شكرا مزراوي.. أوجعتهم فتقبل الله مناسكك

06 يونيو 2024 22:19

هوية بريس – إبراهيم الطالب

أشكر من أعماق قلبي اللاعب مزراوي، حيث أعطى للعب قدره في زمن السيولة التي جعلت منه وظيفة واقتصادا وثقافة، وجعلته يسبق ويطغى على كل شيء سواء كان دينا أو مبدأ أو عرفا، هذه السيولة المهيمنة على السلوك والقناعة فككت كل شيء حتى الإنسان.

فاللاعب المزراوي عندما فضل أن يلبي نداء أبيه إبراهيم عليه السلام بدل الاتحاق بمعسكر المنتخب فهو بهذا الفعل يساهم في ضبط المراتب، وتصحيح المفاهيم، فهو بارك الله فيه لم يجعل اللعب وإن كان مهنته في زمن العبث، فوق واجباته الدينية.

تصرفه هذا لن يعجب خفافيش الظلام، وعبيد الرأسمالية المتوحشة وسدنتها، الذين يرون في هذا الأمر موجبا لثورة الجمهور على مزراوي، وأعلنوا ذلك في بعض وسائل الإعلام، في محاولة لاستفزاز الجماهير المغربية، حتى تنتقم منه، فلا يجرؤ أن يفعل مثل فعله أي لاعب بعده.

هذه المنابر الحاقدة على الدين ودون أن تشعر أعطت لتصرف مزراوي بُعدا ثوريا،لم ينتبه له الكثير من المتابعين. فعندما صرحت أن فعله كان سببا في ثورة الجماهير عليه، وهذا مع كونه كذبا وزورا، إلا أنه نبهنا إلى البُعد الثوري في تصرف مزراوي.

وفي الحقيقة ففعلُه ذو صفة ثورية على أنظمة الفيفا التي تجعل من اللاعبين عبيدا في سوق النخاسة، ويغيب معنى الاسترقاق هذا مع اللمعان الخاطف للعيون والأذهان، فهو مغلف بالذهب والبطولة والشهرة، ويظهر اللاعبين ملوكا فوق الأرض، لكنه لا يخرج عن معنى النخاسة.

وهذا المفهوم وغيره من المفاهيم تم الالتفاف عليها بقوة حتى تنطلي على أصحابها وضحاياها وعموم جمهورها.

فلنتَفكر مثلا في معنى البطولة، فإنك في هذا الزمن زمن اللامعنى، تسمى بطلا لأنك قمت بالضرب المبرح لشخص آخر، فوق حلبة الملاكمة، وربما قتلته أو أصبته بعاهة مستديمة، فتسمى بطلا لأنك انتصرت بمعاييرهم، فالنصر والبطولة تم تغيير مفهومهما، فأنت بطل رغم إجرامك “القانوني” ورغم قتلك لأخيك أو إعطابه، فقط لأنك خضعت ودخلت اللعبة واستجبت لرغبة الشركات والمنظمات التي تديرُ هذه الجرائم باسم الرياضة، ومنها الفيفا وباقي المنظمات والجامعات التابعة لها، والتي تدير مئات الملايير من الدولارات سنويا.

وهذا يقذف بالسؤال في وجوهنا: لماذا أسعار اللاعبين وأجورهم مرتفعة جدا ولا يمكن أن تسوغ باللعب وما يؤديه اللاعبون فوق العشب الأخضر؟

ولكن إذا انتبهنا إلى عشرات المئات من الملايين من البشر الذين تغيبهم عن الوجود وتجعلهم مجرد أفواه تستهلك، وعقول معطلة لا رأي لها ولا قيمة ولا قدرة على التأثير، عرفنا الجواب.

فاللاعبون تماما مثل الممثلين في هوليود، هم قنوات لتمرير قيم الاستهلاك، والعالم اليوم مطالب بتبني نمط الاستهلاك الرأسمالي الذي تنشره بل تفرضه الشركات المتعددة الجنسية، وهذا هو مفهوم العولمة، والتي يعتبرها الباحثون مرحلة متقدمة من مراحل الرأسمالية.

فالممثلون والمغنيون واللاعبون والرياضيون هم مجرد قطع غيار في آليات إنتاج الشهوة التي هي أساس العولمة الاقتصادية والثقافية.

فهم من هذه الزاوية يشاركون بطريقة غير مباشرة لكنها أساسية في رفع مداخيل شركات الإشهار والقمار، وفي تعبيد البشر لأرباب المال والأعمال في العالم.

من هنا عندما يرفض لاعب مسلم المشاركة في إشهار الخمر مثلا، تفرض عليه الفيفا غرامات، لأنه يؤثر على الثقافة التي تروجها الشركات والمنظمات الغربية.

مزراوي وهو ذو شهرة عريضة في العالم ومحط اهتمام وحب لدى ملايين الأفراد خصوصا من الشباب، عندما يظهر في صورة وهو يؤدي مناسك العمرة والحج، مع تركه لمقابلة مصيرية لمنتخبه الوطني استدعي للمشاركة فيها، يكون بهذا صحح المفاهيم ووضع اللعب في مكانه والجد في مكانه، وأعطى الأولوية عند التعارض للدين، وهذا من القوة للحق، لمن يعلم كيف يشتغل “الذين يتبعون الشهوات” في إحداث الميلان إلى الشهوة والشهرة والمال والمدخول المادي والمتعة، ولو على حساب المبادئ والعقيدة والدين والواجب، وذلك حتى يضعف سيرهم على الصراط المستقيم أو تتشعب بهم السبل الصارفة عن سبيل الله.

فشكرا مزراوي مرة أخرى ولك كل الاحترام.

وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M