لعبة “الضفدع المطبوخ”.. ويحمان يبرر موقفه من العثماني

هوية بريس – متابعات
في مقاله الجديد بعنوان “المغرب ولعبة الضفدع المطبوخ”، قدّم أحمد ويحمان، رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، قراءةً شديدة اللهجة لمسار التطبيع ومحاولات تحويله إلى أمر مألوف داخل المجتمع المغربي، محذرًا من أن الخطر الأكبر لم يعد في توقيع الاتفاقيات، بل في “التطبيع مع التطبيع” وإفراغ القيم من محتواها.
المقال، وفق ويحمان، يأتي ليضع النقاش في سياقه الحقيقي بعيدًا عن السجالات الشخصية، مؤكّدًا أن القضية ليست خلافًا بين أحمد ويحمان ويونس مسكين، ولا بينه وبين سعد الدين العثماني، بل هي مواجهة مفتوحة بين خيارين: خيار المقاومة الوطنية و خيار الاختراق الصهيوني الذي يُراد تمريره بالتدرج، “بالشوية بالشوية”.
القصة ليست أشخاصًا..
يؤكد ويحمان أن هناك لحظات في التاريخ تتكشف فيها المواقف، تمامًا كما كشفت سورة التوبة المنافحين والمثبتين، وكما كشفت غزة في محنتها الكبرى حقيقة الأنظمة والنخب.
ويضيف أن تدوينة واحدة كشفت اصطفافات واسعة، وفضحت العلاقة العملية مع التطبيع:
“المسألة ليست شعارات.. المسألة سلوك عملي يختبر المواقف الحقيقية.”
ويعتبر أن أخطر ما يحدث اليوم هو محاولة تحويل التطبيع إلى سلوك طبيعي يومي، خالٍ من أي كلفة معنوية أو أخلاقية. وهنا يستحضر تجربة “الضفدع المطبوخ”:
-
إذا ألقي في ماء يغلي، يقفز وينجو.
-
وإذا وضع في ماء بارد تُرفع حرارته تدريجيًا، يتأقلم حتى يموت دون أن ينتبه.
ويقول ويحمان إن هذا ما يُراد للمجتمع المغربي: ترويضه تدريجيًا على قبول الاختراق الصهيوني، عبر الندوات، التبييض الإعلامي، الاستضافة، إعادة الإدماج، والتعويم، حتى يصبح التطبيع “نقاشًا عاديًا” والمطبّع “فاعلًا طبيعيًا”.
رفض مبدئي.. لأن التطبيع وقع في لحظة دامية
يوضح ويحمان أن اعتراضه لم يكن شخصيًا، ولا هجومًا على أحد، بل موقفًا أخلاقيًا من فعل سياسي “وقع في لحظة تاريخية دامية”، والدم الفلسطيني فيها كان صريحًا لا يحتمل التأويل.
ويذكّر بأن الشارع المغربي — من طنجة إلى الكويرة — خرج بالملايين، معلنًا موقفًا لا لبس فيه: “التطبيع خيانة.”
ويرفض الكاتب اختزال النقاش في علاقات شخصية، مؤكدًا أن سعد الدين العثماني كان صديقًا مقرّبًا، وأنه كان قبل أيام قليلة ضيفًا على مائدته. لكن المبادئ — كما يقول — لا تُقاس بالعواطف:
“المعركة ليست مع الأسماء، بل مع الخيارات؛ ليست مع الأشخاص، بل مع السياسات.”
تغيير عبر التدرّج.. محاولة لجرّ المغرب إلى “الاعتياد الخطير”
ينبّه ويحمان إلى أن أخطر ما يحدث اليوم هو تأقلم تدريجي مع الاختراق الصهيوني سياسيًا، إعلاميًا، ثقافيًا، واقتصاديًا، دون أن يشعر المجتمع بخطورة التحول.
فمتى فُقدت البوصلة الأخلاقية — بحسبه — يصبح كل شيء قابلًا للتبرير، “وكل خيانة قابلة للتأويل”.
ويعتبر أن التطبيع ليس “وجهة نظر”، بل جرح في الوعي وتهديد للأمن الرمزي والسياسي والاستراتيجي للمغرب، وأن من يروّض المجتمع على قبوله “يشارك في لعبة الضفدع المطبوخ، بقصد أو بغير قصد”.
السؤال الحاسم: هل سنقفز من القدر قبل فوات الأوان؟
يختم ويحمان مقاله بتوجيه سؤال جوهري إلى الرأي العام المغربي: هل سنقفز من القدر، أم سنواصل التأقلم حتى النهاية؟
وهي دعوة صريحة لاستعادة الوعي الجمعي، ورفض التطبيع كخيار سياسي وأخلاقي، والتصدي لمساره التدريجي قبل أن يتحول إلى واقع صلب يصعب التراجع عنه.



