المسلمون الفرنسيون وحرب 1914م.. المجلس البلدي بفاس والشرقاوي والوزاني وسيديا(ج3)
هوية بريس – ذ. إدريس كرم
تتمة لمقالي “المسلمون الفرنسيون وحرب 1914م”، هذا الجزء الثالث، يضم نداء المجلس البلدي بفاس، ونداء عبد الله الشرقاوي عن الزاوية الشرقاوية بأبي الجعد، ونداء مولاي الطيب الوزاني، عن الزاوية الطيبية بوزان.
1- نداء المجلس البلدي بفاس
باسم الله الرحمان الرحيم
أعوذ بالله من الشيطان
نداء أعضاء المجلس البلدي: إن أعضاء المجلس البلدي يصرحون بأن تركيا لا تدافع عن أي سبب إسلامي.
20 نونبر 1914
برقية باسم المجلس البلدي بفاس
بمناسبة افتتاح المجلس البلدي يعبر أعضاؤه باسمهم واسم السكان المسلمين بفاس عن عواطفهم تجاه الحكومة الفرنسية ويدعون لها بالنصر التام، وينتهزون هذه الفرصة لكي يؤكدوا بأن دخول تركيا اليومي لن يغير شعور أهل فاس تجاه وطنهم الأم، لأن تركيا التي دخلت هذه الحرب لا تدافع عن أي هدف إسلامي، ولا تدافع إلا عن البربرية والهمجية الألمانية التي أحدثتها في أوربا، وتؤخر مسيرة الحضارة.
وقبل الختام نؤكد على احترام الثقة، ثقنا في النجاح أخيرا”.
2- نداء عبد الله الشرقاوي
“اللهم نحمدك على ما علمتنا من البيان وألهمت لنا أن الأتراك لم يقوموا أبدا بأمر الإسلام وبإصلاح أحوال العرب، وفرطوا في سيرة الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم، وتزحزحوا عن طريق الهدى والرشد والصواب، وذلك لأنهم حكموا بالظلم.. وويل من يدعون أنهم أعمدة الإسلام وهم ليسوا كذلك، بل هدموا أساس الملك، وأخذوا الخلافة بدون مبايعة لهم فيها، وذلك لما هاجم التتار على الدولة العباسية من آل محمد ص، جعلوا الخلافة في بين يدي عجمي.. فكثر الفساد في داخل ملكه وفي خارجه، والخلافة في سائر أقطار أرضه.. وهذه مدة طويلة والمسلمون سواء كانوا من إفريقية أو المغرب الأقصى أو من المغرب الأدنى يتمنون زوال ملكه، كما تمنت العرب بالشام والعراق خرابه، فهو الآن مشرف على الهلاك، والحمد لله الذي استجاب دعاءنا وجعل لكل شيء سببا، لأن سبب هلاكه منشيء عن دخوله في الحرب الأوربية ضد فرنسا.
عبد الله الشرقاوي 1333”.
3- نداء مولاي الطيب الوزاني
“الحمد لله وحده ولا يدوم إلا ملكه
من عبد ربه تعالى الطيب بن العربي بن عبد السلام بن العربي بن علي الحسني الوزاني وولد عمه علي بن محمد بن عبد السلام النسب العالي:
إلى كافة فقراء طريقة مولانا آل الطيب الجزائريين والتونسيين، سلام عليكم ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله، والدعاء لكم بخير وعافية، تقبل الله.
