“موسم تاعلات”.. وخوض “البام” في “التقاشر” مرة أخرى!!
هوية بريس – عابد عبد المنعم
مؤخرا؛ احتد النقاش حول موضوع المسح على الجوارب “التقاشير”، وذلك بعد أن أفتى فقيه مغربي معروف ببطلان الصلاة خلف من يكتفي بمسح الجوارب خلال الوضوء للصلاة.
ولأن النقاش ظل حبيس المختصين بالعلوم الشرعية، والمهتمين بها، فقد كان مقبولا إلى حد ما، لكن بعد أن حاول حزب تسييس النقاش واستغلاله سياسويا، فقد استنكر عدد من الباحثين والأكاديميين هذا السلوك المشين.
خاصة وأن الحزب الذي دخل على الخط هو حزب الأصالة والمعاصرة، الذي تقدم بسؤال شفوي لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، اعتبر فيه أن نقاش المسح على الجوارب “التقاشير” يندرج ضمن خانة الغلو وفوضى الفتاوى الدينية، كما هاجم ذات الحزب المنتقدين لبعض المخالفات بموسم تاعلات..
وحيث إن كثيرا من المتابعين قد ظنوا أن حزب الجرار قد قطع مع الخوض في “لغة التقاشير”، بعد أن أثار أمينه العام السابق الرأي العام، حين عنف المدير الإقليمي لوزارة الثقافة، وقال له بنبرة سلطوية حادة: “..شوف كانعرف عليك كلشي وكنعرف لون التقاشر اللي نتا لابس”، ها هو الحزب يعود ليخوض مرة أخرى في التقاشير، ولا ندري صراحة سرَّ اهتمامه الكبير بها.
د.محمد عوام، علق على سؤال حزب الأصالة والمعاصرة الموجه لوزير الأوقاف بقوله “هؤلاء يصطادون في الماء العكر، الأصل عندهم هو العلمانية، ولا يلتفتون إلى الدين إلا تشويها وانتقاصا، أما القراءة السياسية للحدث، فليست متعلقة بسؤال التقاشير، وإنما هو إرباك وإشغال الناس عن القضايا المهمة، ويأتي هذا في سياق تغيير حكومي مرتقب وأحداث غزة، وإلا من العبث السؤال عن التقاشير في قبة البرلمان”.
وأضاف عضو مركز المقاصد للدراسات والبحوث “لو كانوا صادقين لكفوا عن الدعوة إلى الزنا باسم العلاقات الرضائية، وهل من يدعو إلى هذا المنكر الفظيع يهمه المسح على التقاشير أم يهمه طمس هوية الأمة. مع الأسف بعض إخواننا بالغوا وأعطوهم الفرصة ليصبوا الخل على الزيت”.
بدوره علق د.يوسف فاوزي على سؤال البام المثير بقوله “هذا الحزب شأنه شأن بقية الأحزاب السياسية المغربية، فشل في تحقيق وعوده الكاذبة للمغاربة بتحقيق العيش الكريم؛ فلذلك تقفز بعض قياداته لصرف نظر الناس عن فشلها إلى مثل هذه القضايا التافهة”.
وأضاف أستاذ الشريعة بجامعة ابن زهر في تصريح لمنبر “هوية بريس” “إن اختصاص الفتوى هو من مهام العلماء؛ فأين الاشكال إذا تكلم العلماء بالعلم في المسائل الدينية؟؟!!
ومن التناقض الذي تقع فيه هذه الأحزاب السياسية هي اقحام نفسها في الثوابت الدينية كقضايا مدونة الأسرة المغربية؛ بكل جهل ووقاحة؛ ثم بعد ذلك تمنع العلماء من الفتوى الشرعية!!”.
الواجب على هذه الأحزاب الفاشلة، يؤكد د.يوسف فاوزي، أن تلجم نفسها عن الشأن الديني جملة وتفصيلا؛ وأن تحقق بعض الوعود التي وعدت بها المغاربة في حملتها الانتخابية الكثيرة؛ وإذا كانت هذه الأحزاب تريد المشاركة الإيجابية في اهتمامات المواطنين فهناك قضايا تستحق النقاش والحوار.
د.رشيد بنكيران شدد في تصريح لـ”هوية بريس” على أنه لن أخوض في مسألتي “المسح على التقاشير” أو “زيارة موسم تعلات”، ولن أخوض كذلك في الإفتاء وضوابطه، ولا ينبغي، وفق قوله، لكل إنسان يحترم عقله وعقول المسلمين أن يناقش هذين الأمرين مع حزب الأصالة والمعاصرة.
والسبب يؤكد مدير مركز غراس للتربية والتكوين وتنمية المهارات يرجع للاعتبارات التالية:
– لأنه ببساطة أن هذا الحزب يستغل نقاشا فقهيا والتفاعل الواسع الذي وقع فيه من طرف شريحة من المجتمع المغربي للحجر على الدين وتكميم أفواه أهل العلم الشرعي وإقصائهم من المدافعة المطلوبة منهم ضد شطحات الحداثة اللادينية.
