تعديل المدونة.. “هيئة نقابية” توجه رسالة عاجلة لحكومة أخنوش
هوية بريس – متابعات
في ظل الجدل الواسع الذي أثاره الكشف رسميا عن مقترحات لتعديل مدونة الأسرة، دعت نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب حكومة عزيز أخنوش إلى احترام الضوابط التي حددها الملك، وعلى رأسها قاعدة “عدم تحريم حلال ولا تحليل حرام”، مع استحضار العوامل الاجتماعية والاقتصادية، أثناء الصياغة النهائية لمراجعة المدونة.
ونوه الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، خلال انعقاد مكتبه الوطني عن بعد، مساء الجمعة 27 دجنبر 2024، بالمقاربة التشاورية الواسعة التي اعتمدتها الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، وكذا بإحالة الملك بصفته أمير المؤمنين ورئيس المجلس العلمي الأعلى للمقترحات التي رفعتها لنظره السامي هذه الهيئة والمرتبطة بنصوص دينية على نظر المجلس ليصدر بشأنها رأيا شرعيا.
وثمن الاتحاد الاجتهادات التي مست المقترحات المقدمة لمراجعة مدونة الأسرة، التي تنسجم مع المرجعية الإسلامية والثوابت الدينية والدستورية والوطنية، وتلتزم بالضوابط التي حددها الملك أمير المؤمنين، وعلى رأسها القاعدة الذهبية “عدم تحريم حلال ولا تحليل حرام”، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية، مع ضرورة الاستمرار في إعمال الاجتهاد الشرعي من طرف العلماء ذوي الأهلية والاختصاص، والتفاعل الإيجابي مع الممارسات والتجارب الفضلى والتوصيات المنسجمة مع المرجعية الإسلامية للمجتمع والدولة.
ودعا الاتحاد، الحكومة إلى اعتماد رؤية شمولية وتكاملية من أجل بلورة وصياغة هذه المقترحات بشكل دقيق وأمين في مشروع قانون يعكس خصائص المجتمع المغربي، منبها إلى ضرورة استحضار العوامل الاجتماعية والاقتصادية أثناء الصياغة النهائية لمراجعة مدونة الأسرة، وذلك من خلال التنصيص على مقتضيات تخفف من التكلفة الاقتصادية والاجتماعية لما نجم وينجم عن التطبيق القضائي للمدونة، ولن يتحقق ذلك إلا باعتماد مقاربة سوسيو-اقتصادية داعمة للمقاربة القانونية وغيرها من المقاربات .
وأعلن الاتحاد، استمراره في مواكبة هذا الورش الوطني حضورا وتفاعلا، من خلال تقديم المقترحات الملائمة لإخراج نص تشريعي يصون مرجعية المغرب الدستورية والتاريخية ، ويضمن استقرار الأسرة باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع، ولأنها الحجر الأساس في تماسك النظام الاجتماعي الذي يعد ثروة لامادية داعمة لكل البنيات الثقافية والاقتصادية والحضارية ؛ ويحمي الأسرة والمجتمع من تداعيات قضائية وقانونية قد يكون لها انعكاس سلبي على تماسك واستقرار المجتمع؛ ويستحضر العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على استقرار الأسرة والتي ينبغي أن يتم حلها خارج المدونة عبر ملاءمة التشريعات المتعلقة بقانون الوظيفة العمومية وقانون الشغل وغيرهما لتوفير مناخ ملائم لتنزيل مدونة الأسرة.
ويركز على الاختلالات الحقيقية التي كشفت عنها تجربة التطبيق القضائي لمدونة الأسرة الحالية والتي سجلت ارتفاعا مهولا لحالات الطلاق، الشيء الذي يسمح بفهم المعطيات المقلقة التي أسفر عنها الإحصاء العام للسكان والسكنى، ولاسيما تلك المتعلقة بتواصل انخفاض معدل الخصوبة وتباطؤ معدل النمو السكاني وارتفاع معدل سن الزواج إلى ما يزيد عن 32 سنة بالنسبة للرجال وعن 27 سنة بالنسبة للنساء، وهو ما يستلزم تيسير سُبُل الزواج والحرص على وحدة الأسرة وضمان استقرارها.
وأكد الاتحاد، على ضرورة اعتماد مقاربة الدعم المادي والمعنوي للأسر التي تعيش وضعية هشاشة تهدد تماسكها واستقرارها، من أجل إسنادها والحفاظ عليها؛ داعيا الحكومة إلى استحضار المقاصد الكبرى لمدونة الأسرة والمتمثلة في الحفاظ على الأسرة وتعزيز تماسكها، في مختلف سياساتها العمومية. وذلك لأن استقرار الأسرة يعني استقرار وازدهار المجتمع المغربي.
تجدر الإشارة إلى أن عددا كبيرا من العلماء والأكاديميين والباحثين أبدوا استنكارهم لكثير من المقترحات التي جرى الكشف عنها رسميا لتعديل مدونة الأسرة، مثل بيت الزوجية وحضانة الأطفال بعد الطلاق وتعدد الزوجات، مشددين على أن هذه التعديلات لم تنبع من نقاش فقهي أو مجتمعي حقيقي، وإنما هي ضغوط دولية فرضت على المغرب وعلى غيره من البلدان اﻹسلامية، وأن نتائج هذه التعديلات لن تخدم اﻷسرة ولا المجتمع ولا المرأة نفسها، بل سيزيد عزوف الشباب عن الزواج، ويتصاعد الشقاق والنزاع داخل اﻷسرة.