مما يؤسف له أن كثيرا من الخطباء والوعاظ في هذه الأيام المباركة عند ذكر الأضحية وفضلها لا يكلفون أنفسهم البحث للاستدال بالثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا عذر لهم في ذلك لأن وسائل معرفة ذلك أصبحت جد ميسرة، وإن واجهته قال: ما دام في الفضائل فلا يضر، لكن نقول له على رأي من يعمل بالضعيف في الفضائل فقد اشترط أهل العلم شروطا ومنها: -ألا يشتد ضعفه- وأن تبين ضعفه وهذا مما فقد، فتجده يستدل بالموضوع وإن ذكر الضعيف ذكره بصيغة الجزم ولا يبين ضعفه، فليحذر المسلم من أن يدخل في قوله عليه الصلاة والسلام: (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) رواه الشيخان وهوحديث متواتر، وقوله عليه الصلاة والسلام: (مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوأَحَدُ الْكَاذِبِينَ) رواه مسلم في مقدمة صحيحه .
قال النووي رحمه الله في “شرح مسلم” (1/71):
“يحرم رواية الحديث الموضوع على من عرف كونه موضوعا، أوغلب على ظنه وضعه. فمن روى حديثا علم أوظن وضعه ولم يبين حال روايته ووضعه فهوداخل في هذا الوعيد، مندرج في جملة الكاذبين على رسول الله صلى الله عليه وسلم . ويدل عليه أيضا الحديث السابق: (من حدث عنى بحديث يرى أنه كذب فهوأحد الكاذبين).اهـ
لكن ينبغي أن يعلم أن من أعظم فضائل الأضحية أنها قربة إلى الله تعالى مع الاقتداء بسيد الخلق عليه الصلاة والسلام وكفى بهذا فضلا
ودونك بعض الأحاديث المشتهرة والمنتشرة حول فضل الأضحية لم تثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام:
الحديث الأول: (ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله عزوجل من إهراق الدم وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها وأن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع من الأرض فطيبوا بها نفسا) حديث ضعيف انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني حديث رقم(526) .
الحديث الثاني: (يا رسول الله صلى الله علي وسلم ما هذه الأضاحي قال سنة أبيكم إبراهيم قالوا فما لنا فيها يا رسول الله قال بكل شعرة حسنة قالوا فالصوف يا رسول الله قال بكل شعرة من الصوف حسنة) حديث موضوع
سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني حديث رقم (527).
الحديث الثالث: (يا فاطمة قومي إلى أضحيتك فاشهديها فإن لك بكل قطرة تقطر من دمها أن يغفر لك ما سلف من ذنوبك قالت يا رسول الله ألنا خاصة آل البيت أولنا وللمسلمين قال بل لنا وللمسلمين) حديث منكر.
كتاب سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني حديث رقم (528).
الحديث الرابع: (عظموا ضحاياكم فإنها على الصراط مطاياكم) حديث ضعيف جدا .
انظر كتاب الشذرة في الأحاديث المشتهرة لابن طولون (1/96)، وكتاب سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني (1/173)، وكتاب كشف الخفاء للعجلوني حديث رقم (1794).
الحديث الخامس: (من ضحى طيبة بها نفسه محتسبا لإضحيته كانت له حجابا من النار) موضوع.
سلسة الأحاديث الضعيفة للألباني حديث رقم (529).
الحديث السادس: (إن الله يعتق بكل عضومن الضحية عضوا من المضحي) حديث لا أصل له .
انظر كتاب تلخيص الحبير للحافظ ابن حجر (4/252) وكتاب خلاصة البدر المنير لابن الملقن (2/386).
الحديث السابع: (يا أيها الناس ضحوا واحتسبوا بدمائها فإن الدم وإن وقع في الأرض فإنه يقع في حرز الله) حديث موضوع.
سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني حديث رقم (530).
الحديث الثامن: (ما أنفقت الورق في شيء أفضل من نحيرة في يوم العيد) حديث ضعيف جدا.
سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني حديث رقم (524).
الحديث التاسع: (ما عمل ابن آدم في هذا اليوم أفضل من دم يهراق إلا أن يكون رحما مقطوعة توصل) حديث ضعيف.