“السَّعْيُ الخَفِي” في مدح الاستبداد والفساد

02 ديسمبر 2024 18:11

هوية بريس – د.ميمون نكاز

أقلام مضحكة تتظاهر بالحكمة، تعاتب الشعوب التي انتفضت على ظالميها وجلاديها في المسمى “ربيعا عربيا”، مؤاخذة لها على ما آلت إليه الأوضاع في أوطانها من الفتن والفوضى والانقسام، كأنها هي الفاعلة الموزَرة، ولا تنطق بِعُشُرِ حَرٌفٍ في نقد الاستبداد ونقض الفساد الذي أرهق كرامة الإنسان واستفزه للقومة والحركة والثورة والخروج… بل تراها جادة لا تألوا جهدا في “مدح المستبد الفاسد”، واصفة إياه بالحكمة وبعد النظر في ضبط الأمور وتحاشي الفتنة والفوضى وسوء المنقلب، حيث يرتد طرف ذي المروءة خاسئا حسيرا مما يرى ويسمع ويقرأ لأصحاب الأقلام المضحكة المتشبعة بعميق الفهم وسديد الحكمة!!!.

لا يسع الإنسان إلا أن يكون متحيزا إلى ضرورة المحافظة على الأمن والسلم الاجتماعي والاستقرار، ولا يسع العاقل الحكيم منه إلا أن يكون ناظرا في مآلات الأفعال الانتفاضية والأفعال الثورية الخروجية على الأنظمة القائمة، مقدرا لمحتملات المصالح والمفاسد فيها، حاسبا لعواقبها على الدولة وآثارها على المجتمع، ولكن العاقل الحكيم منه لا يمكن أن يكون -كذلك- في يوم من الأيام سندا للاستبداد أو غاضا الطرف عن الفساد، داعما له ولو بأعشار الحرف الواحد، طبالا زمارا له بكيل المديح له بالتضمن المقالي في حاله، مدعيا -بالتضمن المقالي في حاله-شرطية السكوت عنه والمسالمة له، من أجل المحافظة على الأمن والاستقرار…

لو سألنا أصحاب هذه الأقلام المضحكة المتشبعة بالحكمة: لم لا تسلك هذه الأنظمة سبل الحق والعدالة والحرية والمساواة والقطع مع محتكرات السلطة والثروة والفصل مع الفساد، من أجل إراحة شعوبها من مجرد التفكير في ربيع عربي ثان أوثالث أورابع أو عاشر؟ إذ حينها لا “قحط” يخشى، ولا “جفاف” يخيف، ولا “صيف” يحرق، يجعلها تحلم بالربيع، وذلك وارد قادم لا محالة، لأنه منطوق التاريخ في هديه وسنته، أجيبونا يرحم الله أقلامكم المضحكة المتشبعة بالحكمة…

أيتها الأقلام المضحكة المتشبعة بالحكمة، اعْقِلِي مدادَك عن كيل المديح للاستبداد والفساد بالتضمن الحالي، بصرف المعاتبة والمؤاخذة عنهما في نوازل الربيع العربي إلى الحركات والجماعات والأحزاب والشعوب، ولا تكوني سندا لهما في ظلم الشعوب المقهورة المغلوبة، فإنها معطوبة في نخاع شوك وجودها، واعلمي أيتها “الأقلام المضحكة” أن “العقل الحكيم الجاد” في قوله ونظره هو الذي يقدر الأشياء بأقدارها العادلة المنصفة، و يحمل كل الأطراف أنصبتها المطابقة لأفعالها وصنائعها مما كسبت أو تكسب في نفسها، وفي شعوبها، وفي أمتها…

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M