دة. صفية الودغيري تكتب: حقوق النشر والطبع..
هوية بريس – دة. صفية الودغيري
#انتهاكات
#الكتابة
#دور_النشر_والطباعة_والتوز
#كتب
#إصدارات
#أقلام_كتاب
#حقوق_النشر_والطبع
ألسنا في زمن يُكتَب على صحيفة أبنائه!!!!..
كي تكون ناجحا اجعل لاسمك نجما لامعا، ولو من ورق الصُّحف والجرائد اليومية، التي لا تميز الحقَّ من الباطل، ولا الصَّادِق من المزيَّف والكاذِب في نشر الحوادث والأخبار..
وكي تكون ناجحا عليك أن تصنع تاريخا كيفما شئت أن تصنعه، وأن تكون كما شئت لا كما شاء الله لك أن تكون عبدا ربَّانيا، موحِّدا لله، تخشاه في السِّر والإعلان، وفي أقوالك والأفعال، وتُحاسِب نفسك على كل صغيرة وكبيرة قبل أن تُحاسَب ويطوى الكتاب..
وقديما كتب حذيفة المَرْعَشِيُّ إِلى يوسف بن أَسْباط رسالة بليغة في مبناها، وعميقة في مضمونها وفحواها، ومقصدها توقِّي الحيطة والحذر، والتنبُّه إلى التعرُّض للفتن في زمن الغفلات والفترات، وصون النفس عن الوقوع في العِلَل القَوادِح، والآفات الفَوادٍح، فقال: “أَمَّا بَعْدُ! فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ، وَالْعَمَلِ بِمَا عَلَّمَكَ اللهُ، وَالْمُرَاقَبَةِ حَيْثُ لا يَرَاكَ أَحَدٌ إِلَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَالِاسْتِعْدَادِ لِمَا لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ حِيلَةٌ، وَلا يُنْتَفَعُ بِالنَّدَمِ عِنْدَ نُزُولِهِ؛ فَاحْسُرْ عَنْ رَأْسِكَ قِنَاعَ الْغَافِلِينَ، وَانْتَبِهْ مِنْ رَقْدَةِ الْمَوْتَى، وَشَمِّرْ لِلسِّبَاقِ؛ فَإِنَّ الدُّنْيَا مَيْدَانُ السَّابِقِينَ، وَلا تَغْتَرَّ بِمَنْ قَدْ أَظْهَرَ النُّسُكَ وَتَشَاغَلَ بِالْوَصْفِ وَتَرَكَ الْعَمَلَ بِالْمَوْصُوفِ، وَاعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّهُ لا بُدَّ لِي وَلَكَ مِنَ الْمقَامِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَسْأَلُنَا عَنِ الدَّقِيقِ الْخَفِيِّ، وَعَنِ الْجَلِيلِ الْجَافِي، وَلَسْتُ آمَنُ أَنْ يَسْأَلَنِي وَإِيَّاكَ عَنْ وَسَاوِسِ الصُّدُورِ وَلَحَظَاتِ الْعُيُونِ وَإِصْغَاءِ الْأَسْمَاعِ، وَمَا عَسَى أَنْ يَعْجِزَ مِثْلِي عَنْ وَصْفِ مِثْلِهِ، وَاعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّهُ مِمَّا وُصِفَ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّة، أَنَّهُمْ خَالَطُوا أَهْلَ الدُّنْيَا بِأَبْدَانِهِمْ، وَطَابَقُوهُمْ عَلَيْهَا بِأَهْوَائِهِمْ، وَخَضَعُوا لِمَا طَمِعُوا مِنْ نَائِلِهِمْ، وَسَكَتُوا عَمَّا سَمِعُوا مِنْ بَاطِلِهَا، وَفَرِحُوا بِمَا رَأَوْا مِنْ زِينَتِهَا، وَدَاهَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَتَرَكُوا بَاطِنَ الْعَمَلِ بِالنُّصْحِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ سَيِّدِهِمْ، فَحَرَمَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ الثَّمَنَ الرَّبِيحَ، وَاعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّهُ لا يُجْزِئُ مِنَ الْعَمَلِ الْقَوْلُ، وَلا مِنَ الْبَذْلِ الْعِدةُ، وَلا مِنَ التَّوَقِّي التَّلاومُ؛ فَقَدْ صِرْنَا فِي زَمَانٍ هَذِهِ صِفَةُ أَهْلِهِ، فَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْمَهَالِكِ، وَصَدَّ عَنِ السَّبِيلِ، وَفَّقَنَا اللهُ وَإِيَّاكَ لِمَا يُحِبُّ، وَالسَّلامُ” / المجالسة وجواهر العلم / أبو بكر أحمد بن مروان الدينوري المالكي (ت 333هـ).
