الأزمة السياسية والإقتصادية تدفع الشباب المغربي للهجرة في قوارب الموت
هوية بريس – أيوب الفزازي
في الآونة الأخيرة بدأت تشهد ظاهرة الهجرة السرية جمعا غفيرا من الشباب المغربي في قوارب الموت صوب إسبانيا، والأرقام في تزايدها كل هنيهة، لكن الأمر الذي ملأ القلب أشجانا أن هؤلاء الشباب كثير منهم من لم تكتمل أحلامه ويهوي في ظلمات البحر يضع حدا لحياته. في هذا المقام الحرج تطوف في ذهننا عدة أسئلة تسعى إلى الإجابة الصريحة المقنعة التي تشفي الغليل، وتزيل الإشكال العالق في المخيلة. لماذا هؤلاء الشباب يغادرون وطنهم مسقط رأسهم ومنبت غرسهم؟ وما الدافع الذي جعلهم يعرضون حياتهم للموت المحتوم لغرض الوصول إلى البلد الإسباني؟ وما الذي يرونه قريبا في هذا الوطن ويرونه بعيدا في وطنهم؟ وهل هناك تحركات من قبل الحكومة المغربية إزاء هذه الظاهرة المحرجة؟ كل هذه الأسئلة التي تطرح نفسها تود منا الإجابة الصادقة الصافية التي لا يشوبها زيف.
هؤلاء الشباب لم يقرر مغادرة وطنه بهذه الطرق العويصة المفقودة للشروط الضامنة لسلامته، إلا بعد أن وجد نفسه في بلده مضطهدا مسلوب الحقوق، مغصوب الحياة، مهزوم النفس، مشلول العقل، مكتنفا في أحضان الفقر المدقع الناتج عن البطالة المنتنة التي تسببت فيها اللصوص لثروات الوطن، والناهبون لخيراته، والتي وصلت إليها عن طريق الانتخابات الحاملة لشعارات مزيفة مكذوبة، ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب. وبعد أن وجد هؤلاء الفتية الوضع يزداد خناقا وقهرا لا أحد يلتفت إليهم ولا إلى معاناتهم الدائمة المتواصلة ما كان منهم إلا البحث عن السبل والطرق المؤدية إلى خروجهم من أزمتهم المدقعة، والحاكمة الفاصلة بينهم وبما هم فيه، فلم يجدوا أمامهم سوى فرجة التسلل منها صوب الدولة الإسبانية القريبة من موطنهم بطرق وعرة غير مشروعة فوق أمواج البحر العاتية، تجعلهم بين الموت والحياة؛ فإما أن تتحقق أحلامهم بالوصول إلى البلد الذي يرونه جنة الله في أرضه، وإما أن تبتر أحلامهم فتهوي بهم في ظلمات البحر الحالكة.
فبحكم الحالة الاجتماعية القاسية التي عاشوها في وطنهم، وعدم تحقيق أدنى أهدافهم من العيش الكريم، وانتزاع حقوقهم؛ والتي كان وراءها الأيادي الغاصبة لشبابهم وحياتهم الكريمة، أرادوا بهذه الهجرة الوصول إلى البلد الذي سيفتح أمامهم الفرصة السانحة لتحقيق أحلامهم المنشودة التي فقدوها في وطنهم الأم، فهم يعلمون علم يقين أن هذا الوطن الجديد سيعزز مكانتهم، ويرفع قيمتهم، ويضمن لهم العيش الكريم رغم اختلاف جنسيتهم ومعتقدهم وديانتهم؛ لأن المقياس عندهم في التمييز بين بني البشر منحصر في الإنسانية.
رغم هذه الهجرة المتتالية في صفوف الشباب المغربي منهم من يصل إلى الوطن الذي يراه بديلا، ومنهم من تكون نهايته وسط ظلمات البحر يلفظ أنفاسه ويمجه البحر خارجه، لم نرى أي تحركات من قبل الحكومة إزاء الأمر، والإسراع إلى حل هذه المشكلة في ظرفية وجيزة حتى لا يتفاقم الوضع ويحصد البحر أرواحا هائلة من الشباب الذي هم عماد الوطن، لكن لم نجد الضمائر الحية، والقلوب اللينة الرطبة، التي لها الغيرة على مستقبل وطنها وشبابها، فهم في مناصبهم ساهون، ولثروات الوطن ناهبون، ولحقوق الشعب غاصبون.