خلق طاعة الزوج وتربية البنات عليه

23 أغسطس 2024 19:52

هوية بريس – د.رشيد بن كيران

من الأخلاق الإسلامية الرفيعة التي أسهمت في استقرار الأسر والمحافظة على تماسكها في الأجيال السابقة تربية البنات منذ الصغر على خلق طاعة الزوج في المعروف، هذا الخلق الذي يعد من محاسن التشريع الإسلامي، وسر رباني من أسرار اللطيف الخبير الذي يعلم ما يصلح للأفراد والأزواج والأسر والمجتمعات.

طاعة الزوج هو خلق على الحقيقة طاعة لله، وتعبير عن إيمان راسخ بأنه سبحانه وتعالى له الخلق والأمر، فلما كان الله عز وجل هو الآمر للزوجة بطاعة زوجها كان سبحانه وتعالى هو المطاع على الحقيقة وليس الزوج. فلولا تلك النصوص الشرعية التي أمرت المرأة بذلك ما تجرأ أحد أن يتحدث عن ذلك، ولهذا ينبغي أن يكون المدخل السليم لتربية البنات على هذا الخلق هو ترسيخ مفهوم الطاعة لله وتقديس أوامره سبحانه، وأن طاعة الزوج في المعروف عبادة من العبادات الجليلة عظيمة الأجر كبيرة النفع تعـبّـد الله بها المرأة.

◆ نصوص شرعية آمرة بطاعة الزوج:

النصوص الشرعية التي تأمر الزوجة بطاعة زوجها كثيرة ومتنوعة، منها ما يأتي:

قوله تبارك وتعالى: ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)) جزء من آية 34 من سورة النساء.

قوله عليه الصلاة والسلام: «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا». حديث صحيح.

قوله عليه الصلاة والسلام: «وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ تُؤَدِّى الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّىَ حَقَّ زَوْجِهَا وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِىَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ». حديث صحيح

4- قوله عليه الصلاة والسلام: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِى الْجَنَّةَ مِنْ أَىِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ». حديث صحيح

قوله عليه الصلاة والسلام لامرأة:

«أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟». قَالَتْ نَعَمْ.

قَالَ عليه الصلاة والسلام: «كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟؟».

قَالَتْ: مَا آلُوهُ إِلاَّ مَا عَجَزْتُ عَنْهُ.

قَالَ عليه الصلاة والسلام: «فَانْظُرِى أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ» حديث حسن.

6- قوله عليه الصلاة والسلام: “لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ“. صحيح البخاري

وغيرها من النصوص الشرعية التي تدعو المرأة إلى طاعة زوجها إما تصريحا أو تلميحا.

اليوم، نلاحظ تقصيرا واضحا لدى الأبوين في تربية بناتهما على خلق طاعة الزوج، وهو تقصير لم ينج منه حتى الأسر المتدينة إلا من رحم الله، ويعد فقدان هذا الخلق أو ضعفه في الفتيات من أكبر أسباب النزاعات اليومية والنكد بين الزوجين، التي إن لم تعالج وفق ميزان الشرع وبالحكمة المطلوبة قد تفضي إلى الطلاق.

كذلك، من أسباب فقدان هذا الخلق أو ضعفه لدى بناتنا ما يتعرضن له من غزو فكري نسوي، يشجعهن على التمرد على المفاهيم الدينية والأعراف الحسنة بدعاوى سخيفة صبيانية مثل المطالبة بالمساواة المطلقة مع الرجال أو التمرد على حق القوامة التي أعطاها الله للرجل، أو وصف طاعة الزوج بأنها رجعية وجاهلية وظلامية، وقد وُظف الإعلام الممنهج والأفلام المنحرفة والقدوات التافهة لتعميق هذا الفكر المنحرف في الأجيال الصاعدة.

◆ فيما تطيع المرأة زوجها:

لا تطيع المرأة زوجها إلا في المعروف، فلو أمرها بمعصية الخالق، فلا طاعة حينئذ، وهذا يؤكد ما سبق تقريره أن المطاع على الحقيقة هو الله وليس الزوج، لكن إذا أمر الزوج بالمعروف فحينئذ تكون طاعته واجبة على زوجته شرعا. والمقصود بالمعروف ما كان في دائرة المشروع؛ إما أن يكون ما أمرها به واجبا شرعا أو مستحبا أو مباحا.

