بيان هام يتعلق بمصلى العيد

هوية بريس – أبو مالك بلال الطنجي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته أجمعين، وبعد:

لا حرج في صلاة النساء في مصلى العيد، لِما ثبت من شهود النساء صلاة العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أم عطية رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “يخرج العواتق وذوات الخدور، أو العواتق ذوات الخدور، والحُيَّضّ، وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين، ويعتزل الحيض المصلى“. (متفق عليه).

 وصلاة العيد كانت تؤدى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في المصلى.

 فحيث إن صلاة العيد يحضرها النساء والرجال كبارا كانوا أو صغارا، وسواء في المسجد أو في المصلى؛ كان لهذا الحضور أحكام وضوابط تؤدي كلها إلى حفظ الأعراض، وتساهم في بناء المجتمعات على معالي الأخلاق، ومن هذه الضوابط والأحكام:

1) الحفاظ على الحجاب الشرعي والستر في القدوم للمسجد والانصراف منه.

عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: “كُنَّ نِسَاءُ الْمُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَاةَ الْفَجْرِ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ”. أي: مُتَسَتِّرَاتٍ بِثَوْبٍ يُغَطِّي جَسَدَهُنَّ كُلَّهُ“. (متفق عليه).

2) يُمنع عليهنَّ الْخُرُوجُ وهن مُتَطَيِّبَاتٍ أوْ يَلْبَسْنَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أوْ ثوب زِينَةٍ، وَلَا يَخْرُجْنَ فِي ثِيَابِ الْبِذْلَةِ.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: “لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وَلكن لْيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلَاتٍ“. (صحيح الجامع).

3) وجوب وجود مكان خاص للنساء لتجنب الاختلاط، وأن يكون للنساء باب للدخول منه غير باب الرجال.

عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ” قَالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ. (رواه أبو داود) والحديث فيه دليل على أن النساء لا يختلطن في المساجد أو المصلى مع الرجال، بَلْ يَكُنَّ نَاحِيَةً مِنْهُمْ في مكان خاص، ويصلين اقتداءً بالإمام، فإنَّ النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كُنَّ مُتَسَتِّرَاتٍ، لا يختلطن بالرجال في مصلى العيد.

4) جعل النساء في صفوف خاصة خلف الرجال، حتى لو كانت امرأة واحدة.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال: “قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَفْتُ أنا وَالْيَتِيمَ وَرَاءَهُ وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا فَصَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ صلى الله عليه وسلم“. (البخاري ومسلم).

وفيه: أن المرأة تقف خلف الرجال، وأنها إذا لم يكن معها امرأة أخرى؛ تقف وحدها متأخرة. (شرح مسلم).

5) الترغيب في الصفوف الخلفية للنساء والترغيب في الصفوف الأولى للرجال.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا” (رواه مسلم).

 وإنما فَضَّلَ آخر صفوف النساء لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم، وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم، وسماع كلامهم، ونحو ذلك، وذم أول صفوفهن لعكس ذلك. (شرح مسلم).

6) انتظار الرجال بعد الصلاة قليلاً، وإسراع خروج النساء قليلاً.

عن أُمّ سَلَمَة زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَنَّ النِّسَاءَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ إِذَا سَلَّمْنَ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ قُمْنَ، وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَنْ صَلَّى مِنْ الرِّجَالِ مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَإِذَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ الرِّجَالُ“. (رواه البخاري).

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ الزهري: فَأُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنِ انْصَرَفَ مِنَ الْقَوْمِ.

وفيه: خروج النساء إلى المساجد، وسبقهن بالانصراف، والاختلاط بهن مظنة الفساد، ويمكث الإمام في مصلاه والحالة هذه. (عمدة القاري شرح البخاري).

قال السندي في بيان سبب جلوسه عليه الصلاة والسلام: أي: ليتبعه الرجال في ذلك، حتى تنصرف النساء إلى البيوت، فلا يحصل اجتماع الطائفتين في الطريق.

ونرجو أن نكون بذلك قد أزلنا الخلل الذي يقع في بعض الناس من اختلاط الرجال بالنساء الاختلاط المستهتر المذموم، جهلا بمنه بالدين، وزعما من البعض أن الأمر عادي، نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين.

جمعه ورتبه ولخصه من كلام أهل العلم الفقير إلى عفو ربه أبو مالك بلال الطنجي عامله الله بلطف خفي 08 \ ذو الحجة \ 1437هـ.