جيلZ.. العاصفة التي قلبت الإعلام المغربي رأسا على عقب

06 أكتوبر 2025 08:58

جيلZ.. العاصفة التي قلبت الإعلام المغربي رأسا على عقب

هوية بريس – متابعات

في خضمّ موجة احتجاجات “جيل زد” التي اجتاحت مدن المغرب منذ أواخر شتنبر 2025، برز مشهد إعلامي غير مألوف: قنوات عمومية اعتادت لسنوات أن تطبل لإنجازات الحكومة وتعيد بثّ خطابات المسؤولين، وجدت نفسها فجأة في قلب عاصفة الغضب الشعبي، تبحث عن خطاب جديد يسكن غضب الرأي العام ويحفظ ما تبقّى من مصداقيتها.

فعلى غير عادتها، لم تكتفِ القنوات التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة (الأولى، ميدي1…) وقناة “دوزيم” بتغطية رسمية جافة للوقائع، بل شرعت في بثّ حوارات وبرامج مفتوحة مع وزراء ومسؤولين، أحرجهم فيها صحافيون بأسئلة حادة وصريحة. بدا الأمر أشبه بتبدّل نبرة الصوت أكثر منه تغيّرا في المضمون، لكنّ الرأي العام التقط الإشارة بسرعة.

 

من خطاب التبرير إلى خطاب التماسّ مع الشارع

في الأسابيع الأولى، اعتمدت النشرات الإخبارية الرسمية خطاب الاستقرار والتحذير من الانفلات، إلا أنّ تصاعد موجات التظاهر، وخصوصا مشاركة فئات واسعة من الشباب غير المؤطَّر سياسيا، فرض على الإعلام العمومي إعادة التموضع.

بدأت البرامج الحوارية على “دوزيم” و”ميدي1″ تستضيف وجوها شبابية وخبراء اقتصاد ومحللين اجتماعيين للحديث عن غلاء المعيشة والبطالة وارتفاع أسعار المحروقات. بل إنّ بعض الصحافيين تجاوزوا لأول مرة خطوط اللياقة الرسمية مع الوزراء، فسألوهم عن جدوى بقائهم في مواقعهم إذا كان الشارع يغلي، وعن أسباب فشل التواصل الحكومي مع المواطنين.

الإعلامية سناء رحيمي طرحت في إحدى حلقاتها سؤالا لوزير داخل الحكومة حول منطق الترويج للمنجزات في وقت يعيش فيه المواطن تضخّمًا غير مسبوق، ما أثار موجة تفاعل في مواقع التواصل واعتُبر انتقالا من دور التبرير إلى دور المساءلة.

 

“دوزيم” و”ميدي1″.. تحريك المياه الراكدة

في قناة دوزيم، انتقلت البرامج الحوارية من الحديث عن نجاحات الحكومة في تنزيل الأوراش الكبرى إلى تناول ملفّات مثل: أزمة الثقة في الخطاب السياسي واحتجاجات جيل زد.. من المسؤول؟.

أما قناة “ميدي1 تي في”، فخلقت الحدث حين طرح الصحافي نوفل العواملة أسئلة محرجة على الناطق الرسمي باسم الحكومة، حول ما إذا كانت السلطة تعي حجم الغضب الشعبي، فأجابه الوزير بطريقة استفزازية خلّفت موجة تضامن إعلامي واسعة مع الصحافي.

منذ تلك اللحظة، تحوّلت برامج القنوات الرسمية إلى فضاءات لتنفيس الاحتقان، أكثر منها أدوات للتوجيه. صار المذيع يتحدث بلغة أقرب إلى الشارع، والمواطنون يُستضافون عبر المداخلات، والعبارات من قبيل” “نحن نفهم معاناة المغاربة” تتكرر على ألسنة مقدّمي النشرات.

 

الإعلام العمومي: انفتاح تكتيكي أم تحوّل استراتيجي؟

يرى مراقبون أنّ هذا التحول لا يعكس قطيعة مع النهج الرسمي بقدر ما هو محاولة امتصاص غضب الشارع واحتواء موجة الانتقاد التي طالت الإعلام العمومي نفسه، والذي وُصف في بداية الاحتجاجات بأنه “صوت السلطة ضد الناس”.

فالانتقال من الدفاع إلى الإصغاء لم يكن نتيجة قناعة داخلية بحرية التعبير، بل استجابة ظرفية لصدمة اجتماعية حقيقية، وضغط غير مسبوق من الرأي العام في شبكات التواصل، الذي صار يملي على التلفزيون ما يجب أن يُقال.

ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن تلك الجرأة النسبية أعادت بعض الاهتمام بالشاشة العمومية، بعد سنوات من العزوف الجماهيري، حيث حققت حلقات “ميدي1″ و”دوزيم” المخصصة للاحتجاجات نسب متابعة عالية على المنصّات الرقمية.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
9°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة