“الاستبدال المرعب” في التعامل مع غزة

هوية بريس – جهاد حَجَّاب
أستخدم منصة tiktok كثيرا وأستفيد منها بشكل يومي، والمحتوى الذي أتابعه عليها كله من غربيين بعد أن برمجت الخوارزميات وضبطتها.
ما لفت انتباهي هو حجم الشجاعة التي يتحلى بها كثير من غير المسلمين الغرب لنصرة قضية فلسطين.. عشرات المقاطع يوميا لتغطية أغلب الوقائع وتحليل الماضي والحاضر حول ما يخص فلسطين، واعترافات كثيرة من هؤلاء بسابق جهلهم وكيف تغيرت حياتهم بعد معرفة الحقائق.
كثيرون وبدافع إنساني بحت يبذلون كل شيء لنصرة المستضعفين.. وهو شيء لم نكن نحن الذين نعيش هذه القضية نتخيل أن يقع في أي وقت قريب.. لكنه الطوفان المبارك! فسبحان من قدره ودبّره بحوله وقوته.
حتى وعيهم بالمقاطعة وحديثهم عنها وتعاملهم مع من يسخر منها عجيب..
المرء يتعجب ويتأثر حين يرى هؤلاء الذين لا تربطهم بفلسطين أي مكونات هوياتية إلا خيط الإنسانية والمبدأ الأخلاقي.. بينما عشرات الحيوانات البشرية عندنا لا تبالي إطلاقا بما يجري في إخوانهم، ويؤمنون بوثنية جاهلية وهمية يسمونها وطنية يعبدون فيها حدودا جغرافية ويطبلون ويزمرون لطواغيتهم بحجة “حفظ الأمن والأمان”.. هتك الله أمنهم المزعوم وأذاقهم ذلة ومسكنة بما يخَذِّلون!
بمعنى..
لا مسوّغ اليوم ولا عذر لأحد..
إذا كان الغربي الكافر يخرج في مظاهرات ويُعتَقل ويُعاقب بصنوف العقاب القانوني لأجل التضامن مع فلسطين.. وينشر على منصات التواصل ويبحث في الكتب ويهتم بمعرفة الحقائق.. بينما أشباه المسلمين وكثير من العربان من شتى الطوائف والملل يتطاولون ويتجاهلون القضية ويستنكرون لها.. فهذا هو الاستبدال المرعب.. وسيستمر حتى يتغربل الجميع.
•
طبعا هذا لا يلغي إطلاقا الجهد الصادق الخالص الجبار العظيم الذي يبذله كثير من المؤمنين والشرفاء من بلاد الإسلام والعرب لنصرة غزة والمقاومة.. فهؤلاء على قلتهم إلا أنهم يجاهدون ويألمون حقيقة على حال غزة، وودوا مخلصين لو تفنى أجسادهم على حدود بلاد أرض المقدِس ولا يستمرون في عيش حياة يتعذب فيها إخوانهم.
لكن الأغلبية لا مبالية باردة قاسية متجاهلة أنانية غثائية تحب الدنيا حبا جما وتتعلق بوثنية الوطنية الزائفة حتى تعفي نفسها من حِمل النصرة وواجبات الجهاد والتضحية.
هذه الأغلبية الفاسقة قد حذرها الله تعالى بنص القرآن تحذيرا مرعبا.. لكنهم عن آيات الله معرضون!
قال تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة:24].
•
إن الله يستبدل القوم الذين ما قدروا نعمة الله عليهم، ويعد لهم عقابا أليما.. ولن يشفع لهم شيء عند الله ولو وصلوا الليل بالنهار بمظاهر العبادات وهم بأهم عبادة كالجهاد أكفَر بل يحاربون أو يثبطون أهل الجهاد والرباط ويعتدون عليهم بالتهم واللوم والتواطؤ في استهلاك السلع المحرمة التي يدركون يقينا أنها تقتل المستضعفين. انتقم الله منهم جميعا.



