حج vip

29 يونيو 2024 19:50

هوية بريس – د.رشيد بن كيران

تناقلت في مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد مرئية تقارن بين حج العامة وبين حج الخاصة المسمى بـ”حج vip“.

حج vip هو عبارة عن شراء الحاج خدمات لأداء مناسك حجه في ظروف تكون في غاية الرفاهية والمتعة، كأنه مقبل على رحلة سياحية وسفر راحة واستجمام.

من الناحية الشرعية يصعب أن نقول إن حج vip حج فاسد، ولا يجزئ صاحبه بسبب تلك الرفاهية المبالغ فيها أثناء أداء المناسك؛ لأن أسباب فساد الحج وعدم الإجزاء من الأحكام الوضعية التي وضعها الشرع، فلا يمكن الافتئات على ما قرره الشرع زيادة أو نقصانا. لكن نستطيع أن نجزم أن حج vip حسب ما دلت عليه تلك المشاهد المرئية انه يخالف روح الحج وبعض المقاصد الشرعية المهمة التي من أجلها شُرع.

فمن شروط الحج لباس الإحرام ، وهو ثوب أشبه ما يكون بكفن الميت، يلبسه الحاج متجردا من كل لباس مخيط ومحيط ليبتعد عن رفاهيته المعتادة في اللباس، ومعتبرا به على أنه سيخرج من هذه الدنيا بثوبين فقط وإن كان من أغنى الناس.

وكذلك يطلب من المحرم بالحج أن يبتعد عن تقليم أظافره وألا يأخذ من شعره وأن يجتنب العطر ، وهذه الأشياء تدخل في سنن الفطرة التي يراد بها النظافة والتجمل وإظهار صاحبها في مظهر حسن، وكأن الشرع يتغيى أن يكون الحاج أثناء أداء مناسك الحج في حالة من الانقطاع عن الدنيا ومتاعها ومتعها وما يملك من معظمها، وفي حالة من الدروشة والمسكنة الظاهرتين، وأن يكون رث الثياب وأشعث الرأس وأغبر الوجه.

يشهد لهذا المقصد الشرعي ما رواه أحمد وغيره بسند صحيح أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : “إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي مَلَائِكَتَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي، أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا”.

ومحل الشاهد من الحديث أن الله عز وجل يباهي ملائكته بحجاج من أوصافهم الظاهرة أنهم شعث وغبر. وهذا يدل على اهتمام الشرع بالمشقة التي نالت الحجاج وتعظيم مظهرها عليهم، وأن الأجر على قدر تلك المشقة والمظهر.

أما حج vip فصاحبه في خدمات مريحة جدا تطوقه برفاهية عالية وتنعم كبير لا يحصل معها مقاصد الشرع الآنفة الذكر، فأنى للحاج vip أن ينقطع عن تعلقه بمتع الدنيا ومتاعها وهي محيطة به وطالب لها بأنفس الأموال لتحصيلها، وأنى له ان تصيبه مشقة أداء مناسك الحج تجعله يدخل في زمرة العباد الشعث الغبر المباهى بهم، فحج مثل هذا فاقد لمقصده وروحه صاحبه بعيد جدا عن كمال خير الحج وإن سقط به التكليف.

أما إذا كانت خدمات حج vip مؤثرة بالسلب على سير حج العامة ومضيقة عليهم ومسببة لهم الحرج، فإنه والحالة هاته لا يجوز شرعا أن يقبل المسلم عليها وإن كان قادرا على أداء أثمانها الباهضة، ويأثم الحاج بقدر المفسدة المترتبة عنها؛ لأن تحقيق مصلحة أغلبية الحجاج شرعا مقدمة على تحقيق مصلحة القلة القليلة من الناس، من أصحاب vip.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M