تقرير.. التعدين غير القانوني يدمر غابات الأمازون
هوية بريس – وكالات
يتسبب الدمار البيئي الناجم عن التعدين غير القانوني للذهب في غابات الأمازون المطيرة بالبرازيل، في وفاة أطفال قبيلة “اليانومامي” الأصلية على خلفية إصابتهم بمرض الملاريا وسوء التغذية.
واعتبر جونيور هيكوراري يانومامي، زعيم قبيلة اليانومامي (مجموعة من السكان الأصليين) التي تعيش في غابات الأمازون، أن تنامي عمليات التعدين غير القانونية منذ أواخر 2018 يعد بمثابة “غزو واسع النطاق” للمنطقة.
وقال للأناضول، إن تلك “الممارسات غير الشرعية لها عواقب وخيمة على السكان الأصليين”.
وأضاف أنه “خلال السنوات الماضية، عانت أراضي يانومامي من غزو كبير من قبل الباحثين عن الذهب، حيث تم تجريف أراضي القبيلة على منبع نهري أماجاري وأوراريكورا (شمال)”.
وأشار زعيم قبيلة اليانومامي إلى أن هذين النهرين “تعرضا للدمار إثر الممارسات ذاتها”.
وصف هيكوراري عمال المناجم بأنهم “غزاة”، مشيرا إلى انتشار سوء التغذية والملاريا في أراضي قبيلته.
وتابع: “العديد من عمال المناجم غير القانونيين اقتحموا مجتمعاتنا واستخرجوا أطنانا من الذهب. وفي المقابل، تسببوا في العديد من المشكلات لشعب يانومامي، بينها تلوث المياه وتدمير الأراضي، وغيرها من الآثار البيئية المدمرة”.
** الأطفال يدفعون الثمن
وفي السياق، سلط زعيم قبيلة اليانومامي الضوء على ضعف قبيلته وعدم تصديها لممارسات التعدين غير القانونية.
وأكد أن “عمال المناجم الغزاة دمروا أراضي يانومامي، وعرضوا المجتمع بأكمله للخطر، لا سيما تلوث مصادر المياه”.
وتابع: “كان الأمر صعبا على الأطفال والبالغين، كما ابتعدت الحيوانات عن التجمعات السكانية بسبب تلك المشكلات، ما جعل من الصعب جدا إيجاد ما يمكن صيده لتوفير الغذاء. نطعم أنفسنا مما نجده في الطبيعة، وحاليا لسنا قادرين على الصيد”.
وشدد هيكوراري على أن “الأطفال هم من دفع الثمن الأكبر” جراء تلك الممارسات.
وأردف: “مات الكثير من الأطفال بعد عام 2019. لدينا في الوثائق الرسمية 570 حالة وفاة معلنة بين الأطفال، بينما هناك 300 وفاة لم يعلن عنها”.
واتهم هيكوراري الحكومة بـ”الفشل في توفير خدمات الرعاية الصحية والحد الأدنى من المرافق الصحية لمجتمعات السكان الأصليين المتضررة من المياه الملوثة، ما أدى إلى وفاة العديد من الاطفال”.
وقال: “لو كان هناك أي برنامج لحماية سكان اليانومامي، لظل أولئك الأطفال على قيد الحياة”، في إشارة إلى الأطفال الذي لقوا مصرعهم بسبب التلوث وسوء التغذية.
** ممارسات منذ الستينيات
من جهته، أشار غابرييل شاييم، المصور الصحفي المتخصص في وقائع التعدين غير القانونية بغابات الأمازون المطيرة، إلى أن “عمال المناجم غير القانونيين يغزون المنطقة منذ الستينيات”، دون تنفيذ أي سياسات لوقف أنشطتهم.
وقال للأناضول: “لم يتم فعل الكثير لمنع أنشطة عمال المناجم غير الشرعيين منذ ذلك الحين. ونتيجة لذلك، شهدت المنطقة تدميرا للغابات وتلوثا للأنهار”.
وأوضح أنه خلال رئاسة جايير بولسونارو للبرازيل (2019-2022)، كان هناك “زيادة مقلقة في عدد الغزاة لأراضي السكان الأصليين”، مؤكدا على أن أنشطة التعدين غير القانونية على أراضي اليانومامي الشاسعة التي يصعب الوصول إليها “لم تتم مراقبتها خلال السنوات الخمس الماضية”.
ولفت شاييم إلى أن “موقع مناطق التعدين على طول الحدود البرازيلية الفنزويلية يزيد من تعقيد عمليتي الرقابة والتنظيم”.
لكنه في المقابل، أفاد بأن “الحكومة البرازيلية الجديدة قامت بإخراج 25 ألف عامل منجم غير قانوني من المنطقة”، إلا أن اتساع الأراضي والتحديات اللوجستية فرضت الحاجة إلى وجود تمويل كبير وتوفر طائرات هليكوبتر لمعالجة الأزمة.
** تلوث في كل مكان
وقال المصور الصحفي إن العديد من عمال المناجم يصلون إلى منطقة الأمازون قادمين من فنزويلا باستخدام طائرات صغيرة، مستغلين عدم وجود أي سياسات أو لوائح تنظيمية لتلك المناطق كونها تصنف بأنها “أرض فارغة”.
وفيما يتعلق بالآثار العالمية للدمار الناجم عن التعدين غير القانوني، ركز شايم على تلوث الأنهار بالمواد الكيميائية والتدمير الواسع للغابات.
وأوضح أن “عمال المناجم يبدئون مهمتهم بإيجاد موقع قرب النهر، ثم يشرعون في قطع الأشجار في المنطقة، ما يتسبب في تدمير الغابة وتغير لافت في جودة البيئة والهواء”.
وأشار شاييم إلى استخدام الزئبق على نطاق واسع في التنقيب عن الذهب، وهو أحد المؤثرات السلبية على الحياة المائية والبيئة المحيطة، بما في ذلك الأسماك والحيوانات والسكان الأصليين.
وحذر من أن “أي تخاذل حكومي في وقف أنشطة التعدين غير القانونية، قد يؤدي إلى دمار في غابات الأمازون المطيرة تصل أبعاده إلى مستوى “كارثي”.