الكنبوري: هناك مظالم في الإرث بالمغرب ولا دخل للشريعة في التطبيق..
هوية بريس- متابعة
قال المفكر والمحلل السياسي د. إدريس الكنبوري إن “المطالبة بالمساواة في الإرث في المغرب إحدى الأدلة على غياب الواقعية في فهم ودراسة المجتمع من طرف الذين يتبنونها”.
وأضاف الكنبوري، على حسابه ب”فيسبوك”، أنه “لا ندعو هؤلاء إلى الاصطفاف مع الشريعة إذا كانوا يرفضونها؛ لكن ندعوهم إلى فهم الواقع الاجتماعي. إنهم يحملون مسؤولية الفقر والتفاوت للشريعة لا للسياسات الاجتماعية والاقتصادية؛ وهذا يعني أن المشكلة في الباراديغم كما يقال”.
وتابع: “أولا لا توجد مساواة تامة حتى في المجتمعات الأوروبية. قبل سنتين أو ثلاث عندما توفى المغني الفرنسي جوني هاليداي أثير موضوع المساواة في الميراث من حيث القانون؛ لأن الرجل أوصى بكل ماله لزوجته الثالثة وحرم أبناءه من الميراث. هذا في فرنسا صانعة التنوير والثورة الفرنسية والاعلان العالمي لحقوق الإنسان قبل ثلاثة قرون. 300 سنة والمساواة في الإرث لم تحل”.
وأردف الباحث المغربي قائلا: “صحيح هناك مظالم في الإرث في المغرب. هذا لا ينكره سوى جاهل أو جامد؛ ولا يكفي التذرع بالشريعة لتبرير تلك المظالم؛ فلا دخل للشريعة في التطبيق؛ والأمر يحتاج إلى إصلاحات قضائية وتسريع المساطر والإجراءات والبحث عن مكامن الخلل. وعلاوة على الجوانب القضائية هناك القيم الاجتماعية السلبية الجديدة التي طغت في المجتمع مثل الجشع وانقطاع الروابط العائلية والظلم؛ ولكن هذا لا يمكن القضاء عليه سوى بالقانون”.
إلى أن أن أكد: “غير أن الواقع مختلف. فالمساواة في الإرث لا تصنع الثروة إلا لذوي الثروة؛ وليس للفقراء ما يرثون سوى تدوير الفقر. غالبية المغاربة فقراء؛ وغالبية الفلاحين لا يملكون سوى فدادين بالكاد تكفيهم للعيش؛ ماذا سيرث الأبناء والأعمام والأخوال سوى مزيد من تفكيك الملكيات الصغيرة ومضاعفة الفقر؟ ولو أننا نظرنا إلى مشكلات الإرث لوجدنا جلها يتعلق بالبيوت والسكن”.
وأشار إلى أنه “في فرنسا مثلا حيث أثيرت قضية المساواة بعد موت هوليداي لم تكن القضية تثار إلا في مناسبات معزولة وبارزة مثلما حصل مع الفنان بسبب ثروته الكبيرة؛ والسبب أن هناك دولة ذات بعد اجتماعي؛ وديمقراطية في الفرص؛ ومسالك مفتوحة أمام الصعود الاجتماعي؛ وارتفاع في الدخل؛ وقوانين تحارب الفساد. فالقضية كانت موجودة؛ لكنها كانت نائمة لأن المواطن يعول بالدرجة الأولى على الحكومات في القضاء على التفاوت؛ لأنه يؤمن أساسا بالديمقراطية والدولة الحديثة؛ دولة الرفاه الاجتماعي”.
وختم الكنبوري تدوينته بالقول: “لكن القضية عندنا لا ترتبط بالرغبة في محاربة الفقر؛ بل في القضاء على ما بقي من الشرع. نحتج على الشريعة ولا نحتج على واقعنا”.