ألسنا في زمن يُكتَب على صحيفة أبنائه!!!!..
الغايات السَّاقطة تبيح الوسائل السَّاقطة، فلك أن تحقِّق مجدا زائفا، وإن كان من ورق القمامة وسلة المهملات، وما دامت موازين الاعتدال والإنصاف انقلبت واختلَّت، يصير خَرْق القوانين والدساتير مألوفا، ومعارضة فصول الأحكام الشرعية والاجتماعية، ومخالفة الآداب والتقاليد والأعراف ليس عليها تعزير أو تأديب أو عقاب..
ويصير ما هو متداول مشاع، وإن كان مبتذلا لا يُعاب ولا يُشان، ومن كان من عوامِّ الناس والجُهَّال ذا منزلة رفيعة بين أهل العلم والعلماء، ويُعتدُّ برأيه بين آراء الحُذَّاق، وبمقالته بين مقالات البُلغاء والفٌصَحاء، ويُؤخَذ بأحكامه بلا دليل أو شاهد أو برهان، وممجَّدا ومشرَّفا، يُنصَّب ويُتَوَّج بتاج الحكمة والمهابة والوقار، ويُفْسَح له المجلس كي يعبِّر بحرية وانطلاق، ويكتب ويقول ما يشاء ومتى شاء، وإن أصابه العِيُّ والعجز والإبهام، أو هاجت أحناقه وضاق خناقه، وكان ذا قلم يترجرج كالزِّئبق في كفِّه ويرتعد، ولا يهتدي للصَّواب في تركيب الجمل على التَّمام بلا نقصان، ولا يربط المعاني على وجه الحقِّ والإجادة والإتقان..
ويصير من كان عَيِّلا ووضيعًا، يتجرَّأ على الكلام والبيان وسط الوُجَهاء والكبار، ويتوسَّطهم قمرا ساطعا في زمن خسوف الأقمار، وأسدا في عرين الأشبال، ولا أهلية له بين ليوث العلم وبدوره ..
فيا حسرة على زمن أهل العلم والرئاسة، والحصافة والأدب والبيان، من أنار الله بصيرتهم فتفقَّهوا في دين الله، وساروا على طريقته المثلى خاضعين، وعلى منهاج الأدب والعلم القويم سالكين مريدين، وألجموا ألسنتهم عن قول الباطل والعمل المشين، وصانوا أقلامهم وأقوالهم وأفعالهم عن الحكم بالبهتان والزُّور والافتراء، فاصطفاهم الله تعالى مع من يخشون الله تعالى في حمل أمانة العلم، وتبليغها على الوجه المرضي، فصدق فيهم قول الحق سبحانه : (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)..) سورة فاطر.
قال الإمام مالك: “ينبغي للرجل إذا خُوِّل علماً، وصار رأساً يُشار إليه بالأصابع، أن يضع التُّراب على رأسه، ويمتهِن نفسه إذا خَلا بها، ولا يفرح بالرِّئاسة. فإذا اضطجع في قبره ووسَّد التُّراب رأسه ساءه ذلك كله”.
وَأَنْشَدَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى:
أَلا إِنَّ خَيْرَ الْعَقْلِ مَا حَضَّ أَهْلَهُ … عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى بَدْءًا وَعَاقِبَه
وَلا خَيْرَ فِي عَقْلٍ يَزِيغُ عَنِ التُّقَى … وَيُشْغَلُ بِالدُّنْيَا الَّتِي هِيَ ذَاهِبَهْ
وأَنْشَدَ الْمَدَائِنِيُّ:
عِيُّ الشَّرِيفِ يَشِينُ مَنْصِبَهُ … وَتَرَى الْوَضِيعَ يَزِينُهُ أَدَبُهُ
وكَتَبَ رَجُلٌ إِلَى بَعْضِ الزُّهَّادِ: “أَنَا -أَكْرَمَكَ اللهُ- رَجُلٌ مِنْ إِخْوَانِكَ، قَدْ أَوْبَقَتْنِي ذُنُوبِي وَكَثُرَتْ عُيُوبِي؛ فَأَخْبِرْنِي كَيْفَ يَقِفُ ذُو اللُّبِّ عَلَى مَا يَنْفَعُهُ، وَكَيْفَ يَجْتَنِبُ مِنَ الدُّنْيَا مَا يَضُرُّهُ؟ فَكَتَبَ إِلَيْه: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اعْلَمْ أَيُّهَا الرَّجُلُ أَنَّهُ مَنْ أَبْصَرَ عَيْبَ نَفْسِهِ شُغِلَ عَنْ عَيْبِ غَيْرِهِ، وَمَنْ تَعَرَّى عَنْ لِبَاسِ التَّقْوَى لَمْ يَسْتَتِرْ بِشَيْءٍ مِنَ اللِّبَاسِ، وَمَنْ رَضِيَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَهُ لَمْ يَحْزَنْ عَلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ، وَمَنْ هَتَكَ جِلْبَابَ غَيْرَهُ انْكَشَفَتْ عَوْرَاتُ بَيْتِهِ، وَمَنْ نَسِيَ زَلَلَهُ اسْتَعْظَمَ زَلَلَ غَيْرِهِ، ومن سلم سَيْفَ الْبَغْيِ قُتِلَ، بِهِ وَمَنْ كَابَدَ الأُمُورَ عَطِبَ، وَمَنِ اقْتَحَمَ اللُّجَجَ غَرِقَ، وَمَنْ أُعْجِبَ بِرَأْيِهِ ضَلَّ، وَمَنِ اسْتَغْنَى بِعِلْمِهِ زَلَّ” (المجالسة وجواهر العلم).
ويا حسرة!!!! على أقلام تريق كل يوم ماء وجهها وماء حبرها بلا خجل ولا احتشام، وتشين أديم الذاكرة بدماء ملوثة بعفن الانتهاكات، وما استباحته من الأفكار والآراء والأحكام، وما اغتصبته من شرف الكلمة والحرف، وما نحرته من مذابح السَّرقات بقلب يضخُّ دما بارد النَّخوة والضَّمير..
ويا حسرة!!!! على دورٍ تنشر وتطبع وتوزِّع لأمثال هؤلاء النَّفر الأدعياء، بخسَّة ولُؤْم الطِّباع، قد أرضوا أوعيتهم بالسَّرقات، وملؤوا جيوبهم بالسَّماجة، وأرباح المتاجرة بأرزاق الكُتَّاب الشُّرفاء، ولحقهم داء القحَّة فتناسوا أن الله تعالى يطلع على أفئدتهم، ويعلم أخبارهم وما تخفي صدورهم، ويراقب أقوالهم ويحصي أفعالهم، والملائكة تسجل عليهم كل صغيرة وكبيرة..
وتصلَّبت شرايين ضمائرهم، فعميت بصائرهم وأصابتهم الغفلة، وحملوا على عاتقهم أوزارا يصعب حملها، وحقوقا وديونا يلزمهم دفعها في ميقاتها لأصحابها، على وجه العدل والإنصاف..
