الودغيري: منع الجزيرة ظلم للقضية الفلسطينية

02 يناير 2025 22:13

هوية بريس – د.عبد العلي الودغيري

يأتي قرار السلطة الفلسطينية مؤخرًا بمنع قناة الجزيرة وإغلاق مكتبها بالضفة الغربية، شهورًا قليلة بعد قرار كيان العدو منعها وإغلاق مكتبها في القدس، ثم منعها وإغلاق مكتبها في غزة، وقتل عدد من مراسليها وأفراد أُسرهم، يقع هذا رغم كون هذه القناة قد جعلت من القضية الفلسطينية منذ خمسة عشر شهرًا قضيتَها الأولى، إذ أوقفت برامجها المتنوعة، وجعلت تبثّ أخبار فلسطين والملحمة الغَزّية ساعة بساعة ولحظة بلحظة، على مدار أربع وعشرين ساعة في اليوم، وتوصلها بالصوت والصورة والتعليق والتحليل، بالعربية والإنجليزية، إلى كل بقعة على سطح الكرة الأرضية، وتستدعي الخبراء والمنظمات الحقوقية ورجال السياسة من كل الأجناس والفئات عبر شبكة مراسليها الواسعة، لمواكبة أحداث غزة ومتابعتها وإبداء الرأٍي، ونقل أصداء المظاهرات والاحتشادات التي تقع في العواصم العالمية، مما أحيا القضية وجعلها متداوَلة تحرَّكَ للتجاوب معها ملايين الأشخاص.

إن الخدمات الإعلامية والتوثيقية لجرائم العدو بالصوت والصورة، التي أسدَتها القناة لقضية فلسطين، لا توازيها أو تبلغ مبلغها أية قناة إخبارية سواها. وعوض أن تسعى السلطة الفلسطينية إلى الاعتراف بفضلها على قضية بلادها، وتكريمها، والإشادة بدورها، قامت ـ عكس ذلك ـ بإصدار قرار طائش بمنعها وإغلاق مكتبها، لا لشيء إلا لأنها واكبت خلال الأسابيع السابقة ما يقع في الضفة الغربية ومُدنها وقراها من أحداث مؤسفة ودامية بين عناصر المقاومة وأمن السلطة الذي تجاوز طور المضايقة والملاحقة لهذه العناصر، إلى حد إعمال القتل لعدد منها.

فالعدو المحتل يحصد كل يوما أرواح عشرات النساء والأطفال والشيوخ، ويُحرق المستشفيات ويهدمها على من فيها، ويقتل بوحشيته المعروفة حتى الطواقم الطبية والتمريضية التي قتل منها لحد اليوم حوالي 160 فردًا، ويمنع عن الباقي الماء والطعام والدواء، وحين يقوم بعض المقاومين في مدن الضفة بواجبهم في التصدي للعدو، يقوم رجال الأمن التابع للسلطة بالتضييق عليها ومتابعتهم والهجوم عليهم ومواجهتهم بالسلاح والنار، وإذا تجرأت وسيلة إعلامية محايدة على نقل خبر مما يأتي يوميًا من جرائم وفظائع وحشية على يد السلطة في حق المقاومين والمجاهدين في سبيل أرضهم وعرضهم، تلجأ السلطة إلى منعها وطردها حتى لا تنقل هذا النوع من التواطؤ الواضح بينها وبين العدو المحتل.

نقول هذا، إنصافًا للحق لا دفاعُا عن الجزيرة التي لا تحتاج منا إلى دفاع، ولكن لأننا عايشنا متابعتها الدقيقة والمستمرة بلا كلل لهذه القضية العادلة التي تواطأت ضدها وخذلتها كثير من القنوات ووسائل الإعلام العربية الأخرى. ونعتبر منعها وإغلاق مكتبها ظلمًا في حق القضية الفلسطينية نفسها قبل أن يكون في ذلك ظلمٌ للجزيرة، وحرمانًا لها من منبر إعلامي كبير وضخم يدافع عنها ويوصل صوتها إلى أقصى نقطة في الأرض، ورضوخًا تامًّا للضغوط العبرية التي لم يضاقها في الإعلام الدولي شيء كما ضايقها صوت الجزيرة وصُورُها وتغطيتها المستمرة.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M