رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أمه -رحمهما الله- حين اعتذر لها عن بعده عنها وما قيل في ردها عليه
هوية بريس – عبد الله المصمودي
هذه رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أمه -رحمهما الله- حين اعتذر لها عن بعده عنها، واشتغاله بالإقامة في مصر لأجل شؤون العلم والدعوة.
كِتَابُ الشَّيْخِ إلَى وَالِدَتِهِ يَقُولُ فِيهِ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مِنْ أَحْمَد بْنِ تَيْمِيَّة إلَى الْوَالِدَةِ السَّعِيدَةِ، أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَيْهَا بِنِعَمِهِ، وَأَسْبَغَ عَلَيْهَا جَزِيلَ كَرَمِهِ، وَجَعَلَهَا مِنْ خِيَارِ إمَائِهِ وَخَدَمِهِ.
سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ. وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
فَإِنَّا نَحْمَدُ إلَيْكُمْ اللَّهَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، وَهُوَ لِلْحَمْدِ أَهْلٌ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
وَنَسْأَلُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ، مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.
كِتَابِي إلَيْكُمْ عَنْ نِعَمٍ مِنْ اللَّهِ عَظِيمَةٍ، وَمِنَنٍ كَرِيمَةٍ، وَآلَاءٍ جَسِيمَةٍ، نَشْكُرُ اللَّهَ عَلَيْهَا، وَنَسْأَلُهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ. وَنِعَمُ اللَّهِ كُلَّمَا جَاءَتْ فِي نُمُوٍّ وَازْدِيَادٍ، وَأَيَادِيهِ جَلَّتْ عَنْ التَّعْدَادِ.
وَتَعْلَمُونَ أَنَّ مُقَامَنَا السَّاعَةَ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ، إنَّمَا هُوَ لِأُمُورِ ضَرُورِيَّةٍ مَتَى أَهْمَلْنَاهَا، فَسَدَ عَلَيْنَا أَمْرُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا. وَلَسْنَا وَاَللَّهِ مُخْتَارِينَ لِلْبُعْدِ عَنْكُمْ، وَلَوْ حَمَلَتْنَا الطُّيُورُ لَسِرْنَا إلَيْكُمْ، وَلَكِنَّ الْغَائِبَ عُذْرُهُ مَعَهُ، وَأَنْتُمْ لَوْ اطَّلَعْتُمْ عَلَى بَاطِنِ الْأُمُورِ، فَإِنَّكُمْ -وَلِلَّهِ الْحَمْدُ- مَا تَخْتَارُونَ السَّاعَةَ إلَّا ذَلِكَ، وَلَمْ نَعْزِمْ عَلَى الْمُقَامِ وَالِاسْتِيطَانِ شَهْرًا وَاحِدًا، بَلْ كُلَّ يَوْمٍ نَسْتَخِيرُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ، وَادْعُوا لَنَا بِالْخِيَرَةِ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ أَنْ يَخِيرَ لَنَا وَلَكُمْ وَلِلْمُسْلِمِينَ، مَا فِيهِ الْخِيَرَةُ فِي خَيْرٍ وَعَافِيَةٍ.
وَمَعَ هَذَا فَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ وَالرَّحْمَةِ، وَالْهِدَايَةِ وَالْبَرَكَةِ، مَا لَمْ يَكُنْ يَخْطُرُ بِالْبَالِ، وَلَا يَدُورُ فِي الْخَيَالِ، وَنَحْنُ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَهْمُومُونَ بِالسَّفَرِ، مُسْتَخِيرُونَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. فَلَا يَظُنُّ الظَّانُّ أَنَا نُؤْثِرُ عَلَى قُرْبِكُمْ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا قَطُّ. بَلْ وَلَا نُؤْثِرُ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ مَا يَكُونُ قُرْبُكُمْ أَرْجَحَ مِنْهُ. وَلَكِنْ ثَمَّ أُمُورٌ كِبَارٌ، نَخَافُ الضَّرَرَ الْخَاصَّ وَالْعَامَّ مِنْ إهْمَالِهَا. وَالشَّاهِدُ يَرَى مَا لَا يَرَى الْغَائِبُ.