وأمنوا مكر الله، وأمنوا الحساب والعقاب، وأمنوا أنهم سيعرضون عليه وقد يكون ذاك قريبا، وتمسكوا بطول الأمل والتسويف، وغرتهم أنفسهم فحالفوا الشيطان، وصاروا من حزبه وجنده، يتشبَّهون بخداعه ومكره، ويلبسون لباسه النَّجِس، ويتلوَّنون بألوان حبائله، ويضعون مصائده وشباكه، ليسقط فيها الكُتَّاب الأبرياء والسُّذج، وأصحاب الأقلام البراعم، ويقع في شرائكهم المنصوبة من لم يتمرَّسوا بعالم سرقاتهم، ولم يخالطوا وسائلهم الرَّخيصة في التجارة، والاتِّصاف بالنفاق والتغرير والخداع..
وتغافلوا عن قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)..) سورة النساء.
وقول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ”.
ومعنى المطل: التأخير؛ أي: تأخير الغني الواجد للمال قضاء ما عليه من الدَّين. قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري 4/543: “وَأَصْلُ المطل الْمَدّ. قَالَ ابن فَارِسٍ: مَطَلْتُ الْحَدِيدَةَ أَمْطُلُهَا مَطْلًا إِذَا مَدَدْتُهَا لِتَطُولَ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْمَطْلُ الْمُدَافَعَةُ. وَالْمُرَادُ هُنَا: تَأْخِيرُ مَا اسْتُحِقَّ أَدَاؤُهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ. وَالْغَنِيُّ مُخْتَلَفٌ فِي تَفْرِيعِهِ، وَلَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا: مَنْ قَدَرَ عَلَى الْأَدَاءِ فَأَخَّرَهُ، وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا”.
فليحذر من أسْلسوا قيادهم للظلم، وغرَّتهم الحياة الدنيا بمباهجها وشهواتها، فلفتوا الأنظار بما ملَّكهم الله عليه، واستلبوا كساء الفخار استِلابا، فصاروا ينشرون، ويطبعون، ويوزعون، لكل اسم مستعار، وفكر مستعار، وشرف وضمير مستعار، ولكل من حُرِّمَ عليهم مجد العلم والانتساب لشرفه، ويرفعون شأن الْمَيْتَة من الأقلام، وما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ من الآراء والأفكار، وَلكل مُنْخَنِقَة ومَوْقوذَة ومُتَردِّية ونطيحة وما أكل السَّبُع بلا خجل ولا احتشام..
كي يغتصبوا أمانة الكلمة اغتصابا، وينتهكوا شرف الثقافة، ويستلبوا عقول النَّاشئة من أبنائنا وبناتنا وهذا الجيل، ويشيعوا بينهم ثقافة مدخولة وأهواء مؤوفة، وأفكارا غير سليمة، كي يمسخوا هويتهم، ويخلعوا عنهم رداء انتسابهم لأصولهم وفروعهم وجذورهم، ولا يظل لهم ما ينتسبون إليه من دين أو لغة أو تاريخ أو حضارة أو ثقافة، إلا ثقافة الأقلام المنصوبة على مشانق الخزي والعار..
وحسبي أن أقول في الختام ما نقل عن أبي الفتح يحيى بن علي بن محمد الكاتب البستي:
فلِلْأُمـــورِ مَـواقـيـتٌ مُـقَـدَّرةٌ .. وكـلُّ أمــرٍ لــه حَــدٌّ ومـيــزانُ
فلا تَكُنْ عَجِلاً في الأمر تَطْلبُه .. فليس يُحْمَدُ قبل النُّضْج بُحْرانُ
يا أيُّها العالِم المَرْضِيُّ سيرَتُهُ .. أَبْشِر فأنت بغيرِ الماء رَيَّاُن
ويا أخا الجَهْلِ لو أصبحتَ في لُجَج .. فأنت ما بينها لا شَكَّ ظَمْآن
ــــــــــــــــــــــــــ
رجاءً شاركني ما أكتبُه، ولا تسرق فلذاتِ قلمي وتغتصب بناتِ أفكاري، فإنَّ للأقلام حرمتها وعزها وشرفها، والكلمة أمانة تُصان، وتُنسب لأصحابها وأهلها، وتسأل ناقِلَها عمَّن نقلها بذكر اسمه، وأصله ونسبه، فاحذر أن تقصر في حقِّها، فهي إما شاهدة لك بالحق أو شاهدة عليك بالباطل..