حادثة مؤثرة.. اقرأ لتعلم كيف تمت معالجة هذا الشيخ!!
هوية بريس – متابعة
كتب الطبيب محمد القصاص: “منذ أكثر من عام مضي، هاتفني والدي رحمة الله عليه ليوصيني بأحد أصدقائه القدامي، والذي سيزورني بالعيادة لعرض حالته علي، وأضاف والدي أن هذا الرجل واحدٌ من أفضل من عرفهم في حياته، وأنه رجلُ خيرٍ قضي جزءاً كبيراً من حياته في أعمال البر والدعوة، وله أيادٍ كثيرةٍ بيضاء علي الكثير من الناس.
جاءني الرجل في يومها، واحتفيت به إكراماً لوالدي، ولكن الأمر لسوء الحظ كان أكثر استفحالاً من أن يكون له علاج عندي: سرطان مستشري بالكبد وجلطات سرطانية بالأوعية الدموية المحيطة بالكبد مع ارتفاع صارخ بدلالات الأورام مصحوبٍ بانهيارٍ كامل لوظائف الكبد. في واقع الأمر، ولمثل هذه الحالات، لا نملك طبياً سوي ما يسمي بالعلاج التحفظي، أو بطريقة أكثر صراحة، علاج الأعراض والتعامل مع آلام المريض وفقط.
ما لفت انتباهي حينها هو تماسك الرجل الشديد، مع حقيقة معرفته بتفاصيل حالته، وإدراكه لطبيعة مرضه. ولكنني، وتلطيفاً للأمر، حاولت الحديث معه لطمأنته والتخفيف عنه، إلا أنه استشعر ذلك مني فقاطعني بقوله “يا دكتور متقلقش عليا، أنا جيت لك بس علشان أبقي أخدت بالأسباب، لكن في النهاية المرض والشفا والحياة والموت مش بأيدك ولا بأيدي”.
انصرف الرجل بعد أن أعطيته بعض الأدوية البسيطة والتعليمات الخاصة، وطلبت منه ألا يمارس عملاً مرهقاً بعد الآن، وأن يعود إلي بعد شهرين للمتابعة. في مثل هذه الحالات، غالباً ما لا تتجاوز الفترة المتوقعة للحياة الأشهر الثلاثة، وليتها تمر بدون معاناة، وإنما هي أيامٌ تمضي كالجحيم علي المريض وأهله.
وتمر الأيام والشهور، وأنسي الرجل والأمر كله وسط انشغالات الحياة، حتي يأتيني هو مرة ثانية للمتابعة بعد مرور سبعة أشهر. اندهشت عندما علمت بقدومه وأنه لا يزال علي قيد الحياة، وزاد استغرابي عندما دخل علي الغرفة موفور الصحة يمشي علي قدميه سليماً معافي.
بعد حديثه الحماسي عن استرداده لصحته، ومعاودته لممارسة حياته كسابق عهده -والذي لم أحمله بالطبع علي محمل الجد- طلبت منه الصعود إلي سرير الكشف لفحصه بالموجات فوق الصوتية لمتابعة حالته. المفاجأة هنا الآن أن ذاك المرض الخبيث لا وجود له، مع اختفاء كل ما كان ظاهراً من قبل من علاماتٍ لانتشاره. كَذّبت عيناي، وطلبت من الرجل عمل فحص جديد بالأشعة المقطعية ليكون أكثر دقة، علي أن يجريه في نفس مكان الفحص السابق، وكذلك إعادة عمل وظائف الكبد ودلالات الأورام.
في صباح اليوم التالي، تلقيت اتصالاً هاتفياً من أحد أساتذة الأشعة المشهود له بالكفاءة، ومن العاملين بالمركز الذي أحلت إليه المريض، والذي سألني بعد التحية والسؤال عن الأحوال سؤالاً يبدو غريباً بعض الشيء “دكتور محمد هو انت اديت للراجل ده علاج إيه للأورام؟؟”، أجبته بأنني لم أعطه شيئاً بسبب تأخر حالته وعدم وجود علاج لمثل هذه الحالات. صمت الرجل قليلاً وكأنه غير مصدق لما أقول، ثم سألني مرة ثانية إن كنت قد أعطيته أحد الأدوية تحت البحث أو أدخلته في إحدي التجارب السريرية لواحد من العقاقير الحديثة، ووعدني بأنه لن يخبر أحداً عن الأمر، فأجبته مرة ثانية بالنفي وأن مثل هذه الأبحاث ما كانت لتتم بدون علم المريض وموافقته الكتابية المسبقة. صمت مرة أخري ثم باح لي بشكوكه “بس العيان قالي انك اديته أدوية من عندك!”. تذكرت عندها أنني أعطيت المريض بعضاً من العينات المجانية لمنشطات للكبد ليس لها قيمة حقيقية في حالته. أخبرت الرجل الذي زادت حيرته، ثم سألني متردداً “الحقيقة أنا مش عارف أكتب إيه في التقرير، مش لاقي حاجة في الأشعة الجديدة، ولولا إن الفحص القديم معمول عندي هنا وأنا اللي كنت قريته بنفسي، عمري ما كنت هصدق ده”. أنهيت المكالمة بقولي له أن يكتب ما يراه، علنا نجد تفسيراً لهذا الأمر فيما بعد.
بعد هذه المكالمة، ترقبت مجيء الرجل، والذي بدوره لم يبطيء علي وأتاني في يومها يحمل نتائج الفحوصات التي أجراها. حقيقةً لم أصدق عيناي وأنا أري كل فحوصات الرجل سليمة؛ دلالات الأورام عادت لطبيعتها ووظائف الكبد جيدة. أخبرت الرجل وذويه بالأمر كله، وختمت حديثي معه بأنني لا أملك تفسيراً علمياً لما حدث، وأنني أنا من يطلب منه هذا التفسير إن كان يملك واحداً.
الغريب في الأمر أن الرجل لم يبد عليه أي أثر للاندهاش كما توقعت، فقط ابتسم وقال لي جملة واحدة “إن لي عند الله خبيئةً لم أخبر بها أحداً، فدعوته وقد أكرمني بها”، ثم انصرف وتركني وأنا لا أستطيع كبح دموعي .
الشاهد من الأمر، أنه من حينٍ لآخر ستأتيك رسائل، لتُعلّمك وتُذكّرك، أن هنالك لهذا الكون رب، يصرّف الأمر وقائم علي التدبير”.
اللهم ان لنا اخوان في سوريا وغزة ضاقت بهم الحال فكن لهم وانصرهم على عدوهم وعدوك.