وَالْمَطْلُوبُ كَثْرَةُ الدُّعَاءِ بِالْخِيَرَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَلَا نَعْلَمُ، وَيَقْدِرُ وَلَا نَقْدِرُ، وَهُوَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ اسْتِخَارَتُهُ اللَّهَ، وَرِضَاهُ بِمَا يَقْسِمُ
اللَّهُ لَهُ، وَمِنْ شَقَاوَةِ ابْنِ آدَمَ: تَرْكُ اسْتِخَارَتِهِ اللَّهَ، وَسُخْطُهُ بِمَا يَقْسِمُ اللَّهُ لَهُ”، وَالتَّاجِرُ يَكُونُ مُسَافِرًا فَيَخَافُ ضَيَاعَ بَعْضِ مَالِهِ فَيَحْتَاجُ أَنْ يُقِيمَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ أَمْرٌ يُجَلُّ عَنْ الْوَصْفِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ كَثِيرًا كَثِيرًا، وَعَلَى سَائِرِ مَنْ فِي الْبَيْتِ مِنْ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ، وَسَائِرِ الْجِيرَانِ وَالْأَهْلِ وَالْأَصْحَابِ وَاحِدًا وَاحِدًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا”.
ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ (48/28).
ومما يروى ويتداول عبر مواقع إلكترونية وغيرها حول رسالة جوابية من أم شيخ الإسلام رحمها الله، فإنها غير مثبتة في فتاوى ابن تيمية رحمه الله كما يشاع، ولم نجدها في مصدر معتمد، كما أن عباراتها معاصرة.
ننقلها لكم بنصها:
“بسم الله الرحمن الرحيم
ﺃﺭﺳﻞ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻳﺔ ـﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ- ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻷﻣﻪ، ﻳﻌﺘﺬﺭ ﻟﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﺑُﻌْﺪِﻩِ ﻋﻨﻬﺎ ﻷﻳﺎﻡ ﻭﺇﻗﺎﻣﺘﻪ ﻓﻰ ﻣﺼﺮ ﻟﺒﻌﺾ ﺷؤوﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ.
ﻓﻠﻤﺎ ﻭﺻﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺭﺩﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻣﻪ ﻓﻘﺎﻟﺖ:
“ﻭﻟﺪﻱ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﺍﻟﺮﺿﻲّ / ﺃﺣﻤﺪ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ
ﻭﻋﻠﻴﻚ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ ﻭﻣﻐﻔﺮﺗﻪ ﻭﺭﺿﻮﺍﻧﻪ
ﻓﺈﻧﻪ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺭﺑﻴﺘﻚ، ﻭﻟﺨﺪﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻧﺬﺭﺗﻚ، ﻭﻋﻠﻰ ﺷﺮﺍﺋﻊ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻤﺘﻚ؛
ﻭﻻ ﺗﻈﻨﻦَّ ﻳﺎﻭﻟﺪﻱ ﺃﻥ ﻗﺮﺑﻚ ﻣﻨﻲ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻲ ﻣﻦ ﻗﺮﺑﻚ ﻣﻦ ﺩﻳﻨﻚ ﻭﺧﺪﻣﺘﻚ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﺷﺘّﻰ ﺍﻷﻣﺼﺎﺭ؛
ﺑﻞ -ﻳﺎ ﻭﻟﺪﻱ- ﺇﻥَّ ﻏﺎﻳﺔ ﺭﺿﺎﺋﻲ ﻋﻠﻴﻚ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻟﺪﻳﻨﻚ ﻭﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺇﻧﻲ -ﻳﺎ ﻭﻟﺪﻱ- ﻟﻦ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﻏﺪﺍً ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻦ ﺑﻌﺪﻙ ﻋﻨﻲ، ﻷﻧﻲ ﺃﻋﻠﻢ ﺃﻳﻦ ﻭﻓﻴﻢ ﺃﻧﺖ ﻭﻟﻜﻦ -ﻳﺎ ﺃﺣﻤﺪ- ﺳﺄﺳﺄﻟﻚ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﺣﺎﺳﺒﻚ ﺇﻥ ﻗﺼّﺮﺕ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺧﺪﻣﺔ ﺃﺗﺒﺎﻋﻪ ﻣﻦ ﺇﺧﻮﺍﻧﻚ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻚ، ﻭﺃﻧﺎﺭ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ ﺩﺭﺑﻚ، ﻭﺳﺪﺩ ﺧﻄﺎﻙ، ﻭﺟﻤﻌﻨﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺇﻳﺎﻙ ﺗﺤﺖ ﻇﻞ ﻋﺮﺵ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ، ﻳﻮﻡ ﻻ ﻇﻞ ﺇﻻ ﻇﻠﻪ.
ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎته”.
نعم الام
الأم مدرسة
كما قال شوقي