منذ عدة سنوات قرأتُ تصريحا لأحد الحقوقيين المغاربة، وهو يمثل منظمة حقوقية عالمية، طالب فيه بتخصيص مقابر “مدنية” خاصة للملحدين المغاربة المتوفين، حتى لا يدفنوا في مقابر إسلامية وبالطريقة الإسلامية، على اعتبار أن ذلك حق من حقوق الإنسان…
وقد تجدد هذا المطلب خلال الأسابيع الأخيرة، وذلك بمناسبة وفاة شخص عرف بإلحاده ولادينيته وتبرئه من الإسلام والمسلمين.
وهذا مطلب أراه معقولا ومقبولا، لعدة أسباب:
1- لأن المذاهب الفقهية الإسلامية متفقة على أن غير المسلمين لا يجوز دفنهم في مقابر المسلمين، وكذلك لا تجوز صلاة الجنازة على جثامينهم، ولا يجوز إدخالها إلى المساجد أصلا.
2- لأن المقابر الإسلامية هي أرض وقفية محبَّسة على دفن الموتى المسلمين. والتقيد بشروط المحبسين ومقاصدهم واجب بلا خلاف.
3- هذه المسَلَّمات لا تحتاج إلى وصية أو طلب من الملحد أو من أصدقائه وأهل ملته. فالموتى الملحدون -وغير المسلمين عموما- لا مكان لهم في مقابر المسلمين ولا في مساجدهم، حتى لو رغبوا أو رغب أقاربهم في ذلك. ولا يرثهم أقاربهم المسلمون. والعكس كله صحيح أيضا؛ فلا يُدفن المسلم في مقابر غير المسلمين، ولا يرثه قريبه الملحد، ولو كان ابنا أو أبا أو شقيقا…
4- مقابر المسلمين أصبحت مكتظة لا تتسع حتى للمسلمين، فكيف يُزاد فيها الموتى الملحدون، وهم يشكلون إذاية وإهانة للموتى المسلمين.
والنتيجة أن من حق الملحدين أن يَدفنوا موتاهم كيف شاؤوا وأين شاؤوا، بعيدا عن مساجد المسلمين ومقابرهم وطقوسهم. فإن لم يفعلوا، فمن حق المسلمين أن يتعاملوا مع الجثث المتعفنة المهملة بما يحفظ البيئة ويدفع الأذى.