ضدا على التيئيس        

31 يوليو 2022 14:34

هوية بريس – ابراهيم أقنسوس

يعتبر اليأس، إحدى أقسى درجات الإحباط، التي يمكن أن يصاب بها الإنسان، حين يتساوى عنده كل شيء، ويوشك على الإنهيار، ما يعني أنه فقد القدرة على المقاومة، بفعل توالي النكسات والخيبات، التي تلاحقه بلا توقف ؛ وفي وضع كهذا يصعب التكهن بالمآلات والنتائج ؛ ولذلك ينتظر دائما من القائمين على شؤون المواطنات والمواطنين، بذل كل الجهود الممكنة، للإبقاء على فسحة الأمل مشعة، والمحافظة على جذوة التفاؤل قائمة، في غد يكون أفضل ؛ وبالطبع، لا يتحقق هذا ولا يكون، إلا من خلال إبداء الإهتمام الفعلي والجدي والصادق، بقضايا المواطنات والمواطنين، وإلا من خلال التواصل المستمر والفعال معهم، بكل طبقاتهم ومستوياتهم الإجتماعية، بغرض الإنصات إليهم، وإقناعهم بجدوى البرامج المقترحة، وحقيقة المنجزات ونجاعتها، على أرض الواقع، وتبصيرهم بأوجه التقصير، وأسبابها الموضوعية وغير الموضوعية، حتى يكونوا على بينة من أمرهم، وحتى يتمكنوا بعدها من امتلاك رأي وموقف .

هذا ديدن الحكومات المسؤولة والمواطنة، التي تعتبر الإستقرارالإجتماعي  مكسبا جوهريا، ومطلبا ملحا يأتي على رأس كل الأولويات، لأن ضياعه وفقدانه يعني الفوضى، ويعني السقوط في المجهول ؛ فما أصعب شعور المواطنات والمواطنين باللاجدوى، وما أقسى إحساسهم بضياع المعنى، إثر توالي الهزات، وتتابع الخسارات، التي تطاردهم في معيشهم اليومي، وتفقدهم ما تبقى من أسباب الحياة الكريمة ؛ فماذا يتبقى من الحياة حين تتحول إلى جبال من الهموم اليومية، التي تتفاقم ولا تنتهي، وماذا يتبقى منها حين يصبح المواطن عاجزا تماما، عن تحصيل أبسط الضروريات، التي تبقيه على قيد الحياة، من أكل وشرب وسكن وعلاج وشغل، في أدنى مستوياتها ؛ وماذا يتبقى منها، حين يرى أموالا تبذر، بلا حساب حقيقي، ولا متابعة جادة معقولة ؛ وماذا يتبقى من المسؤولية، حين يتخلى المكلفون بالتدبير والتسيير، بمختلف مستوياتهم، حكومة ومعارضة، عن مهامهم الأساس، ويغرقوا في خصومات وصراعات وحسابات مؤسفة، لا فائدة ترجى منها، عدا إضاعة المزيد من الوقت، وإثارة المزيد من الضجيج ؛ فماذا يهم المواطن اليوم من حضور رئيس الحكومة إلى البرلمان أو غيابه، وماذا يهمه من نتائج الإنتخابات الجزئية وتفاصيلها المملة والمكرورة ؛ فهذه مشاكل خاصة، تناقش في مؤسساتها الخاصة بها، هناك مكتب لمجلس النواب، وهناك القضاء، ليبقى دور البرلمان، هو مراقبة عمل الحكومة، وتذكيرها بمهامها الأساس، وإلزامها بها، وتحيين القضايا الرئيسة التي تهم المواطنات والمواطنين، في الزمن الحاضر، ( غلاء الأسعار، ثمن المحروقات، مشكل الماء الصالح للشرب، معضلة البطالة، مشكلة التعليم والتعليم الخصوصي، الصحة العمومية …) ؛ هذه المطالب الآنية والواضحة، لا تعالج بالمزايدات السياسوية، التي تعني الهروب إلى الأمام، والتي تعني العجز عن ابتكار الحلول ومباشرتها، والتي تعني أيضا، العجز عن الإعتراف بالعجز، ومن تم، الزج بالمواطنين في عوالم من الغموض والإرتباك، التي تكون نتيجتها العادية والمنطقية، هي اليأس الفردي، الذي قد يتحول مع الأيام إلى يأس جماعي، وهذا بالضبط، هوما يجب تفاديه، ومدافعته بشكل يومي، بكل روية وتعقل ومسؤولية، وبكل جد واجتهاد، وبكل إبداع وصدق وإنصات .

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M