أحمد بن عبد الواحد بن المواز الفاسي (ت1341)
هوية بريس – أحمد السالمي
هو أبو العبّاس أحمد بن عبد الواحد الحسني السليماني الشهير بابن المواز الفاسي، أحد فحول الوعاة، وأبطال الأدب الكماة – شب وشاب في طلب العلم والأدب والحكمة قراءة وإقراء وتأليفا وإفتاء، تربى في حجر الرياسة متدرجا في مدارج الكياسة إلى أن جال جولاته في معترك السياسة، وتقلب في عدة وظائف علمية ومخزنية أيام الدول الأربع -الحسنية- والعزيزية – والحفيظية – واليوسفية، خاض غمارها استقلالا وحماية بما أوتيه من دهاء ولباقة – من الكتابة إلى السفارة إلى العضوية بالمجلس التحسيني لكلية القرويين إلى قاضي القضاة، ورئيس المجلس الاستئنافي القضائي بالرباط حيث استوطنه.
أخذ عن والده الفقيه المشارك عبد الواحد بن المواز (ت1318هـ)، وهو عمدته، وعن الشيخ محمد بن المدني كنون (ت1302هـ)، وأحمد بن الطالب بن سودة (ت1321هـ)، وعبد المالك بن محمد العلوي الضرير (ت1318هـ)، وصالح بن المعطي التدلاوي (ت1307هـ) وغيرهم من أعلام العصر.
كان رحمه الله خطيبا بالمدرسة العنانية، وكانت بينه وبينه علماء عصره رسائل ومشاركات أدبية تعبر عن سعة نظره وتسلقه رُتبَ المعالي؛ من قبيل علاّمة المغرب وفيلسوفه أبو عبد الله مَحمد ـ فتحا ـ بن أحمد الرافعي الأزموري الجديدي (ت1360هـ) وكان مغرما بمطارحة المسائل العلمية – بعث مترجمنا أسئلة ستة، ومؤرخ الرباط وأديبها محمد بن مصطفى بوجندار (ت1345هـ)، والعباس بن إبراهيم السّملالي (ت1378هـ)، وكان رحمه الله من أوائل الشّباب المغربي الذين حملوا لواء الإصلاح ضدّ ما كان يتخبط فيه المغرب من التأخر والانحطاط، وما يُكاد حوله من المؤامرات لزعزعة قوّته وهدّ أركانه.
من مؤلفاته: -كتاب في التعليم وطرقه بالمغرب بطلب من أحد الأجانب الفرنسيين- فحرر نبذة في الموضوع تحدث فيها عن أساليب التلقين وطرقها المتعارفة وقتئذ معطيا رأيه في إصلاح الوضع وتحسين المناهج حسبما جد في عالم التربية والتعليم.
ومنها: كتاب “اللؤلؤ السني في مدح الجناب الحسني” وهو عبارة عن نظم في العروض، احتوى مقدمة وخاتمة ضمنه مدح أمير المومنين المولى الحسن الأول رحمه الله ختمه بكلمة فيما ورد من مدح الشعر والإجازة عليه.
ومن آثاره: “رسالة نبل الأرب في بيتي العقل والأدب” طبع بالقلم الفاسي، و”حجة المنذرين على تنطع المنكرين”، و”دفع الوسواس عن مخالجة الأنفاس”.
ومنها: -إنشاؤه بيعة أهل القبائل الحوزية- للمولى عبد الحفيظ رحمه الله، انظر نصها بالإتحاف للمؤرخ المرحوم المولى عبد الرحمن بن زيدان.
وله قصائد ومقطعات رقيقة بديعة منها: تهنئة المولى عبد الحفيظ بالظفر بأبي حمارة يقول فيهــــا:
جازت لنا البحر أنباء من الظفر فكان ريح الصبا من نفحة الخبر
أهدت لنا غربة أنسا بشائرها والأنس حال النوى منتهى الوطر
وللنفوس بقدر البشر تسلية والبشر تهواه طبعا أنفس البشر
يا منبئا بفتوح للعلا اتسعت فداك وهو قليل قوة البصر
ردد علينا أحاديث السعود بما نالت جيوش العلى من مسعد القدر
ومن شعره قوله منبئا ومتنبئا بالحرب العالمية الكبرى الأولى:
قائلة ما في طوايا زماننا فقلت لها قولا لمن يتفرس
أراه بطول السلم قد ضاق صدره فهم بزفرات بها يتنفس
وفي وظيفه برياسة الاستيناف استوطن الرباط، وبه توفي يوم الخميس 13 صفر الخير عام واحد وأربعين وثلاثمائة وألف 1341 هـ (1922م) وصلي عليه بالمسجد الأعظم، ثم حمل على ظهر سيارة خاصة إلى فاس حيث دفن بها بجواره والده.