حقوقيون مغاربة وإسبان يسعون لتحقيق العدالة لـ”فلويد” المغربي
هوية بريس – متابعات
قبل نحو عام من الآن وفي مركز للأحداث في ألميريا فارق فتى يبلغ من العمر 18 عاماً الحياة على يد حراس المركز. وفتحت الشرطة تحقيقاً في القضية حينها وحفظ الملف.
الآن يتشكل ائتلاف يضم محامين وسياسيين وجمعيات مجتمع مدني في إسبانيا والمغرب يدفع بالقضية مجدداً إلى الأضواء ويتقدم بدعوى أمام القضاء الإسباني للمطالبة بإعادة فتح التحقيق في القضية.
ينجح الائتلاف في مسعاه مع إعلان مكتب المدعي العام في ألميريا معاودة التحقيق، لكشف ملابسات وفاة الشاب إلياس الطاهري في مركز الأحداث “تيراس دي أوريا”.
فيديو جديد يكذب الرواية الأولى
هذا التحرك أتى على خلفية تسريب صحيفة “إل باييس” الإسبانية مقطع فيديو جديد، يكشف تفاصيل ما حصل في يوليو من العام الماضي. ويظهر الفيديو خمسة من حراس مركز الإيواء يقيدون الفتى ويحاولون السيطرة عليه في طريقة مشابهة للطريقة التي تعاملت فيها الشرطة الأمريكية مع الأمريكي جورج فلويد. مدة الفيديو دامت نحو 13 دقيقة، قبل أن يفارق إلياس الطاهري الحياة.
مسار الأحداث الجديد الذي كشف عنه التسجيل مخالف لما كان القضاء الإسباني قد توصل إليه من نتائج، حين اعتبر الحادث حينها عرضياً وغير مقصود، مبرئاً الشرطة الإسبانية ومتهماً الفتى بإبداء مقاومة عنيفة.
هذا ما دفع لتشكيل الائتلاف الجديد تحت اسم “ائتلاف العدالة من أجل إلياس”، لتحريك القضية مجدداً والمطالبة بالعدالة لطاهري المنحدر من تطوان.
وقال محمد الشايب النائب السابق في البرلمان الإسباني ورئيس مؤسسة ابن بطوطة ببرشلونة – وهي طرف رئيس يعمل على القضية – في لقاء مع وكالة “يورونيوز” إن شريط الفيديو الجديد الذي تبلغ مدته 14 دقيقة والذي نشرته صحيفة “إل باييس” يظهر ما حصل تماماً على عكس الفيديو القديم الذي كان مقتصراً على أربعة دقائق، وأضاف أن الفيديو يظهر حراس المركز وهم يقومون بخنق الفتى خلال عملية اعتقاله مع دراية أحد الحراس بأن الفتى يختنق ويلفظ أنفاسه الأخيرة.
أما أنس طاهري (22 عاماً)، شقيق إلياس، وفي تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية قال: “إذا شاهدتم شريط الفيديو فلا يمكنكم أن تصدقوا إطلاقاً أنه حادث عرضي كما تقول القاضية”، وأضاف أن “تسجيل الفيديو يظهر كيف قتلوه. إنها جريمة قتل”.
وتطالب عائلة طاهري، الذي وصل إلى إسبانيا في 2017 ووضع في مركز للقاصرين “بسبب مشاكل في الشارع” بحسب شقيقه، بإعادة فتح الملف.
وأضاف أنس أن شقيقه إلياس التقى عشية وفاته والدته لأول مرة منذ شهرين وقال لها إنه تعرض للتهديد وسوء المعاملة. كما أوضح أن شقيقه “طلب من والدته أن توكل محامياً لإخراجه لأنه كان يفضل دخول السجن على البقاء في المركز”، مشيراً إلى أن شقيقه كان تحت المراقبة خوفاً من أن يقدم على الانتحار.
