في التصرف في المال بالاجتهاد قيد حياته وبعد مماته ، علما بأن هناك فرقا كبيرا بينهما،
فمعلوم أن الإنسان العاقل البالغ حر في التصرف في ماله قيد حياته بالهبة أو الصدقة او أي صورة من صور العطاء ، لا تقيده إلا القوانين الجاري بها العمل في التصرف في المال ، أو العدل بين المتعدد من الابناء كما دعت الى ذلك السنة النبوية ، وبالتالي يمكنه ان يهب لمن يشاء من أبنائه أو أبويه أو زوجته أوحفدته أو غيرهم من أقاربه أو الصالح العام ما يشاء ،على القدر والوجه الذي يشاء،
أما بعد مماته فالمال عاد الى صاحبه وهو الله تعالى ” المال مال الله والناس مستخلفون فيه” ولا احد يملك التصرف فيه بمزاج أو شهوة ، وهو سبحانه وتعالى أعلم بمصلحة الأسرة بعد وفاة الهالك فقسم التركة بما يحقق المصلحة الفضلى لجميع مكوناتها ورتب على ذلك حقوقا بقدر ما رتب من واجبات ، ووفق شروط وأركان واسباب وموانع، حدد بموجبها من يستحق ومن لا يستحق وصية أو إرثا بأنصبة ثابتة بنصوص قطعية لا خلاف فيها فرضا وتعصيبا، في إطار منظومة متكاملة واضحة قطعية غير قابلة للمراجعة والنقض والاجتهاد، وبينها الرسول الكريم في السنة المطهرة بالتطبيق العملي ،
ولم يترك ذلك للاجتهاد البشري حسما لكل نزاع قد يقع داخل الأسرة وصيانة لاستمرار تلاحم بنائها ،
ويبقى النظر الفقهي في نوازل ووقائع محددة متعلقة عادة بمدى توفر شروط الإرث واسبابه أو وجود موانعه ، مرده الى اجتهاد الفقهاء اصحاب الورع والتقوى إلى جانب الاختصاص والخبرة في تنزيل النص الشرعي وقرآنا وسنة على الوقائع والمستجدات في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية البانية للأسرة الضامنة لتلاحمها والمراعية للمصلحة الفضلى لكل مكوناتها ،
لذلك لا مجال للخلط بين تصرف الشخص في ماله وهو على قيد الحياة، وسعيه إلى التحكم في كيفية توزيع في هذا المال الذي لم يعد ملكا له بعد وفاته ضدا على النصوص الشرعية القطعية وعبثا بها ،
فالمؤمن حريص على ان يلقى ربه وهو راض عنه مؤمنا بقوله تعالى ” وما كان لمومن ولا مومنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون له الخيرة من أمرهم” وحريص على أن لا أن يلقاه وقد اعتدى على حدوده، أو حمل الناس على ذلك أو أقر لهم وهو في مركز القرار تشريعا فيه خلاف ذلك ، وهو يعلم قوله تعالى بعد حديثه عن نظام الإرث ” تلك حدود الله فلا تعتدوها” ” وقوله تعالى” ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ” صدق الله العظيم
ولما يقضى الأمر يوم الحساب سيكون السامري منزويا مع أشباهه وأمثاله في ركن ما وهو يقول لاتباعه من عبدة العجل ” إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾
صدق الله العظيم،

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M