أختي الغالية.. أما آن لكِ أن تتفقهي في دينكِ..!!
هوية بريس – سناء أزنود
إن مما يُؤسف له في عصرنا الحالي ويحز في النفس أن كثيرا من النساء في جهل وغفلة وإيثار للدنيا، لا يبالين بالتفقه في أحكام دينهن، كل همهن الحياة الدنيا الفانية وزينتها وزخرفتها، فتجد الواحدة منهن تهتم باللباس والزينة والطعام والشراب وتحصيل المال وغيرها من الأمور الدنيوية، ولا تهتم بما هو أهم من ذلك كله ألا وهو العلم النافع المؤذي إلى العمل الصالح الذي بدونه تعتبر في عداد الأموات، الذي بدونه لا تستطيع أن تؤدي ما أوجبه الله عليها من صلاة وصيام وزكاة وغيرها من العبادات على الشكل الصحيح، لا تستطيع أن تفرق بين ما هو حلال وما هو حرام، وهذا لا يليق بمسلمة غيورة على دينها خاصة ونحن في زمن تتوفر فيه الكثير من الوسائل التي تعين أي شخص كيفما كان على التفقه في الدين…
إن جهل المرأة بأحكام دينها يعتبر مصيبة من المصائب التي ابتليت بها هذه الأمة الإسلامية، وخاصة أن المرأة تعتبر أساس المجتمع الإسلامي وعماد الأسرة والدعامة الأولى لتربية الأجيال والمحافظة على القيم الدينية للأمة جمعاء، فهذا الجهل يجعلها تنجرف وتنحرف في كثير من المسائل سواء العقدية منها أو الفقهية، ويجعلها تصبح لقمة سهلة لبغي الأعداء الذين يوجهون جل اهتمامهم إليها ليفسدوها، وذلك من خلال استنساخ النموذج الغربي للمرأة بأورامه وأخطائه ونشره في مجتمعنا الإسلامي…
فكيف ستواجه نساؤنا ما يحاك ضدهن من مؤامرات وهن في جهل، بعيدات كل البعد عن الفهم الصحيح لتعاليم ديننا الإسلامي؟!
لقد أصبح السعي في طلب العلم بالنسبة للمرأة أمرا بعيدا جدا ليس من الأولويات، فالمهم عندها أن تهتم بزينتها وأناقتها وأن تقضي الساعات الطوال في تحضير ما لذ وطاب، وفي مشاهدة المسلسلات الهابطة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وفي النميمة والغيبة مع رفيقاتها، ومشاهدة المجلات الخليعة وغيرها من الأمور التي لا نفع فيها. فإذا سألتها عن أركان الصلاة تجدها لا تعرفها، أما إذا سألتها عن بطل فيلم ما تجدها تعرف اسمه الكامل في الفلم واسمه الحقيقي أيضا، بل تحفظ قصة الفيلم عن ظهر غيب، أما إذا طلبت منها أن تخصص وقت لقراءة كتاب ديني تقول لك ليس لي وقت أو ليس لي رغبة، في حين إذا كانت قصة أو مجلة تجدها متفرغة ومتحمسة لذلك وغيرها من الأمور التي تدمي القلب ولا يسع المقال لذكرها كلها…
كم من أخت تصلي وهي لا تعرف كيفية الصلاة الصحيحة، ولا تعرف شروطها ولا أركانها ولا واجباتها، ولا تكلف نفسها عناء البحث عن ذلك، بل تصلي كما وجدت أهلها يصلون دون علم منها هل طريقتهم في الصلاة صحيحة أم لا، فربما تصلي وهي كاشفة لذراعيها أو ساقيها أو لشعرها ورقبتها، أو تصلي صلاة لا تتم فيها الركوع والسجود بل تصلي كأنها في سباق تخشى أن تُغلب فيه، ولا تعرف أن من أركان الصلاة الطمأنينة، وأن من لا يطمئن في صلاته لا يكون مصليا، بل يؤمر بإعادتها..
وكم من أخت تصلي الفريضة وهي جالسة بحكم أنها تعبت بالوقوف في طهي الطعام أو تنظيف البيت ولا تعرف أن الوقوف مع القدرة من أركان الصلاة، وأن حجتها واهية فكيف تستطيع أن تقف الساعات الطوال في الطهي ولا تستطيع أن تقف خمس دقائق للصلاة…
وكم من أخت تتوضأ وعلى أظافرها طلاء الأظافر أو ما يسمى “بالمناكير” وهي تحسب أن وضوءها كامل ولا تعرف أن الماء يجب أن يصل إلى الأظافر..