أما بعد، فلا يخفاكم أحوال أوربا الحالية بسبب إضرام الحرب من الألمان الذين تعدوا حدود الحق ظلما وعدوانا، ليحصلوا على مقصدهم وهو تسلطهم على الدنيا، كما لا يخفاكم اجتهدت فرنسا في إقامة السلم الذي هو منبع كل خير، وسبب ذلك قاموا معها حلفاؤها للمدافعة عن حقوق الإنسانية والحرية، وقد أثر فينا بمزيد التأسف تداخل الدولة التركية في هذه الحرب، وملازمة الحياد كان أحسن لها في اصلاح أمورها، بمعونة فرنسا التي مدت لها أخيرا يدها بالسلف لها عددا كثيرا من الدراهم، وزيادة إحسانها لها قبل من غير نفع، رامت ذلك بأخذها رأي الألمان الفاسد، ومشاركتها لهم في دسائسهم الفادحة التي يحملونها بذلك إلى الهلاك والخراب، حتى وقع ما وقع منها، ورأينا كافة مسلمي الحجاز والعراق واليمن وغيرهم ممن هم موجودون تحت يدها، ومسلمي الهند والفرس ومصر مكرهين أفعالها مع فرنسا وحلفائها، وصاعدا مسلمو الجزائر وتونس والمغرب الذين شاهدوا محاسن فرنسا معهم منذ الوقت الذي أعطتهم الخير والهناء والعافية، واجتهدت في مصالحهم ومنافعهم في طريق الترقي والتمدن.
وعليه فنحن باليقين شركاؤهم في ذلك بمزيد الصدق والمحبة لها والدعاء بالظفر لها والنصر النهائي على أعدائها هي وحلفاؤها، لأنهم مقاتلون في سبيل الحرية والإنسانية، والله يجزي المحسنين، وعليه برأينا من المصلحة حثكم على الانقطاع لما أنتم عليه من واجب الدعة والسكون في هاته الظروف، وعدم الالتفات إلى أخبار الكذب الذي ربما يشع عندكم، بل كونوا منتظرين عاقبة الأمر، واصبروا وتيقنوا بظفر فرنسا وحلفائها على أعدائها بحول الله.
وأنتم متحققون، لا نحب لكم إلا الخير، والجميل في الدنيا والآخرة، والله يحضر معنا ومعكم إغارة الأسلاف وعلى المحبة والسلام” في 21 محرم الحرام عام 1331.
4- فتوى الشيخ سيدنا بتأييد وموافقة الشيخ سعد بن مامين أخو الشيخ ماء العينين
فتوى الشيخ سيديا بن محمد
تقديم
هل تعتقدون أن المسلمين سيعلنون الحرب المقدسة عندما يحتل النصارى بلادهم، ولو لم يقوموا بشيء يمس الدين؟
لكن العكس، (هم) يشجعون ممارسة ذلك الدين ويقيمون القضاة والإدارات القضائية.
يجب توضيح أن النصارى يعملون مع المسلمين ما في الإمكان من الآلات للقيام بالحرب المقدسة مثل فعلهم بالنسبة لهم في شرق المغرب (الجزائر وتونس).
الجواب
كل الكتاب أجمعوا في هذه النقطة، تحفظوا بأكثر ما يجب في الفائدة بين ضررين، اختيار الأقل سوء، ضعفاء هذا البلد يصارعون ضد قوات النصارى المعترف بها، كل رجال سوس المسموع بهم والمتوارون، ينقصهم التضامن الإسلامي في غياب مالية عمومية ضرورية لكل عمل، وضعف السلاح بالمقارنة مع ما عند النصارى، وأيضا ليس لهم حجة للقيام بالحرب المقدسة ولا الدعوة للقيام بها، كما لا يطرح سببا للهجرة سواء جماعيا أو فرديا من بلادهم المحتلة من طرف الكافر بسبب الفقر الذي لا يسمح بوجود مكان آخر للهجرة إليه آمن ينفر على مصدر للعيش به، كما يجب الإشارة لسلوك النصارى الدال على عرضهم المبين بأننا الذين لا يلزم بالدين في حين أنهم يقترحون علينا بأن ينشئوا لنا المساجد ويعينوا القضاة ويقدموا لنا مختلف الأشياء في أحسن حال.
لقد منعوا السرقة والتهريب وأقاموا السلام بين القبائل غير الطائعة في هذا البلد الذي بلا حكومة، وغيرها من الأعمال المماثلة.
بالتأكيد لقد نجحوا في ذلك، الله أرسلهم برحمة من أجل قيادتنا نحو رضاه، كل المستجدات المتعلقة بهم ترجع لهم، الله لا يمنع أن نعاملهم بشكل حسن وبعدل، ولا نقاتلهم بسبب دينهم.
(مجلة العالم الإسلامي؛ ص:309).