حقوق الإنسان تظهر “على استحياء” في ختام قمة شرم الشيخ (محصلة)
هوية بريس – الأناضول
في 6 كلمات ببيان ختامي، جاء ذكر قضايا حقوق الإنسان على استحياء في البيان الختامي للقمة العربية الأوروبية، الأولى من نوعها.
ومساء الأحد، انطلقت أول قمة عربية أوروبية، بمدينة شرم الشيخ (شرقي مصر)، وسط إدانات دولية واسعة النطاق لتنفيذ القاهرة إعدامات متتالية بحق معارضين، وغياب نصف قادة وزعماء الدول العربية، مقابل حضور أوروبي واسع.
وواجه الأوروبيون بصمت رسمي تام، تنفيذ إعدامات بمصر ضد 15 معارضا مصريا، في فبراير الجاري، كما تجاهلوا الدعوات الحقوقية لهم بعدم المشاركة في القمة على خلفية تلك الإعدامات، التي انتقدتها تركيا.
** 6 كلمات
“احترام كافة جوانب حقوق الإنسان الدولي”، بهذه الكلمات الست المقتضبة ضمن بيان مشترك للقمة يضم نحو 1000 كلمة، عبر المجتمعون بشكل صريح عن الملف الحقوقي، بخلاف الحديث عن قضايا المنطقة ومتطلبات التعاون.
** سؤال وحيد
وردا على سؤال من أحد الصحفيين الغربيين، بشأن الأوضاع الحقوقية بمصر، وعدم الرضا الأوروبي عنها، تدخل الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، قائلا: “لم يتحدث أي من الحضور عن مسألة عدم الرضا، وما دار في الاجتماعات تعبير عن اهتمامات بشأن حقوق الإنسان في الجانبيين ولكن لم يتطرق أحد لممارسات دول”.
كان ذلك قبل أن يتدخل رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، بالتوضيح في المؤتمر الصحفي قائلا: “تحدثتا عن حقوق الإنسان وتحدثت عن المشكلات، وأيضا كانت هناك نقاشات ثنائية شملت الحديث عن حقوق الإنسان”.
وتبعه رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك قائلا: “تحت أي ظرف من الظروف لن نتنازل عن الحرية والديمقراطية، ولذلك أصررت على وضع الالتزام بجوانب حقوق الإنسان، وأنا مقتنع أن الحوار أفضل من المواجهات”.
** اعتراض
ومعترضا على ما أثير، رفض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال المؤتمر الصحفي المطالبات الأوروبية بإلغاء عقوبة الإعدام، أو التعليق بشأن ملف حقوق الإنسان.
وقال: “من فضلكم حينما تتحدثون عن الواقع في بلادنا، لا تفصلونه عن المنطقة وما يحدث فيها وهذا لا يعنى التجاوز في حقوق الإنسان، وهذا ليس كلاما سياسيا لأرضي الجانب الأوروبي”.
وأضاف الرئيس المصري مخاطبا الأوروبيين: “أنتم تتكلمون عن عقوبة الإعدام، لكن أرجو ألا تفرضوا علينا، فهنا في منطقتنا العربية، الأُسر لما يتقتل إنسان في عمل إرهابي، تأتي تريد حق أبنائها وهذه ثقافة موجودة في المنطقة، والحق لابد أن يؤخذ بالقانون”.
واعتبر أن مطالبة الدول الأوربية، بإلغاء عقوبة الإعدام عدم فهم للواقع والتطور الذي تعيشه أوروبا.
وبصوت مرتفع وحاد، تابع السيسي: “أنتم مش هتعلمونا (لن تعلمونا) إنسانيتنا، نحن لدينا إنسانيتنا ولدينا قيمنا ولدينا أخلاقياتنا، ولديكم كذلك قيمكم ونحترمها، فاحترموا أخلاقياتنا وأدبياتنا وقيمنا كما نحترم قيمكم”.
** انتقادات
وسبق القمة، دعوات من سياسيين وحقوقيين مصريين، لقادة أوروبا بمقاطعة القمة على خلفية إعدامات طالت معارضين بمصر.
وفي مقابلة مع محطتي “Kanal D”، و”CNN TURK” التلفزيونيتين المحليتين، وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الإعدامات بحق معارضين مصريين بأنها “جريمة ضد الانسانية”، متسائلا: “أين الغرب من هذا؟ هل تسمعون صوت الغرب؟ وهل فعل أي شيء حيال هذا الأمر؟”.
ومنذ 7 مارس 2015، وحتى 20 فبراير 2019، نفذت السلطات 42 حكما بالإعدام دون إعلان مسبق للتنفيذ، أو إصدار السيسي أمرًا بالعفو، أو إبدال العقوبة وفق صلاحياته.
فيما رفضت القاهرة، الأحد، في بيان للخارجية، تصريحات مسؤولين في مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة حول أحكام الإعدام الأخيرة، معربة عن “الرفض التام لكل ما يمس القضاء المصري”.
** تجاهل للثلاثي الخليجي
البيان الختامي للقمة صدر متجاهلا ملاحظات السعودية والبحرين والإمارات.
وطلب وزير الخارجية السعودي إبراهيم العساف، الكلمة في الجلسة الختامية، ردا على سؤال السيسي بشأن ملاحظات مشروع البيان قائلا: “قدمنا عددا من النقاط (لم يحددها) للفنيين لتعديل البيان المشترك، ولم نجدها في النسخة الموزعة علينا”.
وأضاف: “لذلك نأمل أن تؤخذ هذه النقاط بالاعتبار، فهذه القمة في غاية الأهمية ويجب أن تعكس توجهاتنا”.
وتابع: “الملاحظات منها تعزيز التعاون بين المجموعتين، وقدمت للأمانة العامة (للجامعة) ولم نجدها بهذه النسخة”.
وفي تعقيب، قال أحمد أبو الغيط أمين عام الجامعة العربية: “أرسلت السعودية والإمارات والبحرين، وكذلك لبنان بعض الصياغات المقترحة، على مشروع البيان المشترك للقمة العربية الأوروبية”، دون أن يحددها.
وأضاف: “رأينا بعد التحاور مع الجانب الأوروبي الاكتفاء بالصيغة الحالية”.
وتابع: “اتفقنا أيضا على تجميع كل هذه المقترحات بالتعديلات ونقوم بتوزيعها على المفوضية الأوروبية وعلى بقية الأعضاء بالجامعة العربية، وبالتالي يُحاطوا بهذه الرؤى التي وردت من البحرين والإمارات والسعودية”.
وتدخل السيسي رئيس الجلسة الختامية بالقمة، قائلا: “هل من ملاحظات أخرى؟”، قبل أن يجيب “إذن لا توجد ملاحظات يعُتمد (البيان المشترك)”.
ولم يوضح أبو الغيط ملاحظات البلدان الثلاثة، ولم يصدر بيان بشأنها حتى الساعة 17:00 ت.غ.
** فصل جديد
اعتبر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، في كلمته بالمؤتمر الصحفي في ختام القمة، أن ما حدث “يمكن أن يكون بداية لفصل جديد من التعاون بيننا”.
وقال: “لقد حان الوقت للوصول إلى شراكة حقيقية بين العالم العربي وأوروبا (..) إننا نواجه العديد من نفس التحديات”.
وأضاف: “من الواضح أن النظام العالمي القائم على قواعد يتعرض لتهديد”.
وتابع: “لقد اتفقنا هنا في شرم الشيخ على أن يعمل الجانبان معا للدفاع عنه”.