ونحن حينما نقر بهذه الحقيقة الشرعية، فلا يعني أننا ندعو الى استبداد يمارسه الرجل على المرأة، فإن هذا ليس من الاسلام في شيء، والاستبداد والطغيان مرفوض في الدين، وليعلم الزوج أن خير الرجال ما كان خيرا لأهله كما جاء في الحديث النبوي الشريف، وأن من آخر ما أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم قبل انتقاله الى الرفيق الأعلى وصية تخص النساء، وهي وصية جامعة مانعة، فقال: “استوصوا بالنساء خيرا…” فكل ما ليس خيرا شرعا أو عرفا أو ذوقا فإنه مخالف لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم.

◆ كيف السبيل إلى تربية البنات على طاعة الزوج

بداية، يعد مجال التربية علما قائما بذاته، له أسسه وقواعده، وأهله هم الأقدر على رسم خطة طريق والكشف عن وسائل يراد منهما تنشئة البنات على خلق طاعة الزوج بطريقة سلسة وسليمة، ولهذا سأكتفي بإشارات عامة تتحدث عن وسائل تساعد على تعليم البنات على خلق طاعة الزوج، أرجو من الله التوفيق فيها، من هذه الوسائل:

• الأم القدوة:

جبل الله الأولاد على تقليد آبائهم، وحبب إليهم ذلك حبا كبيرا، ولهذا تعد تصرفات الأم مع أب الأولاد من أقوى الوسائل لتمرير خلق طاعة الزوج لبناتها، فتحرص الأم على إظهار هذا الخلق في مواقف معينة، كطلبها من أب الأولاد الإذن للخروج من المنزل مثلا، أو طلب إذنه للذهاب إلى جهة معينة، أو أخذ رأيه بالموافقة من عدمها في لباس تتزين به في حفل خاص، أو سؤاله الأب أي وجبة غداء يفضل اليوم، إلى غير ذلك من التصرفات التي يرى فيها البنات عمليا كيف تكون طاعة الزوجة لزوجها.

• زرع فسيلة طاعة الزوج منذ الصغر:

إذا كانت الوسيلة الأولى تعتمد على الجانب العملي في تربية البنات على خلق طاعة الزوج، فإن هذه الوسيلة تهدف إلى تربيتهن على ذلك من الجانب النظري، وذلك بأن يتحدث الأبوان عن خلق طاعة الزوج في مناسبات مختلفة حسب المتوفر، حول مائدة الطعام، أو في جلسة شاي أو رحلة… وفي فترات عمرية مختلفة للبنات، مقربين مفهومه وصوره لهن، مبينين مزياه الحسنة، مفندين الشبه الطاعنة في مصداقيته وجدواه، ومدعمين ذلك بنصوص دينية حتى يتظافر الجانبان النظري والعملي في صناعة شخصية لديها القابلية لخلق طاعة الزوج وتتربى البنت على ذلك دون الشعور بالدونية أمام الزوج، أو بأي حرج مستقبلا أو مذلة. وقد يساعد الأبوين على هذه الوسيلة أفلام كرتونية إن وجدت، أو قصص وحكيات مصورة.

• الأب القدوة:

كان من المناسب أن تذكر هذه الوسيلة بعد الأولى لتقاربهما في الصورة والمعنى، لكن أخرتها عمدا راجيا أن تبقى عالقة في ذكر من يقرأ هذه المقالة من الرجال، فإن دور الأب لا يقل عن دور الأم في ترسيخ خلق طاعة الزوج في البنات عمليا، لكن بأسلوب يخالف أسلوب الأم القدوة، وذلك بأن يُقرن الأب القدوة بين طاعة أم البنات له في المعروف وبين الثناء الجميل عليها في غيابها وفي حضورها، وإعطائها الهدايا، ومدّ لها يد العون، وتقديم لها كل ما يمكن أن يرسخ في البنات أن ما نالته أمهم من تقدير واحترام وتكريم وحب إنما كان بسبب حسن طاعتها لزوجها التي هي فرع عن طاعتها لله سبحانه وتعالى.

وأخيرا وليس آخرا، لقد بات واضحا أن الأسرة عموما والأسرة المسلمة على وجه الخصوص أصبحت مستهدفة من قوى الشر العالمية والفكر المنحرف الشاذ، وإن تربية البنات على خلق طاعة الزوج مفتاح من المفاتيح المهمة والأساسية التي تسهم بشكل كبير في استقرار الأسرة ونجاحها وجلب لها الخيور ودفع عنها الشرور، وتحقيق السعادة الزوجية وصناعة السكن الهنيء الذي بشر به القرآن الكريم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M