رحلة الأساتذة نحو كسر التطبيع مع “الخنوع”

24 ديسمبر 2023 09:46

هوية بريس – عبد السلام المساتي

ما يقع في المرحلة الراهنة من حركية داخل منظومة التعليم يعتبر مفاجئا بطريقة ما، ولا أعتقد أن الدولة توقعته بأي شكل من الأشكال.  فلسنوات طويلة جدا ظلت الجماهير الأستاذية في المغرب ثابتة على واقعها السيء سواء تعلق الأمر بالجانب المادي أو بظروف العمل. لقد كان ثباتا سلبيا غير مفهوم خاصة وأنه صادر عن فئة يُفترض أنها المحرك الأساس للوعي المجتمعي، والمحرك أيضا للفعل الثقافي داخل المجتمع.

نقصد القول أن الاستاذ ظل لسنوات محصورا داخل زاويته المظلمة منتظرا لراتبه الشهري الهزيل، ولاحقا لترقيته البطيئة، الهزيلة، والمبكية. ظل هذا الأستاذ أيضا مقيدا بمذكرات لا تنتهي، يوقعها في صمت غير مبال إن كانت تقوده نحو الانحصار أكثر في زاويته ولا حتى إن كانت تقوده نحو الانحدار للهاوية. وجميعنا نتذكر مذكرة “البستنة”. هذا فضلا عن المهام الكثيرة وساعات العمل الطويلة التي تتجاوز الثلاثين ساعة اسبوعيا بالنسبة لأساتذة التعليم الابتدائي، دون أن ننسى ساعات العمل بالمنزل لتجهيز الدروس وتصحيح الامتحانات ودفاتر الدروس…

هذا الواقع السلبي والتفاعل السلبي للأساتذة بدأ ينجلي قليلا مع ظهور احتجاجات الأساتذة المتدربين أو ما عرف بفوج الكرامة، الذي غير نسبيا رؤية المجتمع للأستاذ برغم من النهاية الأنانية لاحتجاجاتهم بعد أن تُرك الأساتذة المرسبين لوحدهم في الساحة، والذين نتمنى ان ينصفهم الحوار الجاري حاليا بإعادتهم جميعا لمكانهم الطبيعي وهو القسم. بعدها بسنتين ظهرت الحركة الاحتجاجية الاقوى داخل المنظومة التربوية في المغرب والتي أعادت الاعتبار للمشهد التعليمي، طبعا القصد هنا احتجاجات الاساتذة المفروض عليهم التعاقد المطالبين بالإدماج في الوظيفة العمومية.

هذه الاحتجاجات المستمرة لأزيد من 5 سنوات، لم توقفها الاقتطاعات ولا التوقيفات… قلت هذه الاحتجاجات أنتجت لنا جيلا جديدا من الاساتذة المتحررين من القيود والمتمردين على الزوايا المظلمة التي انحصر فيها باقي الاساتذة لعقود طويلة. هذا التحرر لم تعكسه الوقفات الاحتجاجية فقط بل تجسد بعمق في البيانات والبلاغات الناضجة المكتوبة بلغة راقية والمحملة بأفكار ورؤى بالغة الأهمية البعيدة عن المطالب السطحية التي لطالما ميزت الاحتجاجات الفئوية.

لا نقول أن الأساتذة المفروض عليهم التعاقد هم المحرك الاساس للإضرابات الحالية التي سببها إصدار النظام الاساسي الجديد، لكننا نقول أن نهضة الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد هي التي بعثت الروح في الجسم الأستاذي وأخرجته من سباته لتنطلق رحلة الجميع نحو تكسير التطبيع مع “الذل والخنوع” عبر تجسيد الاضراب للأسبوع الثامن الآن رفضا لمرسوم تم قبول أسوء منه خلال السنوات التي سبقت 2015. ما يعني أن النظام الأساسي لم يرفض لأنه اسوء من المخطط الاستعجالي، ولا اسوء من الميثاق الوطني للتربية والتكوين… لكنه جاء في مرحلة أعيد فيها بناء الفكر الاستاذي ليصبح بمقدوره لعب دوره في أن يكون قدوة المجتمع والمحرك للفعل الثقافي داخله.

 

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. للأسف لم نسمع الأساتذة، ولا غيرهم، يوما يتكلمون عن المناهج والبرامج وما يطرأ عليها من تغييرات تؤثر بشكل سلبي على تعلم أبنائنا، خاصة مادة التربية الإسلامية، فبالأمس كنا نتخرج من الابتدائي وقد حفظنا سبعة أحزاب من القرآن الكريم حفظا متقنا مع الدروس النافعة في الآداب الإسلامية والعبادات، وقل مثل ذلك في اللغة العربية ومادة التاريخ، …

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M