المجلس العلمي المحلي لبرشيد ينظم ندوة حول “قضايا مصطلحية من خلال صحيح البخاري”
هوية بريس – إبراهيم أخيام
في إطار الأنشطة العلمية للمجلس العلمي المحلي لإقليم برشيد، نظم محاضرة علمية عن بعد تحت عنوان: قضايا مصطلحية من خلال صحيح البخاري من تقديم الدكتور العربي الدائز، فبداية قدم مسير الندوة خالد محاح الأستاذ المحاضر معرفا به، فهو من مواليد مدينة أبي الجعد بإقليم خريبكة، أستاذ للتعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، وهو أيضا أستاذ زائر بمعهد محمد السادس للأئمة المرشدين والمرشدات، خريج التعليم العتيق وحامل لكتاب الله، متخصص في الحديث النبوي الشريف، حاصل على دكتورتين، الأولى من جامعة القاضي عياض بمراكش، والأخرى بكلية الدراسات الشرعية بالمدينة المنورة. للأستاذ مجموعة من المؤلفات من أشهرها التبصرة التذكرة للحافظ العراقي دراسة وتحقيق، وأيضا الإمداد في معرفة علو الإسناد لعبد الله بن سالم البصري دراسة وتحقيق.
انطلق الأستاذ في إلقاء محاضرته مبتدءا إياها بشرح عنوان المحاضرة أولا، فقال بأن القصد ليس تناول عموم المصطلحات وإنما القصد هو تناول مصطلحات علوم الحديث، ثم بعد ذلك قدم المحاضر التصميم الهيكلي لهذه المحاضرة بذكر عناوين المحاور التي سيتناولها خلال هذه المحاضرة، والتي تمثلت في مقدمة وثلاثة محاور وخاتمة.
المقدمة: مقتضيات وبواعث طرح هذا الموضوع والإشكالات التي يجيب عنها
الباعث على تناول مسائل علوم الحديث من خلال صحيح البخاري هو تميز البخاري عن غيره من المحدثين اعتماده منهج الإشارة اللطيفة المفهمة، وأيضا نظرا لقيمة الإمام البخاري، فهو في كفة وباقي المحدثين في الكفة أخرى، وذلك بشهادة عامة المحدثين وحتى في عصره ذلك كشهادة الإمام علي بن المديني، وقد أورد المحاضر ثلة من النقول الدالة على ذلك، وكذلك إن الإمام البخاري نهج منهجا هو لهم فيه إمام وهم له تبع، وأخيرا فإن الإمام البخاري فرق هذه المصطلحات في كتابه وهو ما كان سببا إلى جمعها والنظر فيها مجتمعة، وذلك بخلاف ما فعله تلميذاه الإمام مسلم، والترمذي، الذين صدراها في المقدمة.
المحور الأول: قوانين الرواية من خلال صحيح البخاري
في هذا المحور تحدث المحاضر عن قوانين الرواية، وهي القواعد المصطلحية المرتبطة برواية الحديث وطرق تحمله وآداب روايته، وطرق كتابته مما هو من اختيارات الإمام البخاري في هذا الباب، وهو قسم يمثل الجزء الأعظم مما تضمنه صحيح البخاري من القضايا المصطلحية، وسبب ذلك أن الإمام قصد اختيار الصحيح لهذا كان لا بد أن يتحرى أصح الأصول والطرائق في رواية الحديث، وهي منثورة في الكتاب بأكمله، لكن أكثرها مضمن في كتاب العلم، وهو الكتاب الثالث، وقد تضمن 35 بابا ، وقد اقتصر المحاضر على 10 أبواب فقط لكونها محل نقاش بين علماء مصطلح الحديث، وهي: باب {1} قول المحدث حدثنا وأخبرنا وأنبأنا ـــــــــ باب {2} ما يذكر في المناولة وكتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان ـــــــ باب {3} قول النبي عليه السلام رب مبلغ أو عام سامع ـــ باب {4} متى يصح سماع الصغير ــــ باب {5} القراءة والعرض على المحدث ـــ باب {6} الحرص على الحديث ــــ باب {7} ليبلغ الشاهد الغائب ــ باب{ 8} إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم ـــ باب {9} كتابة العلم.
