د.بنكيران يكتب عن وهبي: وزير الحداثة ومقاصد الشريعة

20 أبريل 2023 05:29

هوية بريس – د. رشيد بنكيران

استمعت لعرض وزير العدل والحريات الذي ذكر فيه كل شيء إلا شريعة الله الحقيقية ومقاصدها.

والغريب أنه تكرر ذكر مصطلح المقاصد عشرات المرات أثناء عرض الوزير، لكن لا علاقة له بمقاصد الشريعة وبضوابطها المقررة، وإنما أرسلها الوزير إرسالا تخبر عن مقاصد الحداثة مستعملا خطابا دينيا، وهو بصنيعه هذا يقدم قراءة إيديولوجية مكيافلية من الدرجة الأولى دون حياء لمقولة: “لن أحل ما حرم الله ولن أحرم ما أحل الله“.

وزير الحداثة يقرر في عرضه موظفا قياس الأولى أو نفي الفارق؛ أنه لما قيد بعض الفقهاء المباح كتعدد الزوجات لظروف معينة فلا مانع من تقييد الحرام كالزنا مثلا بترخيصه قانونا!!؟
ومع أن الفارق بين تعدد الزوجات وبين الزنا كالفرق بين الحياة والموت، لكن المقاصدي الحداثي لا يرى أن هناك ما يمنع شرعا من الاجتهاد للترخيص قانونا في الزنا مثلا مستدلا بمقاصد الشريعة. فلست أدري أي شريعة ومقاصدها يتحدث عنها الوزير؛ هل عن شريعة الرحمن التي جعلت من المقاصد الضرورية الخمس حفظ الأنساب والأعراض أي تحريم الزنا، أم يتحدث عن شريعة الشيطان التي من ضروريات فلسفتها هتك الأعراض وخلط الأنساب وتشريع الإباحية والزنا!!؟

وزير الحداثة يقرر في عرضه أن من مقاصد الشريعة الإسلامية منع الرق، وسلكت للقضاء عليه أسلوبا تدريجيا، لكن بعض الفقهاء -حسب قوله- رفضوا تحريمه بدعوى الجمود على النص المبيح.

قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏تحتوي على النص '‏مؤسة الفقيه التهواني TITOUANI LAFQUI تحت شعار أحبك يا وطني مؤسسة الفقيه التطواني الأستاذ يف وهبي لحزب الاصالة والمعاصرة لن أحل ما حرم ،الله ولن أحرم ما أحل الله بين الدلالة الشرعية والتوظيف لايديولوجي یو لو جي‏'‏‏

ومع أن ما على هذه الدعوى من ملاحظات، فإن الوزير يخلص إلى أن الذين يرفضون اليوم تغيير نظام الإرث في التعصيب وإقرار مبدأ المساواة بين الذكر والأنثى بدعوى وجود نص محكم قطعي لا يختلفون عن هؤلاء الفقهاء الذين رفضوا قديما تحريم الرق لما طلب منهم ذلك، ووجه الشبه بين الفريقين في نظره هو الجمود على النص الشرعي وانعدام الاجتهاد وإعمال المقاصد.

ولا يخفى على الجميع أن بين المثالين المذكورين فرقا كبيرا، بل لا شبه البتة بينهما؛ فالنصوص التي تعرضت للرق ظنية الدلالة، لكنها واضحة المقصد من حيث أن الشريعة كانت متشوفة لحرية الناس وعدم استعبادهم، ولهذا ضيقت أسباب وجوده وفتحت أسباب زواله بالترغيب في العتق والأمر به عند الوقوع في بعض المخالفات الشرعية ككفارة لها.

أما النصوص التي تعرضت للإرث فهي قطعية الثبوت وقطعية الدلالة، تولى الله عز وجل تفصيلها تفصيلا دقيقا وفرق الأنصبة المذكورة فيها على مستحقيها تفريقا محكما، وسماها وصية من الله وفريضة من لدن عليم حكيم. ولهذا لا يعلم الحكمة أو المقصد من تحديد هذه الأنصبة بهذا القدر وبهذه الطريقة، سواء على سبيل القطع أو على سبيل الظن، سوى أن المال مال الله حقيقة وقد استخلف الله فيه عباده المسلمين، فلا يسعهم إلا أن يخضعوا لحكمه المتضمن لحكمته. ولهذا كانت مطالبة وزير الحداثة بتغيير نظام الإرث بإعمال المقاصد تحريف لمقصد الشارع وتحليل لما حرم الله وتحريم لما أحله.

وأخيرا، كان على وزير الحداثة أن يختصر الطريق ويتجنب العبث، فالعقلاء أو المقاصديون حقا منزهون عن العبث، ويدعو المغاربة إلى دين جديد، أو إلى تشريعات الحداثة صراحة دون لف أو دوران، أما توظيف الخطاب الديني واستعمال المصطلحات الشرعية التي قررها العلماء كالمصلحة أو المقاصد أو الاجتهاد.. فهو توظيف إديولوجي ساسوي للدين ومصطلحاته لن يضعف إلا الحداثة نفسها.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M