تطبيع الإمارات مع “الكيان الصهيوني”: الوجه الآخر للحكاية

13 أغسطس 2020 21:00

هوية بريس – محمد زاوي

لفهم ما يحكم تطبيع الإمارات بشكل كامل مع “الكيان الصهيوني”، وتحت وساطة أمريكية (ترامب لا بد من استحضار ما يلي:

– الصراع الخليجي-الخليجي هو في الأصل صراع أمريكي-أمريكي، فإذا كانت كل من السعودية والإمارات حليفتين للمجمع الصناعي المدني، فإن قطر إمارة وفية (وكذلك كانت طيلة أحداث “الربيع”) للمجمع الصناعي العسكري في أمريكا.

– دونالد ترامب هو الممثل الفعلي للمجمع الصناعي المدني، ولذلك فهو استراتيجيا على النقيض من مصالح المجمع الصناعي العسكري. وكذلك تجد السعودية نفسها على النقيض استراتيجيا من هذا المجمع الأخير. فهي تريد حماية نفسها ووحدتها وحدودها، فيما يريد هو تجزئة الوطن العربي والاستثمار في حروبه وفتنه. وهذا هو سر التحالف بين نظام سلمان بن عبد العزيز ونظام ترامب.

– بقدر ما هي الإمارات حليفة للسعودية، فهي تستقل بنفسها عن السعودية كما هو ظاهر-في عدة قضايا: علاقتها بإيران، خطابها الديني “الحداثوي“، علاقتها ب”الكيان الصهيوني”… ويبقى السؤال مطروحا حول طبيعة هذا الاستقلال، هل هو اختبار لبدائل أخرى يتم أمام أعين السعودية؟ أم هو جسّ لنبض الشارع العربي والأنظمة العربية بأمر من السعودية؟

– سياسة ترامب واضحة تجاه الوطن العربي، وهي سياسة الرجوع إلى الداخل الأمريكي بدل الانتحار خارجه. تلك هي سياسة ترامب، مهما تنازل هنا وهناك، ومهما اتفق هو والمجمع الآخر (العسكري) في بعض الملفات (منها: إيران، روسيا، الصين، فلسطين… إلخ). وعلى هذا الأساس تم اقتراح صفقة القرن، حيث سيتم ترْك “الكيان الصهيوني” وشأنه، ولكن بضمانات ومكاسب لهذا “الكيان”.

رفع أمريكا يدها عن “الكيان الصهيوني” أمر تحبذه كل القوى التقدمية وكل حركات التحرر الوطني العربية، إلا أنه لا ينبغي أن يتم على حساب حقوق “الشعب الفلسطيني”، أو على حساب حدود الوطن العربي ومصالح بعض دوله (كالأردن). هذا، ولا ينبغي أن يقرر “ترامب” مصير شعب بأكمله ووطن عربي بأكمله بقرار انفرادي، بعد استشارة حلفائه والتوافق مع طرفه النقيض، في تغييب وتهميش واضح للأنظمة والمقاومة العربيتين. وبالتالي، فإن الأنظمة والشعوب العربية ترفض استراتيجيا مقترح ترامب (وإن تنازلت الأنظمة تكتيكيا هنا وهناك، لصالح بعض قضاياها المحلية)، مهما كان ترامب تقدميا باعتباره يمثل الرأسمالية الأقل رجعية في أمريكا.

– لا يحق للإمارات، ولا للسعودية، أن تقررا في مصير الشعب الفلسطيني بشكل انفرادي. ولا يحق للإمارات أن تضغط، بأساليبها المعتادة والمعروفة، على الدول ذات السيادة بهدف فرض “التطبيع” والقبول ب”صفقة القرن” عليها. نقول هذا، ونحن نعي التحديات التي تحيط بالسعودية، كما نعي ما يراد لها من تفكيك وتجزئة من خارجها، وبتوظيف مقربيها “جغرافيا” ضدها. ولكن، “ما هكذا تورد الإبل يا مُعاذ”.

– يحق لترامب أن يُنجح سياسته الخارجية، وفي صالحنا سيكون تفوقه على المجمع الصناعي العسكري بكل آلياته ووسائله. ولكننا لا نقبل أن يتم ذلك على حساب مصالح الوطن العربي، وفي تهميش واضح لأنظمته ومقاومته. وإن عدم قبولنا بذلك لا يعني ارتماءنا في أحضان “المجمع الصناعي العسكري” وأياديه “العربية”، فتلك رجعية أخرى أبشع وأفظع. وإننا إذ نختلف مع ترامب تكتيكيا، فإنه استراتيجيا يخدمنا ويمنحنا فرصة من استقرارٍ للملمة جراحنا وجمع شملنا.    

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. المعروف ان الامارات العبرية المتحدة ليس لها اي حدود مع فلسطين المحتلة، كما انها ليست في حرب مع الكيان الاسرائيلي، ولا يشكل هذا الكيان اي خطر عليها، بل على العكس تماما تربطها مع هذا الكيان علاقات عميقة ومتجذرة منذ تاسيس الامارات وحتى اليوم، لذلك لم يكن هناك اي ضرورة لهذا الاشهار للعلاقة واستجداء التطبيع.

    ان الاعلان الاماراتي بالتطبيع مع الكيان الاسرائيلي، هو في الحقيقة عملية حلب لكرامة هؤلاء الحكام من قبل ترامب، وهي عملية لن تتوقف عند محمد بن زايد، فهناك ملك البحرين حمد بن عيسى وولي العهد السعودي محمد بن سلمان وغيرهم ، يقفون في طابور حلب الكرامة والشرف، وهي عملية ستكون سريعة على ما يبدو، نظرا لضيق الوقت لدى ترامب الذي لا تفصله عن الانتخابات الرئاسية الامريكة سوى اقل من ثلاثة اشهر.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M