المحور الثاني: قضايا النقد وتعليل الأحاديث من خلال صحيح البخاري
مع أن كتاب البخاري ليس كتاب نقد وليس كتاب علل وإنما هو كتاب جمع للحديث الصحيح، مع ذلك فإن فيه إشارات وومضات مهمة في ما يخص علم العلل والنقد، وقد اكتفى الأستاذ بذكر شاهد واحد على ذلك لضيق الوقت، وهذا الشاهد هو قضية اشتراط السماع بين الراويين في الاتصال، ولو مرة واحدة في العمر وعدم الاكتفاء بالمعاصرة، والبخاري لم يتفرد بهذا الرأي وإنما أخذه عن شيوخه ولاسيما الإمام علي بن المديني، وقد أور البخاري نصا في صحيحه عن علي بن المديني في هذه المسألة بذاتها، وبالضبط في الحديث رقم 2704 وهو حديث صلح سيدنا الحسين مع معاوية بن سفيان رضي الله عنهما، ثم فصل الأستاذ كذلك الحديث في مسألة قبول زيادة الثقة من عدمها مع ذكر نص من صحيح البخاري لمنتصر لقبولها، لكن بشرط أن تكون من الثقة، وهو ما صرح به كذلك في كتابه رفع اليدين.
المحور الثالث: الجرح والتعديل ونقد الرجال
بداية صرح المحاضر أولا بأنه وقف للإمام البخاري على إشارات مدهشة ورائعة تفرد بها عن غيره ولم يسبق إليها كذلك، ثم ثنى كلامه بالحديث عن مشروعية الجرح والتعديل، وبين استدلال البخاري على مشروعية الجرح والتعديل بمجموعة من الأحاديث والآيات فيها نوع من الإبداع لم يسبق إليها، كالآية التي تنهى عن بعض الظن في سورة الحجرات، وذلك بإعمال مفهوم المخالفة فيها، هو أن بعض الظن ليس بإثم، وأيضا استدل بالحديث الذي روته عائشة رضي الله عنها { ما أظن فلانا وفلانا يعرفان من ديننا شيئا } ، كما أورد المحاضر كذلك قضية الألقاب التي يفهم منها تعيير ، إذا خرجت عن معنى التعريف إلى التعيير فهل يجوز استعمالها، لأن بعض الرواة اشتهروا بألقاب يفهم منها الذم، وأخيرا ختم المحاضر هذا المحور بالحديث عن كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة في صحيح البخاري، وهو كتاب منهجي عن الإمام البخاري يرتبط بأمرين: الأولى الإجماع على حجية السنة، والثاني: مقومات الشخصية العالمة، فهذا الكتاب يعد خاتمة صحيح البخاري وهو كتاب للخاصة أي للعلماء،
خاتمة
في ختام هذه المحاضرة قدم الأستاذ خلاصة لما تم الحديث عنه في المحاور التي سطرها في مقدمة محاضرته، حيث قال إن الإمام البخاري أبدع ما شاء له الإبداع في إيراد القضايا المصطلحية إما على سبيل التصريح أو الإشارة، وأنه لا يلحقه غيره في هذا المجال سواء الإمام مسلم أو أصحاب السنن الأربعة، فهو إمام الصنعة الحديثية بامتياز، وقد أرجع الأستاذ سبب نثر البخاري لهذه المصطلحات في الكتاب بأكمله حتى يقرأ الإنسان الكتاب كاملا،وصرح الأستاذ كذلك بأن ما اختاره الإمام البخاري من الاختيارات صار هو المنهج الأعم لجميع المحدثين متقدمهم ومتأخرهم، لينهي الأستاذ كلامه بأبيات شعرية في مدح صحيح البخاري ذكرها الإمام الجرجاني رحمه الله.
وفي نهاية محاضرة أجاب الأستاذ المحاضر عن مجموعة من الأسئلة التي تم طرحها والتي لها علاقة بالموضوع، من قبل المتابعين لهذه الندوة والتي يمكن حصرها في الأسئلة التالية :
1 ـــــ ما رأيكم في تصحيحات وتضعيفات الشيخ الألباني؟؟
2 ـــــ ما هي بعض التوجيهات العملية لسرد الجامع الصحيح؟؟؟
3 ـــ سمعنا بعض المنتسبين للعلم يقولون بأن العديد من الأحاديث التي أوردها الإمام البخاري تعتبر ضعيفة؟؟؟