– لأنه ببساطة أن هذا الحزب يفتي بأن الأمة المغربية أو الدولة المغربية لا يحق لها شرعا ولا قانونا أن تتدخل في العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، يعني الزنا، وطبعا من أفتى بذلك لن يهمه أمر “مسح التقاشير” أثناء الوضوء؛ لأن ما أفتى يُذهب بالدين كله وليس فقط بالوضوء.
– لأنه ببساطة هذا الحزب منذ نشأته أعلن أمينه العام قبل وهبي بصريح العبارة “جئنا لمحاربة الإسلاميين”، وأكد ذلك أمينه العام السابق ووزير العدل الحالي بقوله: “بعد خروج الإسلاميين.. النقاش مع المواطنين بفكر حداثي يناهض الفكر المحافظ”. قلت: فكيف لحزب يناهض الفكر المحافظ للأمة المغربة أن يهتم بمسألة تتعلق بالوضوء؛ المسح على التقاشير؟؟ أليس هذا الفكر المحافظ ومن ورائهم الشعب المغربي من أكبر همهم أن يحافظوا على الصلوات الخمس؟؟
– لأنه ببساطة أن هذا الحزب صرح عندما تقلد المسؤولية في الحكومة أنه “أسس حزبه ليغير تاريخ هذه الأمة” وهذا لسان أمينه العام السابق عبد اللطيف وهبي. وقلت: والجميع يعلم أن أكبر مميز لتاريخ هذه الأمة المغربية هو الدين؛ وهو الثابت الرسمي لديها، فكيف بمن جاء ليغير ثابتها الرسمي أو ليغير دينها أن يطالب بحماية مسألة تتعلق بجزئية في الدين.
وختم د.رشيد بنكيران تصريحه لـ”هوية بريس” بقوله “أظن أن السؤال الشفوي الذي تقدمت به البرلمانية التي تنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة مثالا حيا للاستهزاء بعقول المغاربة، ولا يليق بالجهة الوصية على الحقل الديني أن تقع في فخها”.
وعلاقة بموسم تعلات المشار إليه في بلاغ “البام”، وببعض ما يجري فيه من مخالفات؛ فقد كشف د.قاسم اكحيلات أن موسم (تاعلات)، أو (تاعلاّت) (للاتعلاّط) (توعلاّت) كما نسبها المختار [(رجالات العلم العربي في سوس ص94)] هي فاطمة بنت محمد، من بني علا الهلالية، ويقال لها: ربيعة أوانها. [فهرس الفهارس عبد الحي الكتاني 1153/2] تنسب للتصوف والزهد والصلاح..”.
وأوضح الباحث المغربي أن هذه الشخصية “قد حبكت بخصوصها الكثير من الخرافات تحت مسمى الكرامة، فمن الخرافات التي تنسب إليها، أنها كانت تطير في الهواء وتزور الحرمين متى أرادت، بل تأتي أي بلد وأي أفق من آفاق الأرض متى شاءت. وتأتي معها بماء زمزم وتدفعه للشارب يرتوي منه!. بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها على فرسه هو وأصحابه. [طبقات الحضيكي (ت بومزكو ط. الأولى 592/2)]”.
وأضاف د.اكحيلات “ذكر أحمد العبادي، أن زوجها ركب البحر للحج فلما اشتدت به الريح والموج، نادى باسمها فرآها تقود السفينة فوق الماء! وكانت هي من أخبرته أن يناديها باسمها إن حصل ذلك. [صالحات متبرك بهن (ط.الأوقاف ص58)]”.
وتابع ذات المتدخل أن الموسم تجري به “أمور كثيرة مخالفة للعقيدة والأخلاق، كطلب البركة والدعاء والتبرك، ومما يحكى في هذا أن الفقراء زاروها يوما ففوجئ الجميع بالدقيق صار كسكسا لوحده! [تاريخ قبائل هلالة ص287]”.
وذكر د.اكحيلات أن مما يقع في هذا الموسم “(تحزابات) وهو المنافسة على القراءة الجماعية، وقد ذكر المختار السوسي بعض ما يقع في ذلك، وأن الطلبة -هم حفظة القرآن- يجتمعون ويتناوبون القراءة فإن أخطأ أحدهم سخروا منه وصدرت منهم تصرفات ماجنة مخالفة للأدب، كيف لا يكون ذلك؟ والطلبة مغفور لهم كما يعتقد البعض. [مدارس سوس العتيقة (ص36)]”.
وختم منشوره، بأنه “قد حكى غير واحد عن الطواف بقبرها والسجود له والاستشفاع به.. وبعد هذا يحرص قوم ممن يحسب على القرآن بحضور الموسم والدعاية له!”.