وكم من أخت قد تحتلم وترى أثر البلل في ثيابها ولا تغتسل، لأنها تجهل أنه يجب عليها الغسل إذا هي رأت الماء، بل تجهل حتى معنى الاحتلام…
وكم من أخت تحسب أن الحجاب هو غطاء يستر الشعر لا أكثر، فتحسب أنها بمجرد أن غطت شعرها قد تحجبت، ولا تعلم أن حجابها يحتاج إلى حجاب آخر ليستره، فتجهل أن الحجاب ليس تغطية الشعر فقط بل هو إخفاء لكل مفاتن الجسد والله المستعان..
وكم من أخت ترى الصفرة والكدرة بعد الطهر وتتوقف عن أداء العبادات وتظن أنهما من الحيض لجهلها بذلك…
أليس من المحرج ألاّ يكون للمرأة المسلمة معرفة بموضوع الحيض وهو ملازم لها منذ أن بلغت..؟!
وكم من فتاة تتعامل بالربا وتشتغل في الأبناك الربوية وهي تجهل أن كسبها حرام، فتجدها المسكينة لا تفرق بين الحلال والحرام..
وكم من فتاة تمشي بالغيبة والنميمة وهي لا تعلم أن ذلك من كبائر الذنوب، بل وتجعلهما من العادات، إذ أن معظم مجالس النساء اليوم لا تخلوا من هاتين الآفتين الخطيرتين..
وكم من فتاة واقعة في الكثير من البدع، وهي تظن أنها على السنة بل تدافع على تلك البدع بدون دليل يذكر، فقط لمجرد الجدال لا غير وتقديم الهوى على الحق..
وكل ما ذكرته كان فقط على سبيل المثال لا على سبيل الحصر، أما واقعنا فمليء بالمخالفات التي سببها الجهل والغفلة والزهد في التعلم والله المستعان..
أتساءل مع نفسي هل سبب هذا الجهل هو أن اهتمامات النساء اليوم أصبحت تقتصر فقط على شراء آخر صيحات الموضة وعلى تحضير ما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات..؟!
لماذا لا تجعل المرأة لها وقتا معينا للتفقه في الدين ولو حتى نصف ساعة في اليوم أو نصف ساعة في الأسبوع، أو حتى نصف ساعة في الشهر إن كانت بخيلة كل هذا البخل..؟!
لماذا كل هذا الزهد في التفقه في الدين..؟!
ألا تعلمين أخيتي أن حاجتك للتفقه في الدين تفوق حاجتك للأكل والشراب، ألا تعلمين أن التفقه في الدين من أهم الواجبات..؟!
أختي الغالية، اعلمي بأن أعظم ما يُتقرٍب به إلى الله عز وجل الفقه في الدين، فهو يعتبر من أشرف العلوم وأجلها، فمن طريقه تصح عبادات المسلمين ومعاملاتهم، ولهذا مدح الرسول صلى الله عليه وسلم المتفقهين في الدين وبين أن الله أراد بهم خيرا، فقال صلى الله عليه وسلم “من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين“. فرتب عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث الخير كله على معرفة أحكام الدين وفهمها الفهم الصحيح الذي يحصل به العلم النافع، المؤدي إلى العمل الصالح..
أفلا تحبين أخيتي أن تكوني ممن أراد الله بهم خيرا..؟!
إن كنت تحبين ذلك فعليكِ أن تتفقهي في دينك، فتتعلمي أحكام الصلاة والصيام والحج وغيرها من العبادات، وما يخصكِ من أحكام كالحيض والطهر والنفاس وغيرها، وتسألين عما خفي عليكِ حكمه حتى تكون عبادتكِ صحيحة وتعبدين الله عز وجل على علم وبصيرة..
ولكِ في ذلك أسوة حسنة بالصحابيات الجليلات كنساء الأنصار حين امتدحتهن أمي وحبيبة قلبي عائشة رضي الله عنها فقالت: “نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين“.
فلا بد لكِ أيتها الغالية من أن تتعلمي ما يحصل لكِ به الفقه في الدين حتى تؤدي ما أوجب الله عليك وتتركي ما حرم الله عليك، فإنه لا تستوي من تفقهت في دينها بأخرى جاهلة، ألم تسمعي قول الله عز وجل: “قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون“.
واعلمي أيتها الغالية أن التفقه في الدين دليل خيرك وفلاحك في الدارين، فإنك إذا فقهت دينك كنت ممن يعبد الله على علم، فاتقي الله عز وجل، واحرصي على ما ينفعكِ..