«الشيخوخة» سلاح الدمار الشامل
مسرور المراكشي
هوية بريس – الجمعة 29 يناير 2016
لقد أقيم مؤخرا في اليابان حفل بلوغ الشباب سن الرشد، ويعد كل ياباني بلغ العشرين من عمره راشدا، وبذلك يتحرر من كل القيود قبل بلوغه هذا السن، ويكتسب حق التصرف القانوني في كل شؤون حياته، لكن هذه السنة كان عدد الشباب الراشد أقل بـ50 ألف من السنة الماضية. فرغم اهتمام الدولة اليابانية بفئة الشباب لكونهم أمل المستقبل، لكن الواقع المر هو انحدار المجتمع الياباني بسرعة نحو طاحونة الشيخوخة، فكما أن الدول لها سن الشباب والقوة هناك أيضا مرحلة الضعف والشيخوخة، وهذه سنة الله في الخلق و الحضارات كذلك.
إن كابوس الشيخوخة بدأ يقض مضاجع الشرق والغرب، منذ زمن ليس بالقصير فكل الدراسات تشير إلى خطر انقراض دول كبرى مع نهاية القرن الحالي، فليست الحروب متهمة في إفنائها ولا حتى الأوبئة الفتاكة، بل انفجار قنبلة “الشيخوخة” يعد السبب الرئيسي في محو هذه الأمم، حيث ستؤثر على كل مناحي الحياة في الدولة الحديثة، ففي الميدان الاقتصادي سيكون هناك ضغط رهيب على صناديق الضمان الإجتماعي، فالأستاذ” جاك جولد الستون” يشير إلى أن تباطؤ النشاط الإقتصادي نسبيا في العقود القادمة بالدول الكبرى يعود إلى شيخوخة سكانها، كما يعتبر المتخصصون في الإقتصاد أن تحول جانب كبير من السكان من منتجين إلى مجرد مستهلكين يعد أحد أهم سلبيات الشيخوخة، التي ستؤثر بشكل كبير على قدرات المجتمع الادخارية و الاستثمارية، وبالتالي آفاق النمو الاقتصادي بشكل عام، أما في الميدان العسكري ففي نظري ستزدهر مهنة “المرتزقة” القادمين من الدول النامية، حيث يمكنهم جمع مبالغ محترمة وبالعملة الصعبة” يالمعطي”، وذلك مقابل دفاعهم عن “شيوخ وعجائز” الدول المتقدمة. وبما أن إخلاص المرتزق في القتال ليس مضمونا، فالمرتزق يدافع عن أرض ليست أرضه وسكان ليسوا من شعبه، اتجهت البحوث العلمية في الميدان العسكري إلى استعمال المقاتل المعلم “الروبو” فربما يكون أكثر إخلاصا.
المهم هذا “غيض من فيض”، ولا يمكن الإحاطة بكل سلبيات الشيخوخة في مقال واحد، فالدول المتقدمة جنت على نفسها بتقديسها حرية الأفراد دون قيد و لا شرط، فالرجل يمكنه الزواج من رجل آخر بشكل قانوني يا حسرة، وهذه من ثمار الحرية “العقد شريعة المتعاقدين”، طبعا هنا لا يمكن الإنجاب ولو دخل الجمل في سم الخياط، المرأة يمكنها كذلك الزواج من المرأة هنا كذلك لا يمكن الإنجاب، وفي حال الزواج العادي أي رجل وامرأة، فأغلب الأوروبيين لا ينجبون أولادا بسبب تشبثهم بحريتهم الشخصية إلى أبعد الحدود، لأنهم ببساطة يريدون العيش بحرية دون إزعاج.
لقد اتخذت حركة “حماس” في الثمانينات قرار الزواج المبكر مع الإنجاب، وبذلك قامت بتفجير قنبلة “النمو الديموغرافي” في وجه المحتل، واعتبر الكيان الصهيوني هذا القرار بالخطر الاستراتيجي المهدد للكيان، فالصراع الديموغرافي في فلسطين لا تخطئه العين، والصهاينة يحاولون مثلا تغير البنية السكانية للقدس بجلب مستوطنين من كل العالم، ومع ذلك فوتيرة نمو السكان الفلسطينيين تتفوق وتصيب العدو بالإحباط، فهم طبقوا وصية الرسول الأكرم حيث قل صلى الله عليه وسلم:”تزوجوا الودود الولود فإني متكاثر بكم الأمم يوم القيامة”، عندها قال بعض أشباه المثقفين النسوانيين: “هذا طرح شهواني يستعمل المرأة كوعاء للإنجاب..”، وبعد مرور أزيد من 14 قرن تتضح أهمية و صوابية هذا المنهج، وبدأ مفكرو الدول المتقدمة وسياسيوها اليوم بتحفيز المتزوجين على الإنجاب، ومنحهم مساعدات مالية مهمة وامتيازات..، وأعتقد أن استفاقتهم متأخرة جدا وسيواجهون مصيرهم المحتوم .
لقد وقع حوار طريف بين فقيه مسلم وقس مسيحي، حيث قال الفقيه للقس: “..لا تتزوج وتريد أن تشيع طريقتك في الناس..” قال نعم. عندها قال له الفقيه: “..إذن سينقرض سكان الأرض لو عزفوا من الزواج مثلك أيها الراهب”
أبالمعطي واش انت مزوج؟ …على سنة الله ورسوله أو عندي زينة تدراري.