انتشار الخرافات الدينية.. هل هي مسؤولية الإسلام الصوفي؟
مصطفى الحسناوي – هوية بريس
يتحدث الكثير من الباحثين والمهتمين، عن مسؤولية بعض التأويلات والقراءات للإسلام الوهابي، في تفشي ظواهر التصنيف والتكفير والتفجير… ولو تم هذا الحديث بنوع من التجرد والموضوعية والإنصاف، لكان مدخلا من مداخل التغيير، ومقاربة من مقاربات الإصلاح.
ولكن حين تجد هذا الباحث، (خصوصا إذا كان منتميا لتيار أو مدرسة سياسية أو إيديولوجية ما) يقتصر على الحديث عن مصائب وانحرافات الوهابية، ولايتطرق البتة لأخطاء تياره ومدرسته، فضلا عن انحرافات واخطاء تيارات اخرى، فيقفز فوقها ويتجاهلها، فإن هذا لن يكون إلا صراعا إيديولوجيا، من أجل التقدم في المربع السياسي، حتى وإن تدثر بدثار البحث العلمي والرأي الحر..
لن أخرج عن دائرة الإسلام، للحديث عن مسؤوليات ثقافات أخرى، (أومن أن كل التوجهات والمدارس والشرائع والأديان والإيديولوجيات، لها حظ من نشر العنف والإرهاب والتخلف والجهل والإقصاء، من اليهودية والمسيحية مرورا بالبوذية والهندوسية وصولا إلى الاشتراكية والعلمانية…)
سأبقى في دائرة الإسلام، لأتحدث عن مسؤولية بعض التأويلات والقراءات للإسلام الصوفي الطرقي، التي ساهمت ولاتزال في نشر التخلف والجهل وعقلية القطيع والإسلام الطقوسي الأقرب إلى الوثنية.
ماعشناه خلال أسبوع في عدد من مناطق المغرب، من خرافات وخزعبلات، من ادعاء للمهدوية، ورؤية الملائكة، وانسياق قطيع من آلاف البشر وراء معتوه وعدهم بكنز رآه في المنام، دون الحديث عن مئات الأضرحة والسادة والأولياء الذين يتقاسمون حكم العالم على مدى أيام الأسبوع، كل هذا يتحمله الإسلام الصوفي الطرقي، بعقائده وتربيته التي يبثها، والتي ترسخ ثقافة الخرافة والجهل والدروشة والقطيعية، واتباع كل ناعق، إن هذه القراءة وهذا التأويل الطرقي الخرافي، لايقل خطورة عن التكفير وعمليات القتل والتفجير.
إن اقتصار الهجوم على القراءة المسؤولة عن إنتاج التكفير والتفجير، إنما يتم فقط لأنها تنتج شبابا عنيفا ثائرا رافضا للأوضاع، قد يصل لدرجة تهديد الأنظمة الحاكمة، وبالمقابل تتم مباركة القراءة المسؤولة عن تخدير الشعوب ونشر الخرافة والجهل بين ظهرانيها، لأنها تنتج قطعانا سهلة الانقياد، فحتى لو شكلت عائقا أمام التطور والتقدم والتنمية، فإنها لاتهدد السياسة والحكم والمصالح، بل يمكن استخدامها واستغلالها. وهذا يظهر نوعا من الانتهازية التي غرضها فقط حماية مصالح الأنظمة الحاكمة من العنف والإرهاب، دون أي اعتبار لحماية الشعوب من الخرافة والجهل والتخلف، وهو أمر مفهوم إذا صدر من هذه الأنظمة حماية لنفسها، لكنه غير مفهوم حين يصدر من النخبة المثقفة، التي غرضها تقديم مقاربات وقراءات ومداخل للتحليل والفهم والإصلاح.
أختم بالحديث عن فيديو انتشر بمواقع التواصل الاجتماعي، لقراءة غريبة للقرآن الكريم، قراءة طقوسية أشبه بتراتيل القبائل الوثنية، قراءة يرقص معتوه على نغماتها وسط قراء لايقلون عنه عتها، وتضيع معها معاني القرآن وكلماته وأحكامه وقواعده وغاياته ومقاصده.
إنها إحدى مظاهر ونتائج الإسلام الطرقي الخرافي الذي تباركه جهات عديدة، والتي تسعى لجعل القرآن ترنيمة تتمايل على نغماتها الأجسام، دون أن تنير العقول وتفتح مغاليقها، وإن المسؤولية في انحدارنا في وهدة الجهل، وقاع التخلف، وحضيض الانحطاط، تقع على كل الجهات المسؤولة، وعلى رأسها وزارة الأوقاف، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة الثقافة، ووزارة الاتصال.
سامري بولمان كاد ان يخرج لهم عجلا جسدا له خوار.
طاحت الصمعة علقو الحجام
أكثر من 40 سنة وثوابت المغرب تحارب من طرف الوهابية من جهة والعلمانية والماركسية من جهة . وعندما حلت الكوارث والجهل والتخلف قالوا الصوفية هي السبب.