الشيخي: حركتنا دعوية وتشجع من لديهم كفاءة لأداء واجبهم في مختلف المجالات من بينها العمل السياسي
حاوره: نبيل غزال
– الأستاذ الشيخي*.. هل تزاوج حركة التوحيد والإصلاح بين السياسي والديني؟
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين. بداية أشكر منبر السبيل وأسأل الله عز وجل للقائمين عليه التوفيق في أداء رسالتهم الإعلامية النبيلة.
بالنسبة لسؤالكم يتوقف الأمر على تحديد المصطلحات لأننا نعتبر العمل في المجال السياسي وغيره من مجالات الحياة يؤطرها الدين الإسلامي بضوابط عامة أو بأحكام تفصيلية. حركة التوحيد والإصلاح تعتبر أن أجمع لفظ يعبر عن أهدافها هو “إقامة الدين” في مختلف المستويات الفردية والجماعية وجوانب الحياة كلها، مصداقا لقوله تعالى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) (الشورى11). وهو كما ترى هدف جامع ودائم التقت عليه رسالات الأنبياء، وتلتقي عليه الدعوات الإصلاحية التي تخلفهم في رسالتهم.
أما إذا كان المقصود مزاوجة عمل الحركة مع العمل السياسي الحزبي، فإن حركة التوحيد والإصلاح ليست حزبا سياسيا، وإنما هي حركة دعوية تربوية، وإصلاحية معتدلة، وشورية ديمقراطية كما تنص على ذلك في رسالتها. صحيح أن لها اهتماما بقضايا السياسة العامة التي لها علاقة بهوية المجتمع وقيمه وثوابته الجامعة، لكنها لا تنشغل بوظائف الأحزاب السياسية المتعلقة بتدبير الشأن العام، والمساهمة في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة كما يتحدث عن ذلك الدستور.
– هل تسمح الحركة للمنضوين تحت لوائها بممارسة العمل السياسي؟
نعم تسمح بذلك انسجاما مع مبادئها ومنطلقاتها ومقاصدها وأهدافها المعبر عنها بوضوح في وثيقتها التأسيسية “الميثاق”؛ وقبل ذلك انسجاما مع المقتضيات الدستورية والقانونية لبلدنا والتي تضمن للمواطنين حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي، وتمكنهم من أداء واجبهم الوطني.
يضاف إلى ذلك أن الحركة تعتبر نفسها تنظيما رساليا منفتحا على المجتمع بمختلف أفراده وهيئاته ومؤسساته؛ وهي تشجع أعضاءها على أداء رسالتهم الإصلاحية في مجالات العمل التي تعتبر وظائف أساسية للحركة (الدعوة والتربية والتكوين) وتشجع من لديهم الكفاءة والمؤهلات المناسبة لأداء واجبهم في مختلف مجالات العمل الأخرى التي من بينها العمل السياسي.
– هل تدعم الحركة حزبا سياسيا معينا؟
حركة التوحيد والإصلاح تدعم حزب العدالة والتنمية منذ نشأته إلى الآن وليس هناك ما يدعونا لعدم الاستمرار في ذلك مستقبلا، وذلك بحكم العلاقة النوعية والمتميزة التي تربطنا به. فهذا الحزب أسهمت الحركة في إحيائه بتعاون مع المرحوم المجاهد الدكتور عبد الكريم الخطيب الذي فتح أبوابه لعدد من قيادييها وأعضائها واختارت أن تكون علاقتها بالحزب مبنية على استقلالية كل من الهيئتين في قراراتها واختيار مسؤوليها وتمويلها. هذا الأمر الذي اصطلحنا عليه بالتمايز والذي عمقناه ورسخناه بإجراءات وتدابير على مستوى الوظائف والخطاب والرموز.
– كيف تقيمون العملية الانتخابية وهل تستجيب لنظرتكم المجتمعية للإصلاح؟
بالنسبة لنظرتنا المجتمعية للإصلاح، وكما جاء في رسالتها، تعتمد الحركة أساسا إعداد الإنسان وتأهيله ليكون صالحا مصلحا في محيطه وبيئته، وتلتزم منهج المشاركة الإيجابية والتعاون على الخير مع غيرها من الأفراد والهيئات.
ومن بين المواقف الموجهة لعمل الحركة وعلاقاتها بمختلف مكونات الواقع ما نصت عليه في وثيقة “الرؤية السياسية” سنة 1998 من ضرورة (دعم الاختيار الديمقراطي والعمل على ترسيخه والارتقاء بأدائه حتى يكون في أحسن صورة ممكنة سواء من حيث توافقه مع الثوابت الدينية والحضارية للأمة أو من حيث إرجاع المصداقية له على مستوى الممارسة والتطبيق).
وفي هذا الإطار تشكل العملية الانتخابية إحدى المرتكزات الأساسية للاختيار الديمقراطي الذي أصبح أحد الثوابت الجامعة للأمة المغربية في دستور 2011 الذي جعل في فصله الثاني من هذه العملية الوسيلة الأساسية لاختيار الأمة لممثليها في المؤسسات المنتخبة من خلال التنصيص على أن (السيادة للأمة، تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها. تختار الأمة ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه والمنتظم).
فهذه العملية مهمة وأساسية في مسار الإصلاح الذي تنهجه بلادنا، والمسؤولية ملقاة على جميع الفاعلين لصيانة المكتسبات التي تحققت في هذا المسار وحمايتها من أي نكوص أو تراجع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ذ. عبد الرحيم الشيخي رئيس حركة التوحيد والإصلاح.