رمضان شهر السلام والأمان

07 أبريل 2024 18:05
أعظم مفاخر عثمان جمعُ الأمَّة على مصحفٍ واحدٍ

هوية بريس – د. علي محمد الصلابي

إن شهر رمضان المبارك هو شهر الرحمة والمغفرة، وهو مدرسة الإيمان والتقوى الذي أمرنا الله تعالى بصيامه لتزكية النفس وإصلاحها،  وبصلاح النفس دينياً وأخلاقياً تنتشر المودة والرحمة بين الناس، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183]، ورمضان شهر الأمن والإيمان، والسكينة الروحية والنفسية بما يحققه من معاني التقوى في النفس وانعكاسها على المجتمع أمناً وسلاماً، ويتحقق ذلك إذا التزم المُسلم بالتوجيهات الربانية والتعاليم النبوية، وقد كان من دعاء النبي ﷺ حين يرى الهلال أن يقول: ((اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَالتَّوْفِيقِ لِمَا نُحِبُّ وَتَرْضَى، رَبُّنَا وَرَبُّكَ اللَّهُ)) [صحيح ابن حبان].

وقد اختص الله تعالى شهر رمضان بأن جعله شهر الأمان والسلام ونزول الرحمة، الذي تُفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، ويحفظ الله تعالى به الناس من وساوس الشيطان، وفي شهر رمضان ليلة القدر التي أُنزل فيها القرآن الكريم، والتي جعلها الله تعالى سلاماً وأماناً لأهل الأرض، فقال تعالى: }سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ{ [القدر: 5]. (1)

وعن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ أنه قال: ((من أصبح آمناً في سربه، معافىً في بدنه، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)) [رواه الإمام الترمذي والبيهقي].

والمقصود أن نعلم أن انتشار الأمن مطلب من أهم مطالب الحياة، وضرورة من أهم ضروريات البشر، لا تتحقق مصالح العباد والبلاد إلا بوجوده، ولا تتحقق أهداف المجتمعات وتطلعاتها إلا بانتشاره، ولا تسعد نفوس الناس ولا يهنأ عيشهم إلا بازدهاره، ومن هنا جاءت هذه الشريعة الغراء، فإن من أهم قواعدها ومقاصدها العامة حفظ الأمن العام بحفظ الضروريات الخمس التي لا تنعقد معيشة الناس إلا بحفظها ألا وهي: حفظ الدين، وحفظ العقل، وحفظ النفس، وحفظ العرض، وحفظ المال. (2)

وإنه لا غنى لأي مخلوق أو لأي نفس رطبة عن الأمن مهما عزّت في الأرض أو كسبت مالاً وشرفاً ورفعة، فلا راحة ولا هدوء ولا اطمئنان بدون أمن، ففي رحاب الأمن وظله يأمن الناس على أموالهم ومحارمهم ويسيرون ليلاً ونهاراً لا يخشون إلا الله، وفي رحاب الأمن وظله تعم الطمأنينة النفوس، ويسودها الهدوء، وترفرف عليها السعادة، وتؤدى الواجبات باطمئنان من غير هضم أو حرمان (3).

وإن رمضان شهر الأمن والأمان، فلا يمكن لصائم حقيقي أن يسرق أو يقتل أو ينهب أو يغش أو يرتشي، ولهذا فإن من مقاصد الالتزام بالإسلام في كل أحكامه هو حل مشكلة انعدام الأمن والثقة وانتشار الجرائم والفساد والموبقات، فكما أن إقامة الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فإن الصيام بتعويده النفس على الامتناع عن بعض الحلال، فإنه يمنعها عن الحرام من باب أولى، فالمسلمون الصائمون آمنون مسالمون ويعطون الأمان لغيرهم (4).

وكذلك فإن السلام يتجلى في شهر رمضان على أوليائه، فيطهر نفوسهم من الآثام ويهبهم الأمن والسلام النفسي، وإن السلام من الأمور التي تجلب المحبة، وتنشر المودة بين الناس، فيهبهم الأمن والسلام، وإن الصيام باب للجنة، والجنة دار السلام. وإن الهدي النبوي ربط الإسلام بالسلام والإيمان بالأمان فقال الرسول ﷺ: ((المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم)) (5). فإذا كان المؤمن في حاله الطبيعية وأحواله العادية سبباً للأمن والسلام لمن حوله، فكيف يكون المؤمن الصائم في رمضان !؟

المراجع:

  1. رمضان شهر الأمن والإيمان، عبد الكريم الخصاونة، اطلع عليه بتاريخ، 03-04-2022، https://www.aliftaa.jo/
  2. 2. نعمة الأمن وحفظ النفوس والأرواح، موقع اسلام ويب، اطلع عليه بتاريخ 04/01/2023.

https://www.islamweb.net/ar/

  1. كتاب موقع الإسلام سؤال وجواب، محمد صالح المنجد، تم نسخه: ١٥ نوفمبر، ٢٠٠٩ م،

https://shamela.ws/book/26332/1

  1. بيوت رمضانية، حسن بن محمد آل شريم، (دار ابن الأثير)، الطبعة الأولى 2006، ص43.
  2. رمضان شهر السلام، حسن، علاء الدين، مجلة نهج الإسلام، (الناشر وزارة الأوقاف 2015)، مجلد37 ص 74 – 75.

 

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M