مطالب بالعدالة لطاهري وبتغيير القوانين لمنع تكرار هذه الحوادث
وفقاً للشايب فإن الدعوى القضائية التي تم رفعها جاءت نتيجة جهود مؤسسات وبالتنسيق مع نادي المحامين في الدار البيضاء.
وفي حديثه لـ”يورونيوز” أكد الشايب أنهم لا يسعون من خلال تحريك الدعوى لجلب العدالة لإلياس فقط، بل لوضع حد لهذه الممارسات والأساليب التي يواجه بها القائمون على هذه المراكز المحتجزين فيها وعلى رأسها أسلوب التقييد والخنق.
بعد أيام على نشر الفيديو الجديد طلبت هيئة “المدافع الإسباني عن الحقوق” حظر استخدام هذا الأسلوب في المراكز المخصصة لإيواء القاصرين. وفي 18 حزيران/يونيو طلبت نيابة ألميريا إعادة فتح تحقيق في أسباب الوفاة.
“جمعية إدارة الاستيعاب الاجتماعي” (جينسو) المكلفة إدارة المركز أكدت صحة الصور لوكالة الأنباء الفرنسية، كما أكدت إظهار التحقيق “ضرورة وصحة تطبيق تدابير السيطرة وأن الموظفين طبقوا إجراءات الاحتواء”، إلا أن هذا الأسلوب يبقى “استثنائياً” ويمارس بـ”أقل قدر ممكن من القوة”.
لكن الجمعية الأندلسية لحقوق الإنسان أكدت أن هذا النوع من الأساليب “يطبق كثيراً” في مراكز القاصرين، وفقاً لفرانسيسكو فرنانديز كباروس عضو الجمعية فإن “الفيديو يظهر استخداماً مفرطاً للقوة نظراً لسلوك إلياس”. ويضيف “إنه اعتداء وعنف لا مبرر لهما. وهذا العنف والتوتر تسببا بوفاته”.
ودعا حقوقيون الحكومة إلى تغيير القانون، يقول الناشط الحقوقي فرنسيسكو فرنانديز ماروغان:”يجب اتخاذ قرار سريع وجذري لوضع حد نهائي للجوء لهذا الأسلوب للسيطرة على قاصرين” و”يجب ألا يموت أي شخص آخر في إسبانيا في هذه الظروف”.
وأمر مدعي ألميريا بتعليق هذا الأسلوب “فوراً” في المراكز التي تشرف عليها “جينسو”. ورفضت السلطات القضائية الإقليمية التعليق على الموضوع لوكالة فرانس برس.
قبل أربعة أعوام وتحديداً في 2016، نددت اللجنة المكلفة الحماية من التعذيب بالأسلوب المستخدم للسيطرة على قاصرين في تيراس دي أوريا معتبرة أنه “لجوء إلى القوة المفرطة”. ودعت السلطات الإقليمية لوضع حد لها بحسب النائبة الإقليمية المعارضة ماريبل مورا.
دعوات لدور رسمي مغربي أكبر
شن نشطاء مغاربة حملة على وسائل التواصل الجتماعي الأحد لمطالبة وزارة الخارجية المغربية بالضغط على السلطات الإسبانية والسعي للتحقيق العدالة عبر محاكمة المتورطين في مقتل الطاهري.
ووفق “يورو نيوز” دوما قال الشايب إن رغم وجود جهات في إسبانيا تعمل بطريقة جيدة مع نحو 11 ألف قاصر، تبقى هناك مشكلة تتعلق بالإجراءات بالعموم حيث في اللحظة التي يبلغ فيها القصر 18 عاماً، يخرجون من مراكز الإيواء ويطبق عليهم قانون الهجرة ليبدأوا من الصفر دون أوراق رسمية وبأوضاع مادية سيئة ودون رخصة عمل. ودعا السلطات المغربية للقيام بتواصل أكبر مع السلطات الإسبانية بخصوص القصر المغاربة والعمل على توفير الأوراق الثبوتية اللازمة لهم.