“دراسة علمية دولية” تسلط الضوء على “هشاشة النظام المائي” في مناطق الجنوب الشرقي بالمغرب
هوية بريس – متابعات
نشرت مجلة “واتير” العلمية الدولية، مؤخرا وللمرة الأولى، دراسة علمية تسلط الضوء وبالتفصيل على هشاشة التوازن المائي، وكذا نوعية وجودة المياه الجوفية المستعملة في الشرب والري الزراعي في منطقة الجنوب الشرقي المغربي التي تعاني بالفعل من إجهاد مائي كبير.
وحسب بلاغ لكلية العلوم والتقنيات بالرشيدية، فإن هذه الدراسة جاءت ثمرة للتعاون الدولي بين جامعة مولاي اسماعيل من خلال كلية العلوم والتقنيات بمدينة الرشيدية وجامعة بواتييه والمركز الوطني للبحوث العلمية بفرنسا، وذلك في إطار بحث تنجزه الأستاذة فاطمة عبد الفاضل، بمشاركة فريق علمي فرنسي.
وأكد المصدر ذاته أنه “لم ينجز سوى عدد قليل جدا من الدراسات العلمية الدقيقة حول التنبؤ بالموارد المائية في جنوب شرق المغرب، مع العلم أن معظم الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية لهذه المنطقة ترتبط وتعتمد بشكل شبه كلي على المياه الجوفية”.
وذكرت الكلية أن المياه تعتبر من “أبرز قضايا وانشغالات معظم دول البحر الأبيض المتوسط، لاسيما بلدان الجنوب، وتعد هذه المادة الحيوية في قلب انشغالاتها على امتداد القرن الواحد والعشرين، حيث تشكل المياه الجوفية لهذه البلدان المورد الطبيعي المتاح والأكبر والأساسي القابل للاستخدام لتغطية حاجيات السكان”.
وأشارت إلى أن هذه الدراسة تبين أيضا أن “نسبة كبيرة من المياه السطحية لا تصل إلى جوف الأرض نتيجة ارتفاع معدل عملية التبخر”، مضيفة أنه “ينتج عن هذه الظاهرة ندرة الموارد المائية، الأمر الذي قد يكون له انعكاس سلبي خطير، في المدى البعيد، على الأنشطة الاقتصادية الرئيسية، مما يدعو إلى تدبير أكثر عقلانية وأكثر صرامة من أي وقت مضى لهذا المورد الحيوي”.
وتم التأكيد أنه ينبغي أن تستخدم نتائج هذه الدراسة العلمية والدراسات المقبلة لتوجيه إدارة استعمال المياه في كل المناطق التي تعاني من الإجهاد المائي.
وأبرز المصدر ذاته أن الجزء الثاني من هذا العمل الأكاديمي العلمي الهام يسلط الضوء على جودة المياه التي يستخدمها السكان في المنطقة، موضحا أن “مياه الشرب هي ذات جودة جيدة، وقد نجد مياه مالحة غير صالحة للشرب نتيجة مرورها بطبقات غنية بالأملاح، أو مياه حامة في بعض المناطق القريبة من المنابع الساخنة أو مياه ذات تركيزات عالية من المواد الكيميائية السامة الضارة بالصحة قرب المناطق المنجمية”.
وذكر بأن المغرب يعرف “تزايدا كبيرا في مؤشرات استعمال المياه الجوفية نتيجة التطور الاقتصادي في عدد من المناطق بما فيها جنوب شرق المغرب، غير أن التطور المتسارع للاحتياجات نتيجة ارتفاع عدد السكان وتعدد مجالات الاستعمال (الشرب، الزراعة والصناعات…) يؤدي إلى استغلال مفرط غير متوازن للفرشة المائية الجوفية، وبالتالي تدهورها كما ونوعا على حد السواء، خصوصا مع توالي سنوات الجفاف المرتبط بتغير المناخ الذي شهده المغرب في السنوات الأخيرة”.
وكنتيجة مباشرة لكل هذه العوامل المتعددة تم تسجيل انخفاض مهول في منسوب الفرشة المائية وتدهور جودتها (ارتفاع نسبة الملوحة).
وأشار البلاغ إلى أن هذه الدراسة العلمية الرائدة تمهد الطريق، لأول مرة، لتقييم أولي لمدى توفر المياه إلى جانب ترسيخ إدارة مستدامة لها من حيث كمية ونوعية هذا المورد.
وأبرز أن هذا الشرط “أصبح أساسيا وأمرا إلزاميا اليوم، وهو من التحديات العالمية الرئيسية في مجال إدارة الموارد الطبيعية”.