أبو القاسم بن سعيد العميري التادلي (1103/1178هـ)
هوية بريس – أحمد السالمي
أبو القاسم بن سعيد العميري التادلي (1103/1178هـ)
هو أبو القاسم بن سعيد العَمِيري الجابري التّادلي المكناسي، ولد بفاس سنة 1103 هـ إلا أنه سرعان ما انتقل إلى مكناس رفقة والده
الذي كانت له مكانة اجتماعية وعلمية مهمة في العهد الإسماعيلي، ذلك أنه كان مقربا من السلطان مولاي إسماعيل،
إذ كان يشاوره هذا الأخير في أمور المهمة كما اختاره للتدريس بحضرته وولاه قضاء عاصمته وجعل له الشورى في مهامته،
فكان له بذلك نفوذ كبير في البلاط الإسماعيلي حتى كان يعبر عنه بعض معاصريه بالوزير.
هكذا كان أبو القاسم بمدينة مكناس كما يقول عن نفسه في فهرسته: في عزة أهل ورفاهية احترام ودعة جلالة إعظام وإكرام غير أني
وإن ألهاني سن الحداثة ببعض الملاهي فلست ولله الحمد باللاهي إذ لم تكن لي راحة إلا في المكتب وما مسيء من اعتب
وما زالت الأبوة الكريمة تلحظني بعين الاستصلاح وتقابلني برعايتها العميمة رغبة في الإجابة لداعي الفلاح
حتى تيسرت والحمد لله الأسباب وانفتحت الأبواب في وجهي لطلب العلوم الشرعية بابا بعد باب.
طلبه للعلم
نشأ أبو القاسم في بيت علم، في حضن والده، الذي أشرف على تعليمه وتأديبه، ودفع به للتفقه على مجموعة من الشيوخ المعاصرين له،
كالشيخ البهلول البوعصامي، كالشيخ أبي عبد الله محمد بن أحمد المسناوي(ت1136هـ)، وأبي علي الحسن بن رحال المعداني (ت1140هـ)،
وأبي العباس أحمد بن أحمد الشدادي (ت 1146هـ)، والشيخ محمد بصري، والشيخ علي التدغي،
وأخذ على عبد القادر بن شقرون، والشيخ عبد الكبير السرغيني، وغيرهم كثير…
ذهب لأداء فريضة الحج مع السيدة خناتة بنت بكار المعافرية أم السلطان المولى عبد الله وحفيدها السلطان محمد بن عبد الله مع مجموعة من الأعلام والأعيان كالوزير السيد الشرقي والسحاقي وغيرهم…
وبعدما نبغ مترجمنا في جملة من العلوم؛ كالفقه، والنحو، والأدب وغيره، تصدى للتدريس،
فكان ممن فاز بالجلوس بين يديه العلامة أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد الشدادي (ت 1163هـ)،
والطيب بن يوسف، وأخذ عنه بالإجازة الشيخ محمد المكي بن موسى الناصري الدرعي.
وإلى جانب التدريس زاول المترجم خطة القضاء بمدينة مكناس في عهد المولى عبد الله بن المولى إسماعيل، ثم عزل،
وأعيد إليها في ولاية المولى علي بن المولى إسماعيل، ثم عزل مرة أخرى، وأعيد، ثم عزل، وذلك إبان تحكم العبيد في السلطة، وقد عان مترجمنا من هذا الوضع.
خلقه
ورغم ما تعرض له مترجمنا عند أدائه لمهمة القضاء من ضيق، قصد النيل من سمعته وتشويهها،
إلا أن العلماء الذين عرفوا جودة علمه وكريم خلقه ووقفوا على حقيقة ما دُبّر له، أثنوا عليه الثناء الجميل، وحلوه بأبهى الصفات،
ففيه يقول محمد بن الطيب القادري في نشره: (أوحد الأوان، وأعدل قضاة الزمان)، وقال عنه عبد الرحمن ابن زيدان:
(آخر أدباء وقضاة العدل بمكناس، ذو سمت حسن، وسكينة وتؤدة ووقار… الجامع بين اللسان والقلم، صدر صدور المشايخ،
ومن له في الفنون العقلية والنقلية القدم الراسخ، الناظم الناثر، واضح المفاخر، كثير المآثر، قاضي قضاة العصر،
الطائر الصيت في كل مصر، محبوب الأنام، نافذ الأحكام، ذو الفهم الثاقب، والإدراك الصائب، حسن الأخلاق، طيب الأعراق، جامع أشتات الفضائل والفواضل، ونخبة سراة الأعلام الأماثل).
مؤلفاته
ومما عرف به مترجمنا أيضا اشتغاله بالتأليف في بعض الفنون، فكان من مصنفاته: “الأمليات الفاشية في شرح العمليات الفاسية”، و”الورد النبوي في ترتيب ما تضمنه شرح التسميط النبوي»، واختصر القانون لليوسي، والأقنوم في مبادئ العلوم، لعبد الرحمن الفاسي، وله فهرسة وسمها بـ: «التنبيه والإعلام بفضل العلم والأعلام»، وتأليف فيما يتعلق بلحن الإمام في الصلاة، وتقييد في العمل بغير المشهور والفتوى به.
وفاته
توفي رحمه الله يوم الجمعة 29 جمادى الثانية عام 1178هـ، ودفن بضريح أبي العباس أحمد بن خضراء.