درس الهروب الكبير.. حذار من السياسات التي تعمق الهشاشة
هوية بريس – بلال التليدي
لحد الآن لست مقتنعا أن حدث الهروب الكبير من الفنيدق إلى سبتة تم بشكل عفوي ضمن سياق محلي صرف. فهناك مؤشرات عدة تجعل من هذا التوصيف عاجزا عن تفسير مساحات رمادية كثيرة.
وعلى العموم، حين تكون المعلومات غير كافية بالنحو الذي يوجه التحليل بقوة إلى اتجاه معين، يكون الافضل انتظار التحقيقات الأمنية وما ستسفر عنه من نتائج تضم هي الأخرى للمعطيات بما يوضح الصورة أكثر.
لكن، ثمة شيء مذهل وخطير، فالتراكم الذي حصل على مستوى نفس الحدث منذ سنوات، يبين أن عدد الذين استجابوا لنداء 15 شتنبر كان كبيرا جدا، وأتصور أنه لو لم تقم أجهزة الأمن بدورها في منع وصول أعداد أخرى لكنا أمام كارثة خطيرة وأعداد ضخمة وغير مسبوقة.
هذه الحقائق تبين في الحد الأدنى أن هناك بيئة أضحت تتوفر على أعلى مستويات الهشاشة الاجتماعية تسمح بحدوث سيناريوهات خطرة في القادم من الأيام.
أرقام المندوبية السامية حول ارتفاع نسب الفقر وارتفاع نسب عدم الرضا على المستوى المعيشي، يضاف إليها ما يترقب من ازدياد مهول في نسب الهدر المدرسي لسبب إجراءات حمقاء بحذف برنامج تيسير وإلغاء مليون محفظة وتعويضها بدعم 200 أو 300 درهم مقيدة بالدخول المدرسي وبالمؤشر الاحتماعي.
هذه المعطيات إذا أضيف إليها ارتفاع الأسعار وحذف دعم الأرامل، تبين أن هذه البيئة الهشة ستزداد قتامة، وستجعل مهمة أجهزة الأمن جد صعبة ما لم تتحرك مقاربة السياسة وتوجه جزءا أساسيا من ميزانية الدولة للمجتمع بدل أن تضعها في جيوب رجال الأعمال المقربين من أحزاب التحالف الحكومي.