الزكاة وعاشوراء
هوية بريس – إبراهيم أيت باخة
دأب كثير من الناس على ربط الزكاة بعاشوراء؛ فيكثر السؤال عن أحكامها في هذا الشهر، ويغلق أرباب المحلات التجارية الأبواب لاحتساب أموال الزكاة، ويكثر المتسولون في هذه الأيام، حتى من الأطفال…
والأصل أن الزكاة عبادة غير مرتبطة بميقات زمني موحد، بل الأمر راجع إلى كل شخص إذا حال الحول على النصاب من ماله، لقوله صلى الله عليه وسلم: (ليسَ في مالِ زكاة حتى يحولَ عليه الحَولُ) رواه أبوداود والترمذي.
ولعل السبب الذي جعل الناس يعتادون إخراج الزاكاة في محرم هو كونه أول شهور العام؛ فظنوا أن المقصود بالحول هو العام الهجري، أو لأن كثيرا منهم إذا جهل ابتداء حوله ابتدأه من أول العام تأريخا له، أو لأن البعض اختلط عليه عاشوراء و(العشور) كما تسمى الزكاة عندنا.
وإن من مقاصد الإسلام في عدم التوقيت للزكاة بمقيات واحد؛ استمرارها في أشهر السنة كلها حتى يستفيد منها الفقراء والمساكين والمستحقون لها، فقد تحدث للناس أحوال وحاجات في غير عاشوراء فيجدون في أموال الزكاة ما يسدون به حاجاتهم.
ومن مخاطر تأجيل الزكاة إلى المحرم التغرير بمال الزكاة وإشغال الذمة بحق الغير، قال ابن بطال رحمه الله : (إن الخير ينبغي أن يبادر به فإن الآفات تعرض والموانع تمنع والموت لا يؤمن والتسويف غير محمود)، قال ابن حجر رحمه الله: (زاد غيره وهو أخلص للذمة وأنفى للحاجة وأبعد من المطل المذموم وأرضى للرب وأمحى للذنب) فتح الباري: 299/3.
ولعل ربط الناس الزكاة بعاشوراء قديم، فقد أنكر ابن الحاج (737هـ) رحمه الله ذلك في المدخل فقال:
(ثم إنهم يضمون إلى ذلك بدعة، أو محرما، وذلك أنه يجب على بعضهم الزكاة مثلا في شهر صفر، أو ربيع، أو غيرهما من شهور السنة فيؤخرون إعطاء ما وجب عليهم إلى يوم عاشوراء وفيه من التغرير بمال الصدقة ما فيه، فقد يموت في أثناء السنة، أو يفلس فيبقى ذلك في ذمته، وأقبح ما فيه أن صاحب الشرع صلوات الله عليه وسلامه شهد فيه بأنه ظالم بقوله عليه الصلاة والسلام: (مطل الغني ظلم).
وفيه بدعة أخرى وهو أن الشارع صلوات الله عليه وسلامه حد للزكاة حولا كاملا وهو اثنا عشر شهرا، وفي فعلهم المذكور زيادة على الحول بحسب ما جاءهم يوم عاشوراء، فقد يكون كثيرا، وقد يكون قليلا) (المدخل/ص:290).